هيئة رقابية في «ميتا» تعد التخلي عن «تقصي الحقائق» مهدداً لحقوق الإنسان
هيئة رقابية في «ميتا» تعد التخلي عن «تقصي الحقائق» مهدداً لحقوق الإنسان
دعت هيئة الرقابة المستقلة لشركة ميتا، إدارة المجموعة إلى تقييم الأثر المحتمل لقرارها الأخير بإلغاء برنامج تقصي صحة الأخبار في الولايات المتحدة وتخفيف القيود على الإشراف على المحتوى عبر منصاتها الرقمية.
ووصفت الهيئة هذا القرار بأنه "متسرّع ويتنافى مع الإجراءات الواجب اتباعها"، ولا سيما في ظل غياب أي تقييم علني لتأثيره على حقوق الإنسان، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء.
وانتقدت الهيئة، التي أنشأتها "ميتا" عام 2020 لضمان التوازن والشفافية، الطريقة التي اتُخذ بها القرار، مشيرة إلى أن المجموعة لم تُقدّم أي معلومات علنية عن تقييمات داخلية لآثار هذا التغيير، سواء على "فيسبوك" أو "إنستغرام" أو "ثريدز".
وعدت الهيئة قطع الشراكات مع المنظمات المستقلة المتخصصة في التحقق من المعلومات يفتح الباب أمام انتشار أوسع للأخبار المضللة، ما قد يهدد الفئات الأكثر عرضة للتمييز.
تحوّل في السياسة الإشرافية
كانت "ميتا" قد أعلنت في بداية يناير 2025 وقف خدمات تقصي صحة الأخبار داخل الولايات المتحدة، وتحديث سياساتها بشأن الرقابة على المحتوى.
وقررت على إثر ذلك تقليل عدد المنشورات التي تخضع للإزالة أو التقييد، خاصة فيما يخص التعليقات المرتبطة بالأقليات والمجتمعات المهمشة.
وصرّحت الشركة بأن "كثيراً من المحتوى خضع سابقاً للرقابة رغم أنه لم يكن يستحق ذلك"، ما يبرر توجهها نحو تخفيف الرقابة.
تحذيرات من المجتمع المدني
أثار هذا التحوّل انتقادات واسعة من منظمات حقوقية، خاصة المدافعة عن حقوق مجتمع المثليين والمتحولين جنسياً، التي عدت غياب آليات موثوقة للتحقق من المعلومات قد يؤدي إلى تصاعد خطاب الكراهية والمعلومات المضللة ضد الأقليات.
وعبّرت هذه المنظمات عن خشيتها من أن يؤثر ذلك سلباً في سلامة وكرامة هذه المجتمعات.
استبدلت "ميتا" برنامجها السابق بما يُعرف بـ"ملاحظات السياق"، وهي تعليقات يضيفها مستخدمون بهدف توضيح خلفية المنشورات أو تصحيحها من خلال مصادر مستقلة.
ورغم أن هذا النظام يشبه ما تستخدمه منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، فإن دراسات متعددة خلصت إلى أن ملاحظات السياق لها تأثير محدود جداً في منع انتشار الأخبار الكاذبة، خاصة في القضايا المرتبطة بالصحة والسياسة والتمييز العرقي.
توصيات هيئة الرقابة
طالبت الهيئة في تقريرها إدارة "ميتا" بوضع آليات واضحة لتقييم الأثر السلبي المحتمل على حقوق الإنسان، وأوصت بقياس فعالية ملاحظات السياق مقارنة بتقارير التحقق من الحقائق، ولا سيما في الحالات التي قد يشكل فيها انتشار معلومات كاذبة خطراً مباشراً على سلامة الأفراد.
وتشارك وكالة فرانس برس في برنامج "فيسبوك" لتقصي صحة الأخبار منذ سنوات، من خلال تقديم خدماتها بأكثر من 26 لغة حول العالم، ويشمل هذا البرنامج أكثر من 80 مؤسسة إعلامية ممولة جزئياً من ميتا.
ومع إلغاء البرنامج داخل الولايات المتحدة، يزداد القلق من أن يكون ذلك بداية لإنهاء هذه الشراكات أيضاً على المستوى العالمي.
وتثير قرارات "ميتا" الأخيرة مخاوف أوسع بشأن مستقبل الإشراف على المعلومات في العصر الرقمي، ودور المنصات الكبرى في حماية المستخدمين من التضليل، ولا سيما في أوقات الأزمات الصحية والسياسية والاجتماعية.