الاتحاد الأوروبي يتحدّى تهديدات واشنطن ويؤكد تطبيق التشريعات الرقمية بلا استثناء

الاتحاد الأوروبي يتحدّى تهديدات واشنطن ويؤكد تطبيق التشريعات الرقمية بلا استثناء
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين

جدّدت المفوضية الأوروبية، اليوم الاثنين، تأكيدها التزام الاتحاد الأوروبي الكامل بتطبيق تشريعاته الرقمية على جميع شركات التكنولوجيا، دون تمييز أو استثناء، في رسالة مباشرة إلى عمالقة المنصات مثل "إكس"، و"ميتا"، و"تيك توك"، في ظل تصاعد التوتر بين بروكسل وواشنطن حول هذه القوانين.

وشددت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على أن "القواعد التي أقرها المشرّعون الأوروبيون يجب أن تنفّذ بكل حزم وجدية"، وفق وكالة مجلة "بوليتيكو".

وأكدت أن المفوضية "فتحت بالفعل تحقيقات ضد عدد من المنصات الكبرى، من بينها تيك توك، وإكس، وآبل، وميتا"، وذلك في إطار قوانين مثل "قانون الخدمات الرقمية" و"قانون الأسواق الرقمية".

وأوضحت فون دير لاين أن "المفوضية تطبّق قوانينها بعدالة وموضوعية، دون أي انحياز لجنسية الشركة أو هوية مديرها التنفيذي"، في إشارة مباشرة إلى سياسة المفوضية المتشددة تجاه جميع الشركات، بما في ذلك تلك التي تحظى بدعم سياسي أمريكي واضح، كمجموعة "إكس" المملوكة لإيلون ماسك.

رد على تهديدات أمريكية

وجاءت هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات الأوروبية - الأمريكية توتراً غير مسبوق بسبب التشريعات الرقمية. 

وهاجم نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، وهو من أشد مؤيدي الرئيس دونالد ترامب، هذه القوانين الأوروبية، وعدها "قيداً على حرية التعبير" و"عائقاً أمام الابتكار"، مهدداً بربط التزام واشنطن في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بموقف الاتحاد الأوروبي من شركات التكنولوجيا الأمريكية.

وكشفت مجلة "بوليتيكو" أن فانس ذهب إلى حد التهديد بانسحاب الولايات المتحدة من الناتو إذا لم يتراجع الأوروبيون عن فرض القوانين الرقمية على المنصات، ما اعتُبر تدخلاً مباشراً في الشأن التشريعي الأوروبي.

تأخر في الغرامات

وأثار تأخر المفوضية الأوروبية في فرض غرامات على بعض الشركات الكبرى التي ثبتت انتهاكها لقوانين رقمية، انتقادات واسعة من بعض المسؤولين الأوروبيين الذين اعتبروا أن "الملف بدأ يخضع لحسابات سياسية"، وسط مخاوف من تراجع الاتحاد عن مواقفه تحت الضغط الأمريكي، خاصة في ظل النزاعات التجارية المتواصلة بين الطرفين.

لكن فون دير لاين ردت بحزم على هذه المخاوف، قائلة إن سياسة المفوضية "لن تتأثر بالضغوط، وستظل ثابتة تجاه كل الشركات بلا تفرقة"، في تلميح واضح إلى علاقة إيلون ماسك بالرئيس ترامب، ودوره داخل الإدارة الأمريكية الجديدة.

وتدرس المفوضية الأوروبية حاليًا فرض غرامة ضخمة على منصة "إكس" قد تصل إلى مليار دولار، على خلفية انتهاكات تتعلق بعدم الامتثال لقوانين الخدمة الرقمية، وذلك بعد تحقيقات استمرت لأشهر، رغم نفي المتحدث الرسمي للمفوضية تحديد مبلغ الغرامة سلفًا.

صراع قيم وتشريعات

ويعكس هذا التصعيد الصراع العميق بين النهج الأوروبي القائم على ضبط الفضاء الرقمي وحماية البيانات والحقوق الفردية، والنموذج الأمريكي الذي يولي الأولوية للأسواق الحرة وحرية التعبير غير المقيدة، ما يجعل التشريعات الرقمية ساحة جديدة للتوترات بين ضفتي الأطلسي.

ورغم التحديات، يبدو أن الاتحاد الأوروبي ماضٍ في فرض سيادته التشريعية الرقمية، وإرسال رسالة مفادها أن حماية المواطنين الأوروبيين تأتي في المرتبة الأولى، حتى لو كلّف ذلك تصعيداً دبلوماسياً أو تجارياً مع أقرب حلفائه.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية