"فايننشيال تايمز": الاتحاد الأوروبي يقترب من هدفه المناخي لعام 2030
"فايننشيال تايمز": الاتحاد الأوروبي يقترب من هدفه المناخي لعام 2030
اقترب الاتحاد الأوروبي من بلوغ هدفه المناخي المتمثل في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55% بحلول عام 2030 مقارنةً بمستويات عام 1990.
وكشفت مصادر مطلعة داخل الاتحاد لصحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم الأحد، أن نسبة التخفيض المحققة -حتى الآن- تبلغ نحو 54%، ما يعني أن الفجوة المتبقية لا تتجاوز نقطة مئوية واحدة.
استعدت المفوضية الأوروبية للإعلان رسميًا عن هذه الأرقام خلال الأسبوع المقبل، في خطوة من شأنها تعزيز موقفها في الدفاع عن السياسات البيئية، بالرغم من التحديات الاقتصادية والاعتراضات السياسية المتصاعدة.
تعزيز سياسي وأزمات متلاحقة
أكد مسؤول بارز في المفوضية أن الأرقام جاءت "جيدة بشكل مدهش"، مشيرًا إلى أن بلوغ نسبة 54% يُعد إنجازًا كبيرًا بالنظر إلى الظروف الاقتصادية التي مرت بها القارة، وشدد على أن هذا التقدم يُعد الأقرب إلى الهدف المحدد لعام 2030 منذ اعتماد الاتفاق.
دعمت هذه المؤشرات المفوضية الأوروبية والسياسيين المدافعين عن الالتزامات المناخية، خصوصًا في أعقاب جائحة كوفيد-19، وأزمة الطاقة التي فجّرها الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، بالإضافة إلى الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وواجهت المفوضية الأوروبية ضغوطًا لتخفيف بعض الإجراءات البيئية، ولا سيما تلك المتعلقة بحظر محركات الاحتراق الداخلي الجديدة بحلول عام 2035، في ظل تراجع أداء قطاع السيارات الأوروبي مقارنةً بمنافسيه في الصين والولايات المتحدة.
وأظهرت بيانات مؤسسة إمبر المتخصصة في شؤون المناخ أن الجزء الأكبر من التخفيض في الانبعاثات جاء من قطاع الطاقة، حيث أسهم التوسع في طاقة الرياح والطاقة الشمسية بدور محوري في تقليص الانبعاثات.
وأوضح محلل التحول الكهربائي في المؤسسة، توموس هاريسون، أن الدول الأعضاء تسير في "الاتجاه الصحيح" نحو تحقيق أهدافها.
تحديات أمام أهداف 2040 و2050
تهيأت المفوضية لنشر البيانات قبيل تحديد ملامح خطة الاتحاد الأوروبي لتحقيق هدفه المناخي لعام 2040، والمتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة 90% مقارنةً بعام 1990.
ويُعد هذا الهدف محطة أساسية في الطريق نحو الوصول إلى "صفر انبعاثات" بحلول عام 2050، وهو التزام يُصنّف بين أكثر الأهداف طموحًا عالميًا.
توجهت أنظار المجتمع الدولي نحو هدف عام 2040، إذ يُنتظر من الدول الأعضاء تقديم التزاماتها المناخية إلى الأمم المتحدة قبل انعقاد مؤتمر المناخ العالمي (COP30) المقرر في البرازيل هذا العام.
حذّر عضو البرلمان الأوروبي، الألماني بيتر ليس، عن حزب الشعب الأوروبي المحافظ، من أن هدف 90% يُعد "طموحًا للغاية"، مشيرًا إلى صعوبة دعمه دون إدراج "قدر كبير من المرونة".
خلافات حول توزيع الأعباء
دفعت دول مثل إيطاليا وبولندا باتجاه تخفيف مستوى الطموح المناخي، فيما أعربت فرنسا عن تحفظات مشابهة، وصرّحت الحكومة الائتلافية الجديدة في ألمانيا بأنها قد توافق على هدف 90% إذا شملت الخطة احتساب أرصدة الكربون.
وأشارت الصناعات الثقيلة، المتأثرة بارتفاع تكاليف الطاقة، إلى أن جزءًا كبيرًا من تقليص الانبعاثات لم يأتِ نتيجة إزالة الكربون، بل بفعل خفض الإنتاج وإغلاق بعض المصانع.
وكشف أحد المسؤولين أن انبعاثات الأراضي لم تسجّل تراجعًا ملموسًا، بسبب تفاقم ظواهر قطع الأشجار والحرائق، لا سيما في جنوب أوروبا خلال عام 2023، ما أدى إلى تراجع قدرة الأراضي على امتصاص الكربون.
ورصدت المفوضية الأوروبية أداءً ضعيفًا لقطاع الزراعة، الذي لا يزال القطاع الوحيد في الاتحاد دون أهداف خفض انبعاثات محددة، وواجه هذا القطاع احتجاجات واسعة من المزارعين الأوروبيين الرافضين للإجراءات البيئية الأخيرة.
وسجل قطاع النقل هو الآخر تأخرًا ملحوظًا، حسب البيانات المناخية التي صدرت عن المفوضية في أكتوبر الماضي، ويُعد هذا القطاع من أبرز مصادر الانبعاثات التي يصعب تقليصها في المدى القصير.
ورفضت المفوضية الأوروبية الإدلاء بأي تعليق رسمي حول هذه الأرقام قبل إعلانها المنتظر.
دور محدود بالمشهد العالمي
أوضحت البيانات أن تأثير الاتحاد الأوروبي في خفض الانبعاثات العالمية لا يزال محدودًا، إذ انخفضت حصته من إجمالي الانبعاثات من نحو 15% في عام 1990 إلى نحو 6% فقط في عام 2023، في حين ارتفعت الانبعاثات العالمية بأكثر من 60% خلال الفترة نفسها.
وصفت منظمة CAN Europe، وهي منظمة غير حكومية تتابع التزام الدول الأوروبية بأهداف المناخ، هذا الإنجاز بأنه "سطحي إلى حد كبير".
وأشارت في تقريرها إلى أن "غالبية السياسات المعتمدة لا تزال غير كافية لتحقيق الأهداف المعلنة"، داعيةً إلى مراجعة معمقة للإجراءات المناخية في الدول الأعضاء.