«الغارديان»: ناشطون من الكاريبي يتحدّون تجريم المثلية

«الغارديان»: ناشطون من الكاريبي يتحدّون تجريم المثلية
مسيرة للمثليين في ترينيداد- أرشيف

نشأ غلينروي موراي في منزلٍ يعوله أحد الوالدين في أحد الأحياء الفقيرة بجامايكا، وكان العيش هناك صعبًا، لكنّ أصعب ما في الأمر لم يكن الفقر، بل الخوف من اكتشاف سرّه الدفين "انجذابه إلى الصبية" (مجتمع الميم).

يقول موراي: "كان من الواضح أنني مختلف، وفقًا لكثير من المعايير في هذا البلد"، مضيفًا أنه تَعلّم باكرًا أن هذا غير مقبول.

وسردت صحيفة "الغارديان البريطانية، الثلاثاء، تجربة موراي المؤلمة في سنوات الدراسة، عندما عُثر على دفتر يوميات أحد زملائه وفيه اعتراف بميوله الجنسية، فتجمّعت حشود لضربه، حيث تدخل المعلمون في اللحظة الأخيرة، ونُقل الفتى إلى مدرسة أخرى، بالنسبة لموراي، كانت هذه الحادثة رسالة واضحة وهي أنك عندما تُظهر حقيقتك قد يعرّضك ذلك للخطر.

عندما بلغ السابعة عشرة، اكتشفت عائلته علاقته المثلية وهددته بالطرد، قال موراي إنه فهم صدمة والدته وخوفها: "آخر ما تريد سماعه هو أن ابنك مثلي، لأن ذلك يسبب له إحراجًا شخصيًا"، ومع الوقت، تغير الموقف، وأصبحت والدته من أكبر داعميه.

قانون يُجرّم الهوية

واجه موراي، إلى جانب خطر العنف والنبذ، خطرًا قانونيًا آخر؛ فالمثلية ما زالت تُجرَّم قانونيًا في جامايكا تحت بند "اللواط"، وهو إرث قانوني من الحقبة الاستعمارية البريطانية، واليوم، يعمل موراي مديرًا لمؤسسة "المساواة للجميع" وشريكًا لمنظمة "هيومن ديغنيتي تراست" في الكاريبي، في نضال مستمر لإلغاء هذه القوانين التمييزية.

أثار قرار المحكمة العليا في ترينيداد وتوباغو بإعادة تجريم "اللواط" بعد إلغاء سابق في عام 2018، موجة من القلق بين المدافعين عن حقوق مجتمع الميم، ووصفت تيا براون، المديرة التنفيذية لمنظمة "هيومن ديغنيتي تراست"، القرار بأنه "محبط للغاية" ويكرّس "قوانين استعمارية تنتهك الحقوق الإنسانية الأساسية".

وشرح موراي، أستاذ القانون الدستوري، أحد الأسباب القانونية التي تعوق التقدم في هذه القضية، وهو ما يُعرف بـ"بند الادخار"، الذي يحمي القوانين التي وُضعت قبل صدور الدستور من الطعن القضائي، حتى لو انتهكت حقوق الإنسان، وقال إن هذا البند يكرّس استمرار القوانين الاستعمارية، ويضع التغيير بيد البرلمانات فقط.

رأى موراي أن تفسير "المجلس الخاص" البريطاني لبند الادخار يختلف عن تفسير محكمة العدل الكاريبية، مشيرًا إلى أن المجلس لا يرى بدائل مرنة كما تفعل المحكمة الإقليمية، وإذا تم تأييد قرار المحكمة العليا في ترينيداد أمام المجلس الخاص، فقد يكون لذلك أثر سلبي مباشر على مساعي إلغاء قوانين اللواط في جامايكا.

بصيص أمل

رغم هذه التحديات، أشار موراي إلى مؤشرات تقدم، منها تبني سياسات حكومية تحظر التمييز على أساس الميول الجنسية، ونتائج استطلاع رأي أجرته مؤسسته عام 2023، أظهرت انخفاض نسبة معارضي تشريعات حماية المثليين من 69% في 2018 إلى 50% في 2023.

أكد الناشط دان لويس، مدير برنامج إقليمي معني بقبول التنوع الجنسي، الاتجاه الإيجابي في عدة دول كاريبية نحو إلغاء القوانين التمييزية.

وشدد على أن النضال لا يجب أن يقتصر على المحاكم، بل يتطلب تعزيز مشاركة مجتمع الميم سياسيًا، وبناء تحالفات مع فئات أخرى مهمّشة.

الموروث الاستعماري 

ورثت كثير من دول الكاريبي قوانين جنائية تمييزية من الحقبة الاستعمارية البريطانية، ولا تزال سارية في دول مثل جامايكا وسانت لوسيا وغيانا.

ورغم أن بعض الدول ألغت تلك القوانين في السنوات الأخيرة، فإن العملية لا تزال تواجه مقاومة سياسية واجتماعية، فضلًا عن تعقيدات قانونية مثل "بند الادخار" الذي يعوق الطعون القضائية، ويشكل ذلك معركة مستمرة بين دعاة حقوق الإنسان والمدافعين عن القيم التقليدية في مجتمعات تعاني من إرث استعماري ثقيل.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية