من دراسة علوم الفضاء للإعدام.. قصة طالب مغربي قاتل مع أوكرانيا فحاكمته روسيا

من دراسة علوم الفضاء للإعدام.. قصة طالب مغربي قاتل مع أوكرانيا فحاكمته روسيا

من طالب في أوكرانيا لأسير يواجه حكمًا بالإعدام في روسيا، قصة قصيرة وحزينة تلخص مسيرة الشاب المغربي، إبراهيم سعدون.

ظهر الشاب إبراهيم سعدون والمواطنان البريطانيان شون بينر وأندرو هيل في إبريل الماضي، بمحكمة بجمهورية دونيتسك الشعبية بأوكرانيا والتي تدعمها روسيا، في اتهامهم بارتكاب جرائم حرب وإرهاب. 

وإبراهيم سعدون يحمل الجنسية الأوكرانية، بحسب والده، الذي أوضح أن نجله حصل عليها، كونه طالب منحة في المعهد الوطني لعلوم الفضاء.

وقاتل الشباب الثلاثة إلى جانب القوات الأوكرانية، إلا أن سعدون استسلم في منتصف مارس الماضي في مدينة فولنوفاكا الشرقية، بينما استسلم بينر وأسلين للقوات الموالية لروسيا في ميناء ماريوبول الجنوبي في منتصف إبريل الماضي.

يحاكمون كمرتزقة

المحكمة وجدت أن الثلاثة أسرى مذنبون، مشيرة إلى أنهم عملوا للإطاحة "العنيفة" بالسلطة، وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام في الجمهورية الشرقية غير المعترف بها، كما أدانتهم بارتكاب أنشطة المرتزقة والإرهاب. 

وبينما حاكمت المحكمة الشبان الثلاثة على أساس كونهم مرتزقة أجانب، أكد المتهمون وعائلاتهم أنهم كانوا يعيشون في أوكرانيا بشكل قانوني وقاتلوا رسميًا مع أوكرانيا، مما يمنحهم الحماية لكونهم أسرى حرب شرعيين، مشمولين باتفاقية جنيف.

 

حددت إحدى فقرات المادة الرابعة من اتفاقية جنيف طبيعة أسرى الحرب، والذين يقعون في قبضة "العدو"، بينهم: أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءا من هذه القوات المسلحة، وأفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى"، فيما أكدت المادة الخامسة من الاتفاقية اعتبار تلك الفئات أسرى ابتداء من وقوعهم في يد "العدو" إلى أن يتم الإفراج عنهم وإعادتهم إلي الوطن بصورة نهائية، وهو ما ينطبق على سعدون.

إلا أن وكالة الأنباء الروسية التي تديرها الدولة، "ريا نوفوستي"، قالت إن الشباب الثلاثة أقروا بالذنب، فيما زعم مسؤولون موالون لموسكو أن أفعالهم "أدت إلى مقتل وإصابة مدنيين"، فضلاً عن "تدمير البنية التحتية". 

وفيما سيكون لدى سعدون والشابان الآخران شهر لاستئناف الحكم، قالت وكالة الأنباء الروسية إن الحكم قد يخفض إلى 25 عاما أو السجن مدى الحياة إذا قبل الطعن، أما حال رفضه فسيواجهون حكم الإعدام رميًا بالرصاص.

مرتزق أم مواطن أوكراني

ظهر والد الطالب الأوكراني ويدعى طاهر سعدون، وقال لصحيفة "Madar 21" المغربية على الإنترنت: "إن ابنه ليس مرتزقا وإنه يحمل الجنسية الأوكرانية، أكدت عائلات أسلين وبينير أن ابنيهما كانا عضوين في الخدمة لفترة طويلة في الجيش الأوكراني. 

وأضاف سعدون والد الطالب المعتقل: "نجلي يدرس في السنة الثالثة بكلية الديناميات وتكنولوجيا علوم الفضاء، مضيفًا: "ابني طالب متميز ورائع يجب أن يفخر به المغرب".  

ورفض طاهر تسمية نجله بـ"المرتزق" ذلك الوصف الذي تنسبه إليه بعض وسائل الإعلام الروسية، مشيرًا إلى أن ابنه "أسير حرب مدني ولم يشارك في الحرب، بل عمل مترجمًا عندما أُجبر على البقاء في دونباس عقب اندلاع الحرب".   

الأب المكلوم يقول: "كان ابني قائد المجموعة لأنه يتحدث الروسية بكل لهجاتها، وحاول الاتصال بالموالين للروس، وقدم نفسه بملابس مدنية ولم يكن يرتدي ملابس عسكرية".   

وأكد طاهر في بيانه أنه في القانون الدولي الإنساني، "يجب معاملة الأفراد الذين يقدمون أنفسهم على أنهم مدنيون كأسرى حرب وليس مرتزقة"، مشيرًا إلى أن الشاب "تمكن من الفرار وسلم نفسه للروس". 

مطالبات بإنقاذ “سعدون” من الإعدام

الحكم على سعدون بالإعدام رميًا بالرصاص، أثار رواد "السوشال ميديا"، خاصة أصدقاء إبراهيم.

قالت زينة كوتينكو، صديقة المغربي إبراهيم سعدون، من منزلها الجديد في شمال إنجلترا، بعد فرارها من أوكرانيا عقب الغزو الروسي: "ينبغي على المملكة المتحدة أن تتدخل لصالح سعدون".

ولفتت كوتنيكو، في تصريحات إعلامية، إلى أنها التقت لأول مرة بسعدون البالغ من العمر 21 في ملهى ليلي في كييف، ووصفته بأنه شخص "لطيف ومنفتح ومرح". 

وذكرت كوتينكو أن سعدون تم قبوله في الجيش الأوكراني بعد محاولات عديدة، نظرا لأنه يعاني من نقص في الوزن. 

في المقابل، لم تعلق الحكومة المغربية على قضية إبراهيم سعدون، فيما ذكر والده، في تصريحات صحفية، أن ابنه كان طالبا يتابع دراسته في أوكرانيا قبل أن يشترك في القتال بشكل شرعي. 

دميترو خرابستوف، البالغ من العمر 20 عاما، هو صديق آخر التقى سعدون في حفلة قبل الحرب الروسية، وقد أطلق حملة باستخدام وسم "#SaveBrahim"على مواقع التواصل الاجتماعي.

وذكر خرابستوف أن سعدون انضم إلى الجيش الأوكراني العام الماضي، وقال لأصدقائه إنه يريد "أن يموت كبطل". 

وأفاد خرابستوف، في تصريح لوكالة "AP" الأمريكية، بأن "سعدون رجل ذكي ومتحمس، يحلم بتكنولوجيا المستقبل وكيف يمكنه تغيير الأشياء".

إدانات دولية

قالت المتحدثة رافينا شامداساني باسم مكتب حقوق الإنسان للصحفيين في جنيف إن: "مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يشعر بالقلق إزاء ما يسمى بالمحكمة العليا لجمهورية دونيتسك الشعبية التي أعلنت نفسها حكم الإعدام على 3 جنود".

وأضافت: "هؤلاء كانوا مواطنين من دول أجنبية تم أسرهم في ماريوبول لكونهم مرتزقة، ووفقًا للقيادة الرئيسية لأوكرانيا، كان جميع الرجال جزءًا من القوات المسلحة الأوكرانية، إذا كان الأمر كذلك، فلا ينبغي اعتبارهم مرتزقة".   

وأدانت وزارة الخارجية البريطانية الحكم ووصفته بأنه "حكم زائف بلا شرعية على الإطلاق"، فيما قال المتحدث باسم رئيس الوزراء بوريس جونسون جيمي ديفيز إنه بموجب اتفاقيات جنيف، يحق لأسرى الحرب التمتع بالحصانة كمقاتلين.  

وعبرت ألمانيا عن "صدمتها" بشأن أحكام الإعدام، قائلة: "بصفتهم مقاتلين هم أسرى حرب ويحق لهم التمتع بحماية خاصة بموجب اتفاقية جنيف، وهذا يظهر مرة أخرى تجاهل روسيا الكامل للقانون الإنساني الدولي".   

وطلبت جمعية الصداقة المغربية الروسية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التدخل لدى المحكمة لأسباب إنسانية، لعدم متابعة الحكم على سعدون.    

وقال مراقبون إن المحاكمة "صورية"، مشيرين إلى أن التهم الموجهة إلى الشباب الثلاثة "ملفقة" وضعت على "محاكاة محاكمة الجنود الروس في أوكرانيا".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية