«المرصد الأورومتوسطي»: غزة تختنق نقدياً تحت وطأة الحصار والتدمير الإسرائيلي
«المرصد الأورومتوسطي»: غزة تختنق نقدياً تحت وطأة الحصار والتدمير الإسرائيلي
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، عن بالغ قلقه من تفاقم أزمة السيولة النقدية في قطاع غزة، محذرًا من أنّ هذه الأزمة تمثل نتيجة مباشرة لما وصفه بجرائم السلطات الإسرائيلية، الهادفة إلى تفكيك مقومات الحياة للسكان المدنيين، وفي مقدمتها البنية المصرفية، من خلال التدمير المتعمّد والحصار الشامل.
سياسة التجويع الممنهج
حذّر المرصد، في بيان صحفي – اطلعت عليه "جسور بوست"- من أنّ الممارسات الإسرائيلية تفرض عمدًا ظروفًا معيشية قسرية تؤدي إلى تدمير بطيء ومنهجي للسكان، معتبرًا أنها تندرج ضمن أفعال الإبادة الجماعية المحظورة بموجب القانون الدولي، وتشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وأكد البيان أن هذه الأفعال تمس مباشرة حقوق الفلسطينيين الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة، والكرامة الإنسانية، والمستوى المعيشي اللائق، والغذاء، والصحة، والسكن، والعمل.
البنوك مشلولة والنقد مفقود
اتهم المرصد السلطات الإسرائيلية بمنع إدخال أي كمية من السيولة النقدية إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، بالتزامن مع استهداف مباشر للمقارّ البنكية وأجهزة الصرّاف الآلي وتدميرها، وأكد أن هذه الهجمات أجبرت معظم المؤسسات المصرفية على الإغلاق الكامل، ما خلق أزمة إنسانية واقتصادية خانقة تتصاعد حدتها يومًا بعد يوم، ضمن سياسة تهدف إلى إنهاء أي قدرة على البقاء في القطاع.
السوق السوداء تبتلع ما تبقى من أرزاق السكان
أوضح المرصد أنّ العواقب الناجمة عن الشحّ الحاد في السيولة النقدية تجاوزت حدود الاحتمال، حيث اضطر السكان إلى اللجوء إلى السوق السوداء لسحب الأموال مقابل عمولات مرتفعة، وسط شلل شبه تام في الخدمات المصرفية، ولفت إلى أن السكان يدفعون أحيانًا ما يصل إلى 35% من قيمة المبلغ الذي يسحبونه، وهو ما يستنزف ما تبقى من قدراتهم المعيشية.
الفئات الأضعف تدفع الثمن الأكبر
أشار البيان إلى أن الفئات الأكثر هشاشة، وفي مقدمتها الأسر الفقيرة، أصبحت تُشكّل الغالبية الساحقة من سكان غزة، بفعل التدمير المتعمّد لمصادر الرزق وسياسة التجويع المتصاعدة، كما شدّد على أن الموظفين، وأصحاب الأعمال، وحتى الأسر التي تعتمد على التحويلات المالية من الخارج، لم تعد تجد وسيلة للحصول على النقد إلا من خلال قنوات غير رسمية يسيطر عليها تجار السوق السوداء.
فقدان جماعي لمصادر الرزق والحياة
لفت المرصد إلى أن الغالبية العظمى من السكان فقدت مصادر دخلها بفعل جرائم القتل والإصابة التي استهدفت معيلي العائلات، ونتيجة التدمير الواسع للبنية التحتية والخدمات، وأكد أن ما يجري يأتي ضمن سياق أوسع لسياسة إسرائيلية تنتهج "الإبادة الجماعية" عبر وسائل اقتصادية ومعيشية مباشرة.
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف إنسانية واقتصادية شديدة القسوة، بسبب الحصار الشامل والتدمير الواسع للبنية التحتية، ومع تعطيل القطاع المصرفي بالكامل، باتت الحياة اليومية مرهونة بتوافر النقد في السوق السوداء، وسط غياب الرقابة الرسمية، وتحكّم بعض التجار في مصير آلاف الأسر، وتشير منظمات حقوقية إلى أنّ استخدام السياسات الاقتصادية كأداة ضغط يدخل ضمن أشكال العقوبات الجماعية، التي تُعدّ مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.