نساء غزة.. في يوم المرأة
نساء غزة.. في يوم المرأة
منذ يومين، وفي الثامن من مارس، احتفى العالم بيوم المرأة العالمي، حيث تتردد الشعارات حول حقوق المرأة وتمكينها في مجالات الحياة المختلفة، لكن في قطاع غزة، اتخذ هذا اليوم بُعدًا آخر، بُعدًا يعكس صورة مأساوية لصراع المرأة الفلسطينية من أجل البقاء، حيث تخوض نساء غزة معركة يومية ضد الفقدان والتجويع، والانتهاكات المنهجية التي خلفتها حرب إبادة جماعية استمرت لأكثر من عام، وما زالت آثارها موجودة في كل شبر في أرض غزة.
على مدار أكثر من 16 شهرًا، حملت المرأة الفلسطينية في غزة عبء الحرب في أبشع صورها، فوفقًا لآخر الإحصائيات، قُتلت أكثر من 12 ألف امرأة وفقدت نحو 13 ألفًا منهن عائلهن الوحيد، ونزحت نحو مليون سيدة. هذه الأرقام تكشف عن الوجه القبيح والأكثر وحشية للعدوان الإسرائيلي، الذي استهدف بشكل ممنهج النساء، كجزء من محو هوية وأثر الشعب الفلسطيني لأجيال أخرى.
المأساة ليست في الفقدان أو النزوح فقط، بل في التجويع والإفقار ومنع دخول المساعدات، حيث لجأت النساء في غزة إلى وسائل بدائية للاستمرار على قيد الحياة ومقاومة أفكار التركيع التي تمارسها تل أبيب بغير إنسانية.
فبينما يعاني 155 ألف امرأة حامل ومرضع من خطر الموت نتيجة نقص الرعاية الصحية، اضطر الكثيرات من النساء إلى طهي الأعلاف والحشائش وتفضيل أطفالهن على أنفسهن في الحصول على الطعام.
أما النساء اللاتي فقدن معيل الأسرة، فقد دفعتهن الحرب إلى سوق العمل القاسي أو إلى دفع أطفالهن للعمل في أماكن النزوح لتعويض غياب الأزواج أو الأسري، فالمأساة لم تترك لهن خيارًا سوى مواجهة واقع يزداد قسوة يومًا بعد يوم.
في يوم المرأة العالمي، تصدح أصوات نساء العالم للمطالبة بالحقوق والمساواة، لكن صوت نساء غزة يظل مكبوتًا تحت ركام المنازل وداخل الخيام وفي غرف التحقيق والاعتقال. لقد حوّلتهن الحرب إلى رموز للصمود، حيث لم يقتصر نضالهن على التمسك بالحياة فحسب، بل شمل الدفاع عن حقهن في الكرامة والوجود.
هذا الواقع المأساوي يفرض على المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية وقانونية، فالصمت أمام هذه الانتهاكات يجعل من شعارات المساواة والعدالة مجرد كلمات فارغة. وإذا كان يوم المرأة العالمي مناسبة لتكريم إنجازات النساء، فإن نساء غزة هن النموذج الأسمى لهذا النضال، حيث أثبتن أنهن قادرات على مواجهة أعتى الأهوال رغم الألم والخسارة.
في هذا اليوم، لا نحتاج فقط إلى رفع الشعارات، بل إلى مواقف جادة لدعم المرأة الفلسطينية وإنهاء معاناتها لأن الاحتفاء الحقيقي بحقوق المرأة يبدأ عندما يتم الاعتراف بحق كل امرأة في غزة في الحياة والكرامة والأمن.
سيحيا شعب فلسطين، وستحيا المرأة الفلسطينية رغم كل النكبات، وستكون رمزًا مهمًّا للصمود أمام أعتى آلات الحرب الإسرائيلية، ستحيا حتى أمام الصمت العالمي، وستُسمع أصواتها في كل أرجاء الأرض ما دام الضمير مزروعًا في قلوب البعض.
* نقلا عن "المصري اليوم"