«الإيكونوميست»: «ترامبونوميكس» يهدد استقرار الاقتصاد العالمي

«الإيكونوميست»: «ترامبونوميكس» يهدد استقرار الاقتصاد العالمي
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

أشارت مجلة “الإيكونوميست”، إلى أن السياسات الاقتصادية التي اتبعها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والمعروفة باسم “ترامبونوميكس”، قد يكون لها تداعيات واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي مع قرب عودته إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية في يناير المقبل.

وتتضمن سياسات “ترامبونوميكس” تقليص الضرائب وإلغاء التنظيمات الاقتصادية، وهي إجراءات لاقت ترحيبًا من أسواق الأسهم والسندات في الولايات المتحدة، حيث ساعدت في تعزيز النشاط الاستثماري على المدى القصير، ومع ذلك، تشير “الإيكونوميست” إلى أن الأثر على الاقتصاد العالمي قد لا يكون بنفس الإيجابية، بل قد يتسم بالتعقيد وينطوي على مخاطر.

من أبرز المخاوف التي طرحتها المجلة أن تطبيق هذه السياسات بشكل مكثف قد يعيد إشعال النزاعات التجارية مع دول رئيسية، فقد شهدت فترة ترامب الرئاسية الأولى صدامات تجارية مع شركاء اقتصاديين كبار، بما في ذلك الصين والاتحاد الأوروبي، مما أثر على سلاسل التوريد العالمية وأدى إلى حالة من عدم اليقين الاقتصادي.

وقد تعيد عودة ترامب للرئاسة مع سياساته التقليدية إطلاق دوامة من الحمائية الاقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى تداعيات سلبية على التجارة الدولية، وتؤثر بشكل خاص على الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على الاستقرار في التدفقات التجارية.

التعريفات الجمركية

فرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على الصين و10-20% على باقي العالم قد يؤدي إلى نزاع تجاري شامل، وفي ظل هذه السياسات، قد تتعرض سلاسل الإمداد العالمية لتقلبات حادة، فإغلاق الحدود التجارية ورفع تكاليف الاستيراد قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق العالمية، مما يؤثر سلبًا على نمو الاقتصاد العالمي، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن تكاليف تلك الرسوم قد تتراوح بين مئات المليارات من الدولارات.

أسواق العمل العالمية

وبحسب مجلة "الإيكونوميست"، فقد تضر السياسات الداخلية للولايات المتحدة، مثل ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، بأسواق العمل في العديد من الدول، حيث يعتمد قطاع الزراعة الأمريكي، على سبيل المثال، على نحو نصف العمالة التي لا تمتلك وضعًا قانونيًا، هذا النقص في القوى العاملة سيؤدي إلى زيادة في تكاليف الإنتاج وارتفاع الأسعار، مما ينعكس على اقتصاديات الدول التي تتعامل مع الولايات المتحدة بشكل وثيق.

من المتوقع أن تزداد صعوبة الأوضاع الاقتصادية في العديد من الدول النامية بسبب ارتفاع قيمة الدولار، إذ سيؤدي رفع أسعار الفائدة إلى زيادة تكاليف الديون المترتبة على هذه الدول، كما أن السياسة الاقتصادية الأمريكية قد تساهم في تقليص فرص النمو في الأسواق الناشئة، التي ستواجه صعوبات في جذب الاستثمارات بسبب ضعف قدرتها على التكيف مع التغيرات السريعة في الأسواق العالمية.

المكسيك والدول الأوروبية

تعتبر المكسيك واحدة من أكثر البلدان عرضة لتأثيرات ترامبونوميكس، خاصةً في ظل السياسات التجارية والهجرية لترامب، فقد تضررت المكسيك من رفع التعريفات الجمركية على صادراتها إلى الولايات المتحدة، وهو ما سيسهم في تراجع صناعتها التصديرية.

وبالنسبة لأوروبا، فتتجه الأنظار إلى تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة بسبب الفائض التجاري الأوروبي، يتوقع أن تعيش أوروبا في مرحلة من المفاوضات المعقدة مع الإدارة الأمريكية، التي قد تفرض عليها المزيد من الرسوم الجمركية.

التنافس الأمريكي الصيني

من المتوقع أن تؤدي السياسات التجارية الأمريكية إلى تصعيد التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم، فقد أشار مستشارو ترامب إلى أن التنافس بين الولايات المتحدة والصين سيكون محوريًا في السياسات الاقتصادية الخارجية.

قد يخلق هذا التوتر تحديات كبيرة في سلاسل الإمداد العالمية، مما يفرض على الدول الأخرى أن تجد طرقًا للتكيف مع هذا الانفصال المتزايد بين أمريكا والصين.

الاستعداد للتغيرات القادمة

نصح خبراء الاقتصاد الدول العالمية بالاستعداد للتغيرات القادمة نتيجة للسياسات الأمريكية الجديدة، فقد بدأت بعض الدول، مثل الاتحاد الأوروبي، بتوجيه استثمارات ضخمة في مجالات الدفاع والذكاء الصناعي، لكنها ما زالت متأخرة في تعزيز الأسواق الداخلية.

أما الصين، فقد أخرت تحفيز الطلب المحلي، مما قد يزيد من تعقيدات الوضع الاقتصادي العالمي.

ورغم التفاؤل السائد في بعض الأوساط الاقتصادية الأمريكية، فإن تأثيرات ترامبونوميكس على الاقتصاد العالمي قد تكون غير مستقرة، يتوقع الخبراء أن تتأثر أسواق الدول النامية بشكل كبير، بينما ستجد بعض الدول الكبرى نفسها مضطرة للتعامل مع تحديات جديدة في التجارة الدولية والديون.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية