«واشنطن بوست»: استقلال الاحتياطي الفيدرالي يحمي الحقوق الاقتصادية للمواطنين
«واشنطن بوست»: استقلال الاحتياطي الفيدرالي يحمي الحقوق الاقتصادية للمواطنين
اعتبر بيتر ر. أورزاج، الرئيس التنفيذي لشركة "لازارد" المالية العالمية، أن استقلال الاحتياطي الفيدرالي من العوامل الأساسية التي تساهم في حماية الحقوق الاقتصادية للمواطنين، إذ يعد البنك المركزي الأمريكي حجر الزاوية في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الأمريكي.
وأضاف أورزاج، في مقال له بصحيفة «واشنطن بوست"، اليوم الاثنين، أنه من خلال اتخاذ قرارات بعيدة عن الضغوط السياسية، يستطيع الاحتياطي الفيدرالي ضبط معدلات الفائدة وإدارة السياسات النقدية بطريقة تساهم في تقليل التضخم، وبالتالي حماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وأضاف أن القرار الذي اتخذته الإدارة القادمة برئاسة دونالد ترامب بعدم محاولة عزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، إيجابي ليس من باب الالتزام بالأعراف السياسية في واشنطن، بل لأن الأدلة العملية تشير إلى أن البنوك المركزية المستقلة تساهم في تقليل التضخم.
التجربة التركية
واعتبر أورزاج، أن تجربة تركيا مثال يوضح أهمية استقلال البنوك المركزية، من عام 2005 حتى منتصف عام 2018، تراوحت نسبة التضخم في تركيا حول 10%، وفي السنوات التالية، قام الرئيس رجب طيب أردوغان بإقالة عدد من محافظي البنك المركزي الذين حاولوا مكافحة التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة، وكانت النتيجة فقدان الثقة في استقلالية البنك المركزي التركي، مما أدى إلى زيادة التضخم ليصل إلى أكثر من 85%.
وأشار معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن تهديد استقلال الاحتياطي الفيدرالي قد يؤدي إلى زيادة التضخم في الولايات المتحدة بنسب تتراوح بين 4% و6%.
وأظهرت الدراسات أن التضخم سيرتفع بمقدار ثلاث نقاط مئوية سنويًا مقارنة بمعدل التضخم الحالي الذي يبلغ نحو 2.5% في السنوات القليلة القادمة، ثم سيظل مرتفعًا بمقدار نقطتين مئويتين بعد ذلك.
وقال إن الجميع يعلم أنه عندما يحين الوقت لرفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، قد لا تلتزم بوعدك لأن ذلك قد يؤذي الاقتصاد، وفي مثل هذه الحالات، يترسخ في أذهان الناس أن التضخم سيزداد في المستقبل، مما يجعل هذه التوقعات تحقق ذاتها، ويؤدي ذلك إلى تسريع حدوث التضخم حيث يطالب العمال بزيادة الأجور، وتزيد الشركات الأسعار لمواجهة الارتفاع المتوقع.
كيفية تجنب هذا المسار
أفضل وسيلة لتجنب هذا المسار هي تفويض تحديد أسعار الفائدة إلى بنك مركزي مستقل، فهذا يساهم في تقليل التضخم بشكل أكبر مقارنة بمحاولات التدخل المباشر في أسعار الفائدة.
وأظهرت دراسات في الثمانينيات والتسعينيات أن الاقتصادات المتقدمة التي تتمتع بقدر أكبر من استقلالية البنك المركزي قد شهدت في المتوسط انخفاضًا في التضخم، على سبيل المثال، كشفت دراسة أجراها أليكس كوكييرمان من جامعة تل أبيب أن "الاستقلالية القانونية تمثل عاملًا مهمًا ومؤثرًا في استقرار الأسعار في الدول الصناعية"، وذلك بسبب المصداقية التي يوفرها الاستقلال السياسي.
تحديات ومفارقات
رغم أن هذه النتائج دعمت استقلالية البنوك المركزية، فإن الأدلة لم تكن دائمًا غير قابلة للنقض، ففي بعض الدراسات، لم تدعم البيانات الفرضية القائلة بأن البنوك المركزية المستقلة تتمتع بقدرة أكبر على الحفاظ على استقرار الأسعار، علاوة على ذلك، وجدت بعض الدراسات نتائج متناقضة تشير إلى أن البنوك المركزية المستقلة قد لا تكون أكثر مصداقية في بعض الحالات.
وعلى الرغم من التحديات، أظهرت الأبحاث الحديثة أن البنوك المركزية المستقلة تساهم في تقليل التضخم، على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجراها كل من آنا كارولينا جاريغا وسيزار رودريغيز أن الدول النامية التي زادت استقلالية بنوكها المركزية منذ عام 1980 شهدت انخفاضًا في التضخم بشكل عام.
إشراف الكونغرس على الاحتياطي
تشير الأدلة إلى أن الحفاظ على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي سيساهم في تقليل التضخم في الولايات المتحدة، وهو أمر يدركه الفريق الاقتصادي للإدارة القادمة.
وبدلاً من الضغط المباشر من البيت الأبيض، تميزت الولايات المتحدة في تاريخها بالاعتماد على الكونغرس في ممارسة الضغط على الاحتياطي الفيدرالي، كما أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق بول فولكر في شهادته الشهيرة: "الكونغرس هو الذي أنشأنا، والكونغرس يمكنه إلغاؤنا".
ويرى أورزاج أن إشراف الكونغرس على البنك المركزي، من خلال جلسات استماع وتشريعات إصلاحية، يتغير وفقًا للظروف الاقتصادية، ويعد هذا الأسلوب متوافقًا مع التقاليد السياسية الأمريكية ولا يعطل استقلالية البنك المركزي بشكل جوهري.