"إيران إنترناشيونال": مقتل شاب برصاص حرس الحدود يثير غضباً في كردستان

"إيران إنترناشيونال": مقتل شاب برصاص حرس الحدود يثير غضباً في كردستان
حرس الحدود الإيراني - أرشيف

أعلنت "شبكة حقوق الإنسان في كردستان" مقتل الشاب الكردي خالد محمدي، البالغ من العمر 23 عاماً، على يد قوات حرس الحدود الإيرانية، في حادثة أعادت إلى الواجهة قضية استهداف العتالين الكرد الذين يعانون ظروفاً معيشية قاسية في المناطق الحدودية.

وأكدت الشبكة أن خالد محمدي، الذي ينحدر من مدينة بانه بمحافظة كردستان، قُتل برصاص مباشر ودون سابق إنذار أثناء عمله في نقل البضائع -وهي مهنة تعرف محلياً بـ"العتالة"- على الحدود بين إيران وكردستان العراق، وتحديداً في منطقة شابدين الجبلية، بحسب ما ذكر موقع "إيران إنترناشيونال"، اليوم الثلاثاء.

وبحسب ما وثّقته الشبكة الحقوقية، فقد غادر خالد محمدي منزله، مساء الاثنين، بعد حضوره حفل خطوبته، متوجهاً إلى الحدود كحال كثير من شباب المنطقة الذين يعتمدون على العتالة كوسيلة وحيدة لتأمين لقمة العيش.

وفي صباح اليوم التالي، وأثناء عبوره مع مجموعة من العتالين طريقاً جبلياً معروفاً بنشاط التهريب العابر للحدود، تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قوات حرس الحدود الإيرانية من مسافة قريبة ودون أي تحذير مسبق، ما أسفر عن مقتل محمدي على الفور، وإصابة آخرين لم تُعرف حالتهم بعد.

ونُقل جثمان محمدي إلى دائرة الطب الشرعي في مدينة بانه، فيما لم تُسلّمه السلطات حتى ساعة إعداد هذا التقرير إلى أسرته، ما زاد من حالة الغضب الشعبي في الأوساط الكردية، لا سيما أن الضحية كان معروفاً بين أبناء منطقته بطموحه وسعيه لبناء حياة جديدة مع شريكة حياته.

العتالة.. مهنة البؤس والموت

تعكس حادثة مقتل خالد محمدي المأساة المتكررة التي يعيشها العتالون الكرد، وهم آلاف الشبان من المناطق الفقيرة في غرب إيران، يعملون في تهريب البضائع من إقليم كردستان العراق إلى الداخل الإيراني عبر جبال شاهقة وظروف مناخية وأمنية قاسية.

وتُعد هذه المهنة الملاذ الأخير لمن لا يملك دخلاً ثابتاً، أو لأولئك المحرومين من فرص العمل، خصوصاً في ظل التهميش المزمن الذي تعانيه المناطق ذات الأغلبية الكردية في إيران.

وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن العشرات من العتالين يُقتلون سنوياً برصاص قوات الأمن الإيرانية، أو نتيجة الحوادث الطبيعية والانفجارات المرتبطة بالألغام المزروعة في هذه المناطق.

تنديد حقوقي ودعوات للمحاسبة

نددت شبكة حقوق الإنسان في كردستان بما وصفته بـ"سياسة الإفلات من العقاب التي تتبعها السلطات الإيرانية"، محمّلةً قوات حرس الحدود مسؤولية قتل متعمد خارج نطاق القانون، دون أن يسبق ذلك تحذير أو محاولة اعتقال، وهي الإجراءات المفترضة في حالة العبور غير القانوني.

وأعربت منظمات حقوقية محلية ودولية، بينها منظمة "هنكاو لمراقبة حقوق الإنسان"، عن قلقها إزاء التصاعد المستمر في أعمال العنف ضد العتالين الكرد في إيران، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان وللمواثيق الدولية التي تحظر استخدام القوة القاتلة في حالات لا تستوجب ذلك.

تأتي هذه الحادثة في وقت تشتد فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في إيران، وتتسع الفجوة بين المركز والمناطق الطرفية، وخصوصاً المحافظات الكردية مثل بانه وسقز ومريوان وبيرانشهر، حيث تبلغ معدلات البطالة والفقر أرقاماً مرتفعة، ما يدفع بالشباب نحو أعمال محفوفة بالمخاطر كـ"العتالة".

 

وتفتقر المناطق الكردية في إيران إلى استثمار تنموي فعلي، وسط قيود أمنية مشددة تفرضها الحكومة المركزية منذ عقود، ما حوّل الحدود إلى ساحات مفتوحة للموت البطيء، بحسب ناشطين.

جثمان محتجز وغضب شعبي

أفادت مصادر محلية بأن السلطات في بانه رفضت حتى الآن تسليم جثمان خالد محمدي لعائلته، في خطوة أثارت حالة من التوتر والغضب بين أبناء المدينة الذين تجمع العشرات منهم أمام دائرة الطب الشرعي مطالبين بكشف تفاصيل ما حدث، وتسليم الجثمان من أجل دفنه.

ووفقًا لتقارير ميدانية، فقد دعت عائلة الضحية إلى فتح تحقيق دولي في مقتل ابنها، مشددة على أنها ستواصل السعي من أجل العدالة، رغم الحصار الأمني والإعلامي المفروض على المنطقة.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن أكثر من 300 عتال كردي قُتلوا أو أُصيبوا خلال السنوات الخمس الماضية نتيجة إطلاق النار من قبل حرس الحدود الإيراني أو بسبب الظروف القاسية في المناطق الجبلية، دون أن يتم فتح تحقيقات شفافة أو تقديم الجناة إلى المحاسبة.

وتطالب المنظمات الكردية والدولية بإيجاد بدائل اقتصادية ومشاريع تنموية حقيقية في كردستان إيران، ووقف استهداف المدنيين العاملين في العتالة، باعتبارها جريمة مستمرة وممنهجة ترتكب ضد أقلية مضطهدة تعاني الفقر والتهميش المزدوج.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية