خبراء: الاتجار بالبشر جريمة يسهلها الإنترنت وتجب محاربتها بقوانين صارمة

خبراء: الاتجار بالبشر جريمة يسهلها الإنترنت وتجب محاربتها بقوانين صارمة

طور الإنسان نفسه وأدواته لتسهيل أموره الحياتية، فاخترع الإنترنت وصمم شبكات للتواصل عابرة للقارات تسمى" شبكات التواصل الاجتماعي"، إلا أن -كما يقولون- "العلم سلاح ذو حدين"، حيث استخدمت تلك الأشياء أيضًا للإضرار بالبشر والاتجار بهم، بل على العكس سهلت تلك الأدوات العملية وكذلك الإفلات من العقاب.

وتعرف الأمم المتحدة الاتجار بالأشخاص، بأنه "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف".

ووضحت الأمم المتحدة عبر تقرير لها، أن الاتجار أيضًا يشمل: “إعطاء أو تلقّي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال”. 

ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرًا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرِّق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء".

وأوردت تقارير صحفية أنه في عام 2018، اكتشف 5 آلاف ضحية من ضحايا الاتجار بالبشر، أبلغت عنهم 148 دولة، واستغل 50% من الضحايا المكتشفين في أغراض جنسية، في حين استغل 38% منهم في العمل القسري. 

وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة، لم تزل الضحايا من الإناث يشكلن المستهدفات الأساسيات، وتشكل النساء 46% والفتيات 19% من جميع ضحايا الاتجار بالبشر، وعلى الصعيد العالمي، كان 1 من كل 3 ضحايا من الأطفال، فيما تضاعفت نسبة الأطفال بين ضحايا الاتجار المكتشفين 3 مرات، بينما زادت نسبة الأولاد 5 مرات على مدار السنوات الـ15 الماضية.

أنواع الاتجار بالبشر

وفقًا لموقع "الإنتربول" فإن الاتجار بالبشر ينقسم إلى عدة أنواع، منه ما هو من أجل الأنشطة الإجرامية القسرية، ويسمح هذا النوع من الاتجار للشبكات الإجرامية بجني أرباح مجموعة متنوعة من الأنشطة غير المشروعة دون المخاطرة، وتضطر الضحايا إلى تنفيذ مجموعة من الأنشطة غير القانونية، والتي بدورها تولد الإيرادات، ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة السرقة، أو زراعة المخدرات، أو بيع السلع المقلدة، أو التسول القسري، وغالباً ما تكون للضحايا حصص نسبية ويمكن أن يواجهوا عقوبة قاسية إذا لم يؤدوا أداءً كافياً. 

أيضًا أورد التقرير أن من تلك الأنواع، الاتجار بالنساء للاستغلال الجنسي، ويؤثر هذا الشكل السائد للاتجار في كل منطقة في العالم، إما كبلد مصدر أو بلد عبور أو بلد مقصد، إن النساء والأطفال من البلدان النامية، ومن القطاعات الضعيفة من المجتمع في البلدان المتقدمة، تغريهم الوعود بالعمل اللائق ومغادرة منازلهم والسفر إلى ما يعتبرونه حياة أفضل. 

وكثيراً ما يتم تزويد الضحايا بوثائق سفر مزورة وتُستخدم شبكة منظمة لنقلهم إلى بلد المقصد، حيث يجدون أنفسهم مجبرين بالاستغلال الجنسي ومحتجزين في ظروف غير إنسانية ورعب مستمر.

ومن أنواعه أيضًا تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر لاستئصال الأعضاء في العديد من البلدان، وتكون قوائم الانتظار لعمليات الزرع طويلة جداً، وقد انتهز المجرمون هذه الفرصة لاستغلال يأس المرضى والجهات المانحة المحتملة، وهنا تكون صحة الضحايا، وحتى حياتهم معرضة للخطر حيث يمكن إجراء العمليات في ظروف سرية دون متابعة طبية. 

عقوبات صارمة

قال أستاذ علم الاجتماع طه أبو حسين: "إن الاتجار بالبشر لا يعني أخذ عضو من جسم إنسان وبيعه، وإنما المعنى يتسع ليشمل استغلال حاجة الإنسان المادية بدعوى مساعدته ويتسبب في قتله في البحار، كذلك زواج القاصرات، فهو كل ما يتصل بالتربح المادي من وراء كرامة الإنسان دون علمه أو موافقته، وتنتشر تلك العمليات في المجتمعات الفقيرة بشكل أوسع، كذلك المجتمعات الخالية من قوانين صارمة تحميه من تلك العملية، فلا بد أن تكون يد للدول رادعة ومسيطرة قانونًا، بالتوازي مع عمل توعية ثقافية بخطورة مثل هذه الأمور".

وتابع: "هذه مسائل مجرمة ومخلة بكرامة الإنسان ومخالف للتشريعات الإلهية التي من شأنها احترام الإنسان، فتكريم الإنسان إرادة إلهية وهو بتلك العملية يهدر ما أكرمه الله ويحوله إلى سلعة، لا بد أن يكون هناك حماية قانونية قوية، تضيق أبوابا وثغرات على من يريد التفلت من خلالها مثل مسألة التبرعات الطبية، بالطبع هناك قوانين للحماية، وما نطالب به هو تطبيق تلك القوانين بصرامة وعلى الجميع، مع نشر الوعي الثقافي والديني".

وعن خطورتها قال: "إهدار كرامة وحق الإنسان حيث تحوله إلى دولاب، يبيع كليته وفي العام القادم يبيع جزءا من كبده وهكذا، هذه أمور تؤثر سلبًا في مورد هام وهو المورد البشري، فيجب ألا ترفع يد القانون عن تلك الجريمة".

الاتجار جريمة 

قال أستاذ القانون الدولي، نبيل حلمي: "إن الاتجار بالبشر عملية مخالفة للقانون الدولي خاصة في مجال حقوق الإنسان، لأنه يمكن أن يكون إما بعد وفاة المتبرع أو قبل وفاته، فإذا كان بعد وفاته فلا بد أن يكون قد ترك وصية للتبرع بأعضائه بعد وفاته، ويفصل فيها الأطباء بتوقف الجذع وإذا تأكدت الوفاة فيمكن أن تعطى لإنسان على قيد الحياة وحالته لا تسمح باستمرارها، إلا إذا أخذ العضو المتبرع به".

وتابع "هناك شروط للتبرع متى تحققت فإنه تعتبر عملية إنسانية، وهناك صورة أخرى عبارة عن التبرع للاتجار ببيع الأطفال أو جزء من أعضاء الشخص كالكبد بمقابل مادي، هذا متفق عليه أنه عملية غير إنسانية ولا يجوز التبرع بها، خاصة إذا تسبب هذا النوع من التبرع في وفاة الشخص المتبرع أو الإضرار به".

وعن مكافحة الاتجار بالبشر دوليًا قال: “إن القانون الدولي -من خلال الاتفاقيات الدولية واتفاقات حقوق الإنسان- يراعي صحة الإنسان واحترام جسده طوال حياته، وكذلك تمنع القوانين المحلية التبرع إذا كان هناك ضرر يقع على المتبرع أو عدم سماح بنقل الأعضاء”. 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية