بعد ظهوره في الصين.. طاعون القرون الوسطى يهدد حياة البشر
بعد ظهوره في الصين.. طاعون القرون الوسطى يهدد حياة البشر
في الوقت الذي يصارع فيه العالم جائحة "كوفيد-19"، التي تمثل أصعب أزمة واجهتها البشريةمنذ الحرب العالمية الثانية، خفقت قلوب شعوب العالم قلقا فور إعلان السلطات الصينية تسجيل إصابات بالطاعون الدبلي، وسط مخاوف من إمكانية تفشي هذا المرض على نطاق واسع، خاصة في ظل وضع اقتصادي سيئ يمر به العالم تأثرًا بالجائحة والحرب الروسية الأوكرانية.
وتنبع تلك التخوفات من ذاكرة يحفظها العالم جيدًا، حيث مثَّل الطاعون لفترة طويلة وباء البشرية الأول الذي حصد أرواح الملايين، ولا تزال الكثير من مناطق العالم تصاب به من آن لآخر حتى الآن.
ويعد من الأمراض المعدية والمميتة في حال لم يتم علاجه، وينتج عن بكتيريا يطلق عليها اسم "يرسينيا"، وتعيش في بعض الحيوانات وخصوصا القوارض والبراغيث.
وللمرض أسماء كثيرة، فيطلق عليه "الموت العظيم، والموت الأسود، والطاعون الأسود".
ووفقًا لتقارير صحفية فقد تسبب في مقتل نحو 50 مليون شخص في أكبر 3 قارات بالعالم، وهي إفريقيا وآسيا وأوروبا، وذلك خلال القرن الرابع عشر، وأودى بحياة خُمس عدد سكان لندن في عام 1665، في حين لقي أكثر من 12 مليون شخص مصرعهم بسبب المرض في الصين والهند، في القرن التاسع عشر.
وتعد حالات الإصابة بالطاعون الدبلي الآن نادرة، لكن لا تزال هناك بعض حالات الانتشار للمرض من حين لآخر، حيث شهدت مدغشقر ظهور أكثر من 300 حالة إصابة بالمرض خلال تفشٍ له في عام 2017، لكن دراسة أجرتها مجلة "لانسيت" الطبية حينها وجدت أن عدد الوفيات كان أقل من 30 شخصا.
وفي مايو من عام 2019، توفي شخصان في منغوليا بعد تناولهما لحم المرموط النيئ، غير أنه من المستبعد أن تقود أي من الحالات التي ظهرت إلى انتشار الوباء.
جدير بالذكر أنه في الفترة بين عام 2010 وعام 2015 تم الإبلاغ عن 3248 حالة إصابة في شتى أرجاء العالم، فضلا عن تسجيل 584 حالة وفاة.
(4).jpg)
الطاعون معدٍ ويؤدي للوفاة
قال أستاذ علم الفيروسات بجامعة الزقازيق، الدكتور أحمد شاهين: “إن الطاعون عدوى بكتيرية خطيرة ومعدية يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، يحدث بسبب بكتيريا حيوانية المصدر توجد عادة في بعض القوارض (مثل: الفئران) والثدييات الصغيرة وبراغيثها، يصاب البشر بعد عضهم بواسطة برغوث يحمل بكتيريا الطاعون أو عن طريق التعامل مع حيوان مصاب به”.
وأضاف: يوجد علاج فعال له بمجرد تشخيصه بشكل مبكر وذلك بالمضادات الحيوية، لا يوجد لقاح لمنعه لكن هناك إرشادات يجب اتباعها، وهو أنواع، الطاعون الدبلي (العقدي): الأكثر شيوعًا ويتصف بعقد ليمفاوية متضخمة، وفي المراحل المتقدمة من العدوى يمكن أن تتحول الغدد الليمفاوية إلى قروح مفتوحة مملوءة بالصديد، كما أن انتقال الطاعون الدبلي من إنسان إلى آخر أمر نادر الحدوث، والطاعون الرئوي يعتبر الأكثر خطورة، حيث يمكن أن تكون فترة الحضانة قصيرة تصل إلى مدة 24 ساعة، حيث إن أي شخص يعاني الطاعون الرئوي قد ينقل المرض عن طريق الرذاذ المتطاير في الهواء إلى البشر الآخرين، وإذا لم يتم تشخيصه وعلاجه مبكرًا فيمكن أن يسبب الوفاة، حيث يحدث بسبب بكتيريا (يرسينيا بيستيس)، وهي بكتيريا حيوانية المصدر توجد عادة في بعض القوارض "مثل: السناجب، أو كلاب البراري، أو الفئران"، والثدييات الصغيرة وبراغيثها.

الإصابة الأولى بالطاعون في التاريخ
ورصدت تقارير صحفية ما صرح به الدكتور بن كراوس-كيورا، من جامعة "كيل" في ألمانيا، عن رفات الرجل الذي مات قبل نحو 5300 عام، إنه "أول ضحايا الطاعون تم التعرف عليه".
ورجح الدكتور كراوس-كيورا أن يكون الرجل قد تعرّض لعضّة من قارض، ما تسبب في إصابته بالبكتيريا، ووفاته بعد أيام أو أسبوع.
ويشير العلماء إلى انتشار السلالة القديمة من الطاعون منذ ما يقارب سبعة آلاف عام، مع بدء انتشار الزراعة في وسط أوروبا.
ويرجح العلماء انتقال البكتيريا من حين لآخر من الحيوانات إلى البشر، دون التسبب في انتشار واسع للمرض.
ومع مرور الوقت، باتت البكتيريا تصيب البشر وتطورت في النهاية إلى الشكل المعروف باسم "الدملي"، الذي ينتشر عن طريق البراغيث وتفشى في أوروبا خلال العصور الوسطى، متسببا في وفاة الملايين.
وتشكل فكرة الانتشار البطيء للسلالات المبكرة من الطاعون تحديا للعديد من النظريات المرتبطة بتطور الحضارة الإنسانية في أوروبا وآسيا.
.jpg)
وتثير شكوكا حول الفرضية القائلة بأن المرض تسبب في انخفاض أعداد كبيرة من السكان في أوروبا الغربية في نهاية العصر الحجري الحديث.
ورحّب علماء بالدراسة الجديدة التي نشرتها مجلة "سال ريبورتس"، لكنهم قالوا إنها لا تستبعد إمكانية انتشار الطاعون على نطاق واسع في أوروبا في ذلك الوقت.
ويصاب البشر عادة بالطاعون بعد أن يلدغهم برغوث قارض يحمل بكتيريا المرض، أو عن طريق التعامل مع حيوان مصاب.