الـ"دارك ويب".. الباب الملكي لعالم الجرائم على الإنترنت

الـ"دارك ويب".. الباب الملكي لعالم الجرائم على الإنترنت

باستخدام محرك بحث مجهول يُعرف باسم "Tor"، تُفتح أبواب عالم الجريمة وتجارة السلاح والمخدرات وبيع الأعضاء البشرية واستغلال الأطفال جنسيا على مصراعيها، عبر الشبكة العنكبوتية "الإنترنت".

ورغم أن هدف استخدامه في البداية جاء لتوفير حرية التعبير عن الرأي، إلا أن الإنترنت المظلم بات موطئ قدم، لمرتكبي الجرائم بعيدا عن تعقب الشركات أو الدول الكبرى لمستخدمي الإنترنت.

و"دارك ويب" واحد من 3 أنواع للإنترنت، أولها "سرفيس ويب" الذي يُستخدم في المواقع العادية، والثاني "ديب ويب" الذي يحوي معلومات سرية أو مسربة تتعلق بحكومات الدول، وكان من ابتكار وزارة الدفاع الأمريكية لإنشاء شبكة سرية تتيح تبادل المعلومات بين الجواسيس مع إخفاء هوياتهم.

لكنها فيما بعد نشرت المشروع باسم (The Onion Router) أو ما يعرف اختصارا بـ Tor، وبات مفتوح المصدر ويسمح لأي جهة أخرى بالتطوير فيه دون أي مقابل أو إذن مسبق.

وأصبح "دارك ويب" جزءا صغيرا من "ديب ويب"، لكنه يحتوي على مواقع متخصصة في تجارة الأعضاء البشرية والجنس والقتل وبيع السلاح وتجارة المخدرات وغيرها من الجرائم المشينة.

وتعمل هذه المواقع بنظام الدعوات، فلا يستطيع أي شخص الدخول إلى الموقع أو تصفح محتواه ما لم يحصل على دعوة من عضو فاعل في الموقع، كما لا يمكن الوصول إلى مواقع "دارك ويب" إلا من خلال محركات بحث معينة أبرزها "Tor".

الوجه الدموي للإنترنت

وفي عام 2013 تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالي بالولايات المتحدة (FBI) من توقيف "إريك أوين ماركيز" أشهر مرتكب جرائم إلكترونية بالعالم، موجها إليه عدة اتهامات، بينها الإعلان عن مواد إباحية متعلقة بالأطفال على "دارك ويب".

واعترف "إريك" بهذه التهم بعد 7 سنوات من التحقيقات، والتي كشفت أنه عمل على تسهيل إساءة معاملة أكثر من مليون طفل، ونشر ملايين الصور والمقاطع المصورة لهذه الانتهاكات الحقوقية والإنسانية الجسيمة.

في مطلع عام 2021 أعلنت النيابة العامة في كوبلنتس بألمانيا، تفكيك أكبر سوق لتلك الشبكات المظلمة في العالم، والتي استُخدمت لبيع المخدرات والعملات المزورة والاستغلال الجنسي لملايين الأطفال.

وكشفت التحقيقات آنذاك أن موقع "دارك ماركت" كان أكبر سوق في العالم على "دارك ويب" بواقع 500 ألف مستخدم، وأكثر من 2400 بائع، وأبرمت فيه 320 ألف صفقة على الأقل عبر العملات الرقمية بقيمة إجمالية تصل إلى 140 مليون يورو (نحو 143 مليون دولار).

و"دارك ماركت" هو عبارة عن مواقع على الإنترنت تقدم خدمات بث مباشر لمقاطع تعذيب وقتل واغتصاب مدفوعة الثمن، كفيديوهات لضحايا مقيدين أثناء عملية تعذيبهم على يد ملثمين إلى أن يصل الأمر أحيانًا إلى القتل بعد تقطيع الأعضاء البشرية.

كما كانت تنتشر عليه أيضا العمليات الإباحية، خاصة التي يكون أبطالها من الأطفال والقصر (أقل من 18 عاما) إذ تشير البيانات إلى أن نحو 80% من الأنشطة في عالم الـ"ديب ويب" تكون من نصيب استغلال الأطفال جنسيا.

وتنتقي "دارك ويب" ضحاياها من الأيتام والأطفال المشردين واللاجئين والمهاجرين بطرق غير شرعية، حيث تستغل فقرهم واحتياجهم للمال وأوضاعهم الإنسانية البائسة.

أرقام وإحصاءات

وبحسب دراسات وتقارير دولية، يشكل العالم السري لمواقع الـ"دارك ويب" أكثر من 90% من مساحة الافتراضية للشبكة العنكبوتية في العالم.

وبحسب مجلة "إنفو سكيوريتي" المتخصصة في الشؤون الأمنية، فقد تزايد حجم أعضاء منتدى الإنترنت المظلم أثناء تفشي جائحة كورونا مطلع عام 2020، إذ ارتفع عدد الزوار بنسبة 44% على العام السابق عليه.

ووفق أحدث بيانات في 2020، شهدت عائدات التعاملات على مواقع "دارك ويب" ارتفاعًا ملحوظًا لتصل إلى 1.5 مليار دولار، مقارنة بـ1.3 مليار دولار في عام 2019.

كما تجرى عمليات الشراء على تلك المواقع عن طريق "العملات المشفرة"، و"البيتكوين" هي العملة الأولى عالميا عليه.

ومن أبرز أنواع المعاملات على تلك الشبكة المظلمة، الاتجار بالمخدرات، والأسلحة، وترويج البرمجيات الخبيثة كبرامج الفيروسات، وتجارة الأعضاء البشرية، وأدوات للجرائم الإلكترونية، والاستغلال الجنسي للأطفال.

وتتم التعاملات على تلك الشبكة دون الكشف عن هوية أي من أطراف المعاملة، والوسيط هو المسؤول عن التسليم، وتظل نقود المشتري تحت تصرفه حتى يتم تأكيد الاستلام.

قرصنة واختراق

حذر  خبير أمن المعلومات المهندس أحمد السخاوي، لـ"جسور بوست"، من خطورة تلك المواقع المظلمة، مؤكدا صعوبة الرقابة والتتبع سواء من خلال الأفراد أو الحكومات.

وقال السخاوي: "عادة ما يتم الإيقاع بالعاملين في الدارك ويب، من خلال ما يسمى بـ(المصائد الإلكترونية) وهناك 5% فحسب من مستخدميها يتم الإيقاع بهم أو توقيفهم".

وأوضح أن "نسبة مستخدمي المواقع المظلمة يعد ما يقارب نحو 97% من إجمالي مستخدمي الإنترنت العادي في العالم، وهناك حوالي 80% من تلك المواقع تعمل في أعمال القرصنة والاختراق".  

وأضاف السخاوي: "يتم ابتزاز الأفراد أو الجماعات أو الكيانات الاقتصادية والمالية الكبرى من خلال أعمال القرصنة والاختراق التي يقوم بها مستخدمو المواقع المظلمة على الشبكة العنكبوتية".

ورغم محاولات الحكومات لحظر تلك المواقع، فإن ذلك لم يحد كثيرًا من تجارة السلع غير المشروعة، بل يتحول المشترون والبائعون إلى مواقع أخرى، لما تحققه الشبكة المظلمة لهم من قدر كبير من الخصوصية وإخفاء الهوية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية