خبراء: تفكيك الاتحاد الأوروبي احتمال وارد في ظل تخفيض إمدادات الغاز الروسي
خبراء: تفكيك الاتحاد الأوروبي احتمال وارد في ظل تخفيض إمدادات الغاز الروسي
لم تتوقع أوروبا بفرضها عقوبات صارمة على الدب الروسي بسبب الحرب الأوكرانية الروسية، "أن ينقلب السحر على الساحر"، لتصبح هي أول المتضررين.
فخلافا لدهاء يتمتع به الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فإن بلاده تغطي 40% من احتياجات أوروبا للغاز، مما يجعله المتحكم الأكبر في اقتصاديات دول أوروبا جمعاء، وهو ما استغله بدوره كـ"كارت" رابح في لعبة الحرب التي تديرها أمريكا من خلال أوكرانيا.
أزمة أوروبا تفاقمت فور إعلان شركة غازبروم الروسية العملاقة للغاز أنها ستخفض مزيدا من عمليات التسليم إلى أوروبا.
واعتبر مسؤول ألماني أن روسيا تلعب "لعبة ماكرة" بخفض إمدادات الغاز، ورفضت المفوضية الأوروبية ادعاء الشركة الروسية بأنها قطعت الإمدادات لأنها كانت بحاجة إلى وقف تشغيل التوربينات.
ومؤخرًا وقعت مصر اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لتصدير الغاز، حيث ذكر وزير النفط المصري طارق الملا أن بلاده تصدر إلى أوروبا 500 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يوميا.
ووفقا للإحصائيات، لن تستطيع مصر وحدها سد احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي التي تعتمد بنسبة 40% تقريبا على الغاز الروسي، حيث تصدر روسيا ما يقرب من 110 ملايين متر مكعب عبر أوكرانيا يوميا "1 متر مكعب = 35.3147 قدم مكعب"، وحوالي 170 مليون متر مكعب في اليوم تدخل ألمانيا عبر "نورد ستريم".
ونقلت وكالة فرانس برس عن رئيس الوزراء التشيكي يوزف سيكيلا، الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي الثلاثاء، قوله إن خفض شحنات الغاز الروسي الذي أعلنته مجموعة "غازبروم"، هو "دليل جديد" على أن أوروبا يجب أن "تحد من اعتمادها على الإمدادات الروسية بأسرع وقت ممكن".
وقال سيكيلا، قبل اجتماع مع نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل للاتفاق على خطة للحد من استهلاك الغاز في التكتل، إن "الوحدة والتضامن هما أفضل سلاحين لدينا ضد (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتن" مضيفا "إنني واثق من أننا سنظهر ذلك اليوم"، وفقا لفرانس برس.
ووفقًا لتقارير صحفية متخصصة، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه في حال قيام روسيا بقطع إمدادات الغاز عن دول الاتحاد، فإن أكثر السيناريوهات سوءًا تشير إلى إمكانية تقلص النمو في المنطقة بنسبة تصل إلى 1.5% إن كان الشتاء القادم باردًا ولم يتمكن الاتحاد من توفير بدائل مناسبة للطاقة.
“جسور بوست” استطلعت آراء متخصصين في الشأن الاقتصادي، عن تأثير تخفيض إمدادات الدب الروسي الغاز إلى أوروبا.
(2).jpg)
استدانة أوروبا وتفكيك الاتحاد
قال أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية، الدكتور جمال القليوبي: "إن ما أعلنته روسيا من خفض الإمدادات كان ردًا على زيارة أمريكا للخليج، وبسبب تبعية أوروبا لأمريكا تبعية عمياء تضر باليورو، ولأول مرة يتساوى اليورو مع الدولار مؤخرا، وهو دليل على تضرر الاقتصاد الأوروبي، كذلك تضر كثيرًا الاقتصاد الفرنسي بسبب التبعية لحلف الناتو والتبعية العمياء للولايات المتحدة الأمريكية".
وعن مدى تأثير خفض إمداد الغاز لأوروبا أضاف: "سوف يؤدي إلى تأثير سلبي كامل خاصة فيما يتعلق بالكهرباء، حوالي 20 دولة سوف تعاني في عدة أشياء أولها نقص إمدادات الغاز الطبيعي خاصة دخول فصل الشتاء خلال شهر ونصف من الآن، ثانيًا تضرر كثير من الصناعات بسبب إمدادات الطاقة وارتفاع أسعارها مما أدى إلى توقف كثير من المصانع التي تستطيع أن تُصدر سلعا للخارج مما يؤثر سلبًا على مستوى ضخ الأموال لدى البنك الفيدرالي الأوروبي، مما يضطر معه أن يلجأ الأخير إلى الاقتراض لأول مرة، وليس هناك ملجأ لهم سوى البنك الفيدرالي الأمريكي وأشك في إقراضهم لما يسببه من تضخم لدى أمريكا كبير عما كانت تتوقعه من تأثير زيادة الفائدة على الدولار، أو أن يتنازل الاتحاد الأوروبي عن منهجية الاتحاد فنسمع قريبًا انفصال دول مثل ألمانيا، والمرجح أن يهوي قريبًا إن لم يكن له إنجاز في الفترة المقبلة".

الألمان أكثر الدول المتأثرة
قال الخبير الاقتصادي الدولي، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، رشاد عبده: “إن ما تفعله روسيا من شأنه تركيع أوروبا بعد خفض إمدادات الغاز، والألمان أكثر الدول المتأثرة بسبب سياساتها المعاقبة للدب الروسي، فمن قبل التخفيض أعلنت ألمانيا إلغاء عدد من الصناعات المهمة التي تستهلك كميات كبيرة، بخلاف دولة مثل المجر التي رفضت توقيع العقوبات الروسية والانصياع لمطالب أمريكا بخصوص ذلك الشأن، المجر الآن يتم توريد الغاز إليها وبالكميات التي تريدها”.
وتابع: “تحاول أوروبا الآن ترشيد استهلاكها من إنارة يافطات وترشيد استهلاك التكييف، دون جدوى حتمًا سيؤثر ما يحدث على قوتها التصديرية، والأخطر تكلفة التصدير ذاتها، حيث إن المنافس الصيني يستورد الغاز بتكلفة منخفضة بنسبة 30%، وبالتالي ستكون تكلفة المنتج الصيني أقل من تكلفة المنتج الألماني وعليه سعر بيعه أرخص كثيرًا وسيكون عليه الإقبال”.
.jpg)
وتابع: "يزيد الأمر خطورة، ارتفاع درجات الحرارة وتأثر البحار بها ما أثر على معدلات التضخم، وبسبب ذلك توجد مظاهرات في بعض الدول مثل بريطانيا وألمانيا وانقطاع عن العمل للمطالبة بزيادة المرتبات لمواجهة التضخم، الحياة تتوقف، كل هذا انعكاس خطير على أوروبا، لقد اضطرت أوروبا تحت الضغط الروسي عليها إلى العودة لوسائل بدائية تضر البيئة مثل استخدام الفحم، لمجرد معاندة روسيا، وسينعكس ذلك تباعًا على أزمة التغيرات المناخية والأموال التي كان من المفترض ضخها لدعم الأزمة من قبل أوروبا، العالم جميعه سيتأثر وفي مقدمته أوروبا".