بعد معالجة الشيخوخة لدى الفئران.. هل يمكن للبشر الخلود كمصاصي الدماء؟
بعد معالجة الشيخوخة لدى الفئران.. هل يمكن للبشر الخلود كمصاصي الدماء؟
تمكن العلماء في مختبر "علم الأحياء الجزئية" التابع لكلية الطب في جامعة "هارفارد" برئاسة الباحث "ديفيد سنكلير"، من إعادة الفئران المصابة بالشيخوخة للشباب مرة أخرى، وأطلق على هذا التأثير مسمى "بنيامين بوتون"، نسبة إلى فيلم "The Curious Case Of Benjamin Button" وهو فيلم من إنتاج عام 2008، أدى دور البطولة فيه “براد بيت” ويتناول قصة رجل يولد مسنًا في دار رعاية المسنين ويصغر كلما تقدم بالعمر.
مصاصو الدماء وعلاج سنكلير
وأشار سنكلير، إلى أنه مع استمرار التغييرات لمدة أشهر في الفئران، فإن الخلايا المتجددة لا تتجمد بمرور الوقت ولا تتقدم في العمر أبدًا "مثل مصاصي الدماء"، ويتم تكرار العملية مع تقدم الفئران في العمر.
وأكد أن هذه الدراسات ستحتاج إلى سنوات قبل التأكد من أن التدخل الجيني الذي أعاد تنشيط الفئران سيفعل نفس الأمر بالنسبة للبشر.
كيف تعمل؟
وفقًا لتقارير صحفية، فقد استطاع سنكلير وفريقه تحديد عدد من البروتينات التي تحول خلايا الشيخوخة في الفئران إلى خلايا قادرة على التجدد، وأصبح بإمكان الفئران العجوزة التي تعاني من ضعف في البصر وتضرر في شبكية العين، أن ترى مرة أخرى برؤية قد تنافس الفئران الأصغر سنًا في بعض الأحيان.
تحدث سنكلير على خشبة المسرح في مؤتمر Life Itself 2022، وهو حدث متخصص للصحة والعافية تم تقديمه بالشراكة مع CNN.
سنكلير الذي أمضى 20 عاما في دراسة طرق لعكس مسار الوقت، وضح "إذا عكسنا الشيخوخة، فلا ينبغي أن تحدث هذه الأمراض، لدينا اليوم تكنولوجيا لنكون قادرين على الوصول لعمر مئات السنين، دون القلق بشأن الإصابة بالسرطان في السبعينيات من العمر، وأمراض القلب في الثمانينيات من العمر، وألزهايمر في التسعينيات من العمر".
هل سيخلد الإنسان بهذا التقنية؟
وقال سنكلير: "إن الطب الحديث يعالج المرض، إلا أنه لا يعالج السبب الكامن وراءه وهو الشيخوخة، وسيكون تأخير الشيخوخة وعكس مسارها في المستقبل هو أفضل طريقة لعلاج الأمراض التي تصيب معظمنا".
وأضاف سنكلير: "إذا عكسنا الشيخوخة، فلا ينبغي أن نصاب بالأمراض، لدينا من التكنولوجيا ما يجعلنا قادرين على الوصول إلى عمر الـ100 دون قلق بشأن الإصابة بالسرطان في الـ70 من العمر وأمراض القلب في الـ80، وألزهايمر في الـ90، يعالج الطب الحديث المرض إلا أنه لا يعالج السبب الكامن وراءه ألا وهو الشيخوخة.
في مختبر سنكلير، يجلس اثنان من الفئران، أحدهما ما زال في عمر الشباب والأخرى عجوز وهزيلة، ومع ذلك فإنهما أخ وأخت، وتم تعديل الأنثى وراثيًا لتتقدم في السن بشكل أسرع.
سأل سنكلير فريقه، إذا كان من الممكن القيام بذلك، فهل يمكن تحقيق العكس أيضًا؟ كان الدكتور شينيا ياماناكا -باحث ياباني في الطب الحيوي- قد أعاد بالفعل برمجة خلايا جلد الإنسان البالغ لتتصرف مثل الخلايا الجذعية الجنينية، الخلايا التي تتولد منها جميع الخلايا الأخرى التي تؤدي الوظائف المتخصصة والقادرة على التطور إلى أي خلية في الجسم، وحصل اكتشافه عام 2007 على جائزة نوبل، وسرعان ما أصبحت "الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات" تُعرف باسم "عوامل ياماناكا".
عادت الخلايا البالغة إلى الخلايا الجذعية من خلال عوامل يامانكا، لكنها فقدت هويتها، لذلك استمرت الدارسة والبحث لحل هذه المشكلة، وأظهرت دراسة نُشرت في عام 2016 من قبل باحثين في معهد سالك للدراسات البيولوجية في لا جولا بكاليفورنيا، أن علامات الشيخوخة يمكن محوها في الفئران، من خلال تعريضها في فترة قصيرة لأربعة عوامل رئيسية من عوامل ياماناكا، دون محو هوية الخلايا، لكن كان هناك جانب سلبي في هذا البحث: ففي مواقف معينة، أصيبت الفئران المعدلة بأورام سرطانية.
لذلك اختار علماء الوراثة في مختبر سنكلير، 3 من العوامل الأربعة وأضافوها وراثيًا إلى فيروس غير ضار، تم تصميم الفيروس لإيصال عوامل يامانكا المجددة إلى خلايا الشبكية التالفة في الجزء الخلفي من عين فأر مسن، وبعد حقن الفيروس في العين، تم تشغيل الجينات متعددة القدرات عن طريق تغذية الفأر بمضاد حيوي.
ونشرت وسائل إعلامية أجنبية على لسان سنكلير "المضاد الحيوي مجرد وسيلة للتأكد من تشغيل الجينات الثلاثة، والتي يتم تشغيلها فقط في الأجنة النامية الصغيرة جدًا ثم يتم إيقاف تشغيلها مع تقدمنا في العمر".
وبشكل مثير للدهشة، تجددت الخلايا العصبية التالفة في عيون الفئران المحقونة بالخلايا الثلاث، بل نمت محاور جديدة، أو نتوءات من العين إلى الدماغ، وبعد نجاح التجربة، قال سنكلير إن مختبره عكس الشيخوخة في عضلات وأدمغة الفئران ويعمل الآن على تجديد جسم الفأر بالكامل".
وأضاف "نعتقد أننا نستفيد من نظام تجديد قديم تستخدمه بعض الحيوانات، عندما تقطع طرف سمندل، فإنه ينمو من جديد، وسينمو ذيل السمكة مرة أخرى، وسينمو إصبع الفأر مرة أخرى، مؤكدًا أن هذا الاكتشاف يشير إلى وجود نسخة احتياطية من معلومات النضارة مخزنة في الجسم".
نصائح سنكلير
قدم سنكلير مجموعة من النصائح لإطالة العمر، مثل التركيز على نوعية النظام الغذائي واستهلاك الخضار والفاكهة والبروتينات الحيوانية وعلى رأسها الأسماك البحرية، كما أكد أهمية تقليل الوجبات واتباع نظام الصيام المتقطع نظرا لكونه يحسن من أداء الخلايا العصبية.
واعتبر سنكلير الحصول على قسط كافٍ من النوم وممارسة الرياضة أحد الأركان الأساسية لمحاربة الشيخوخة، حيث تُحسن الرياضة من الحالة النفسية بنفس الدرجة التي تحسنها ممارسة التأمل، والذي بدوره يؤخر عجلة التقدم بالعمر حيث إن الأشخاص المتفائلين يعيشون مدة أطول من غيرهم.