«منظمة دولية»: الانسحاب من اتفاقية باريس يعمّق أزمة الالتزامات المناخية العالمية
«منظمة دولية»: الانسحاب من اتفاقية باريس يعمّق أزمة الالتزامات المناخية العالمية
أدى انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ في الشهر الماضي، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، إلى تآكل الثقة العالمية في الالتزامات الدولية لمكافحة التغير المناخي، حيث أدى هذا التحول في السياسة الأمريكية إلى تقلص دعم التعاون متعدد الأطراف لمواجهة التحديات البيئية.
ووفقا لتقرير نشرته منظمة "لوي" الدولية، اليوم الاثنين، تزامن هذا الانسحاب مع تصريحات من أحد المسؤولين الإندونيسيين في قضايا المناخ، الذي وصف اتفاقية باريس بأنها "لم تعد ذات جدوى".
وأثارت هذه التصريحات قلقًا كبيرًا في منطقة جنوب شرق آسيا بشأن استمرارية الجهود الإقليمية لمكافحة التغير المناخي، في ضوء تقرير حديث يشير إلى فشل الهدف العالمي للحد من ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 2 درجة مئوية، تزداد الشكوك حول التزام إندونيسيا بانتقالها إلى الطاقة النظيفة، ما يهدد الاستقرار البيئي في منطقة الآسيان.
التراجع عن الالتزامات المناخية
تعتبر إندونيسيا من الدول الرئيسية في منطقة الآسيان، وبالتالي فإن أي تراجع في مواقفها المناخية قد يشجع دول الجوار على اتخاذ خطوات مماثلة، وقد تؤدي المواقف المترددة التي أبدتها إندونيسيا تجاه الالتزامات المناخية إلى تراجع التعاون المناخي بين دول الآسيان، وتُضعف الجهود المشتركة لحماية البيئة.
ويمكن لهذا التراجع أن يقوض الحماية البيئية في مجالات التجارة والدبلوماسية، في الوقت الذي تتسارع فيه الدول الأخرى نحو التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، فإن أي تراجع في إندونيسيا قد يؤدي إلى إعاقة التقدم البيئي في المنطقة، ويزيد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وارتبطت تصريحات المسؤولين الإندونيسيين بعدم جدوى اتفاقية باريس بواقع إندونيسيا كأحد أكبر منتجي الفحم والنفط والغاز والنيكل والنحاس، حيث يُلاحظ أن هناك تأثيرًا كبيرًا للمصالح الاقتصادية والتجارية في اتخاذ القرارات الحكومية المتعلقة بالمناخ، حيث تتمتع النخب التجارية في هذه القطاعات بنفوذ كبير.
وإذا كانت إندونيسيا تتعرض لضغوط مماثلة لتلك التي واجهتها الولايات المتحدة خلال فترة رئاسة ترامب، فإن هذا قد يشير إلى أن الأولوية تُعطى للأرباح التجارية على حساب الاستدامة البيئية.
يذكر أن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس في 2019 و2025 كان يُعتبر بمثابة انتصار للوبيات الوقود الأحفوري الأمريكية، وإذا تبعت إندونيسيا هذا المسار، فإن ذلك قد يؤثر سلبًا على الجهود العالمية لحماية المناخ.
التغير المناخي يهدد إندونيسيا
تُعد إندونيسيا من أكثر الدول عرضة لتأثيرات التغير المناخي، حيث تواجه أكثر من 17 ألف جزيرة تهديدات من ارتفاع مستويات البحار وزيادة حدوث الظواهر المناخية المتطرفة.
وفي ظل هذه التحديات البيئية، يُعد التراجع عن الالتزامات المناخية بمثابة تهديد مباشر لمستقبل إندونيسيا على الأصعدة الاقتصادية والبيئية، وقد تؤدي هذه السياسات إلى زيادة الأضرار البيئية، ويُحتمل أن تكون لها تداعيات طويلة الأمد على استقرار البلاد.
ويعد تلوث الهواء الناتج عن الحرق الزراعي في إندونيسيا، الذي يتسبب في أزمات صحية وبيئية في دول مثل سنغافورة وماليزيا، واحدًا من أبرز التحديات البيئية في جنوب شرق آسيا، حيث يُستخدم الحرق الزراعي في إندونيسيا لأغراض زراعة زيت النخيل وأوراق اللب، مما يؤدي إلى انبعاثات سامة تؤثر على جودة الهواء في دول الجوار، ويتسبب في أمراض تنفسية وتوقف الأنشطة الدراسية، هذا التلوث ليس مجرد مشكلة بيئية محلية، بل يمتد تأثيره ليؤثر على كافة دول المنطقة، ويزيد من تفاقم الأزمة المناخية.
عدم وضوح السياسات المناخية
تواجه إندونيسيا صعوبة في تأمين التمويل اللازم لتنفيذ خططها الطموحة للطاقة النظيفة التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة تُقدر بنحو 600 مليار دولار، هذه الصعوبة تعود جزئيًا إلى غموض المواقف المناخية التي تتبناها الحكومة الإندونيسية.
يخلق هذا الغموض بيئة من عدم اليقين، ما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية التي تعتبر أساسية لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، إذا استمرت إندونيسيا في تبني سياسات متناقضة في هذا المجال، فإن ذلك قد يضر بقدرتها على جذب الاستثمارات اللازمة لمواجهة التحديات المناخية.
تعزيز التمويل المناخي
تُعد مشكلة التمويل من أبرز التحديات التي تواجهها إندونيسيا ودول الآسيان في سبيل التحول إلى الطاقة النظيفة، ورغم تعهد الدول المتقدمة بتوفير 300 مليار دولار سنويًا لدعم جهود المناخ بحلول عام 2035، فإن الأمين العام للآسيان قد حذر مؤخرًا من أن هذه المبالغ لن تكون كافية للتعامل مع حجم التحديات المناخية في المنطقة.
يُتوقع أن تتراوح الأموال التي سيتم تخصيصها للحد من الضبابية الملوثة بين 1.5 و2 مليار دولار حتى عام 2030، مما يشير إلى فجوة تمويلية قد تؤثر بشكل سلبي على التحولات البيئية الضرورية.