«واشنطن بوست»: قرار بايدن تخفيف عقوبة الإعدام يواجه تحديات حقوقية
يعكس تحولًا في السياسة الأمريكية
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الاثنين، عن قرار تخفيف عقوبة الإعدام لـ37 سجينًا اتحاديًا، لم يكن مجرد عمل يهدف إلى العفو عن أشخاص مدانين بجرائم، بل كان خطوة تهدف إلى تعديل السياسة الأمريكية بما يتماشى مع بقية دول العالم الديمقراطية التي تخلت بشكل كبير عن تنفيذ عقوبة الإعدام كوسيلة للعدالة.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، اتخذ بايدن هذه الخطوة الاستثنائية استنادًا إلى سلطته في تخفيف العقوبات، لكنها لم تكن كافية، حيث ظل ثلاثة رجال على قائمة الإعدام الفيدرالية، وقد يكون هناك المزيد منهم في المستقبل.
واعترف الرئيس بايدن في تصريحاته بأن الأشخاص الذين تم تخفيف عقوبتهم ارتكبوا جرائم خطيرة، حيث كان من بينهم مجرمون مدانون بعمليات إطلاق نار جماعي أو هجمات إرهابية.
وأشار إلى أن معظم الأمريكيين لا يزالون يؤيدون عقوبة الإعدام، على الرغم من انخفاض الدعم لها في السنوات الأخيرة، ومع ذلك كان قرار بايدن بتخفيف العقوبة عن هؤلاء السجناء يعني أنه قرر عدم التراجع عن عقوبة الإعدام بالكامل، بل ترك ما اعتبره "أسوأ الجرائم" قيد التنفيذ.
وترى "واشنطن بوست" أنه على الرغم من ذلك، لا يمكن تجاهل ما تثيره عقوبة الإعدام من مشاكل، فهي تعد مكلفة وغير عملية وغالبًا ما يتم تطبيقها بشكل غير عادل، وحتى إذا كانت عقوبة الإعدام خالية من هذه المشاكل، فإن الدولة يجب ألّا تتبنى سياسة قتل الأفراد إلا في حالات الحرب أو النزاعات المماثلة، يتعين على الدولة أن تكون أفضل من أولئك الذين يقتلون الأشخاص بشكل متعمد ودون مبرر.
تراجع الإعدامات
شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في عدد عمليات الإعدام في الولايات المتحدة، وهو ما يعكس تحولًا في الرأي العام ضد هذه الممارسة، ولكن عام 2024 أظهر إشارات على أن هذا الاتجاه قد بدأ بالتراجع.
ووعد الرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بتوسيع نطاق عقوبة الإعدام، في الوقت الذي أظهرت فيه البيانات أن عدد الإعدامات في الولايات المتحدة بدأ في الارتفاع بعد انخفاضه في السنوات الماضية.
بلغ عدد عمليات الإعدام في الولايات المتحدة 25 عملية في عام 2024، وهو ارتفاع طفيف عن العام الذي قبله، وهو يزيد بأكثر من ضعفين عن أدنى مستوى سجّلته عمليات الإعدام في الثلاثين عامًا الأخيرة، والذي تم في 2021.
ويرجع ذلك جزئيًا إلى الجهود التي بذلها مسؤولو الولايات التي تديرها الأحزاب الجمهورية لإعادة تفعيل عقوبة الإعدام، فقد نفذت ثلاث ولايات هذا العام، وهي يوتا وكارولاينا الجنوبية وإنديانا، عمليات إعدام لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان.
إحياء عقوبة الإعدام في بعض الولايات
جربت ولاية ألاباما هذا العام أيضًا طريقة جديدة لتنفيذ عقوبة الإعدام، حيث استخدمت غاز النيتروجين لخنق السجناء، وكان كينيث سميث، أول شخص يتم إعدامه باستخدام هذه الطريقة، حيث عانى من نوبات تشنج وضيق في التنفس لمدة أربع دقائق قبل وفاته، وبعد الإعدام، دعا المدعي العام لولاية ألاباما، ستيف مارشال، الولايات الأخرى إلى تبني نفس الطريقة.
وشهد هذا العام أيضًا زيادة في عدد الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، حيث ارتفعت الأعداد من 21 في عام 2023 إلى 26 في عام 2024، وكان نحو ثلث هذه الأحكام قد صدرت من قبل هيئات محلفين غير متوافقة، وذلك بفضل القوانين في ولايتي فلوريدا وألاباما التي تسمح للمحلفين بالتوصية بعقوبة الإعدام حتى إذا لم يتوصلوا إلى إجماع.
وفي فلوريدا، تم إصدار تشريع جديد في 2023 يسمح بفرض عقوبة الإعدام إذا صوت 8 من أصل 12 محلفًا لصالحها.
على الرغم من تصحيح بعض الأخطاء في نظام العدالة الجنائية الأمريكي، تظل هناك شكوك كبيرة بشأن دقة الأحكام الصادرة، ففي يوليو 2024 أصبح لاري روبيرتس الشخص رقم 200 الذي تتم تبرئته من حكم الإعدام منذ عام 1973، عندما بدأ مركز معلومات عقوبة الإعدام تتبع حالات الإدانة الخاطئة.
وتم تنفيذ أكثر من 1600 حكم إعدام بحق أشخاص في الولايات المتحدة منذ عام 1976.
إنهاء عقوبة الإعدام
شدد بايدن في تدخله الأخير على ضرورة إصلاح النظام القضائي الأمريكي بما يعكس احترام الكرامة الإنسانية وتطبيق القانون بشكل عادل.
وتم تنفيذ إعدام مارسيليوس ويليامز في ولاية ميزوري هذا العام، رغم أن الأدلة الجديدة أثبتت براءته من الجريمة، كما أن هناك مجموعة من النواب في ولاية تكساس يعملون على إيقاف تنفيذ حكم الإعدام بحق روبرت روبيرسون، الذي كان قد حكم عليه بالإعدام على جريمة قتل طفلته، في وقت قدم محاموه أدلة طبية تشير إلى أن الوفاة قد تكون نتيجة مرض رئوي غير مشخص.
ويعكس تدخل بايدن حقيقة أن عقوبة الإعدام ليست الحل، بل يجب على الولايات المتحدة أن تركز على تعزيز حقوق الإنسان وتحقيق العدالة من خلال نظام قضائي يتسم بالعدالة والمساواة.