"هيومن رايتس ووتش" تتهم السلطات الأوغندية بانتهاك حقوق "مجتمع الميم"
"هيومن رايتس ووتش" تتهم السلطات الأوغندية بانتهاك حقوق "مجتمع الميم"
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات الأوغندية بارتكاب سلسلة من الانتهاكات الممنهجة ضد الأشخاص من مجتمع الميم خلال العامين الماضيين، وذلك في أعقاب إقرار قانون وُصف بأنه من أشد القوانين المناهضة للمثلية الجنسية في العالم.
وأوضحت صحيفة "الغارديان" البريطانية، الثلاثاء، أن ذلك جاء في تقرير أصدرته المنظمة الحقوقية الدولية يوثق ما وصفته بـ"مناخ متصاعد من الكراهية والرعب" يستهدف المثليين والمتحولين ومزدوجي الميل الجنسي.
الإفلات من العقاب
وأشارت المنظمة إلى أن البيئة السياسية والقانونية في أوغندا منذ مايو 2023، تاريخ توقيع الرئيس يويري موسيفيني على القانون الجديد، وفرت مظلة لخطاب كراهية واسع، وغذت أجواء من العداء أدت إلى موجة من الانتهاكات شملت الاعتقال التعسفي، والمداهمات الأمنية، والتشهير العلني، فضلًا عن حالات وثّقت فيها عمليات ابتزاز واعتداءات جنسية على خلفية التوجه الجنسي.
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش" أن شخصيات عامة ومسؤولين حكوميين انخرطوا في نشر خطاب معادٍ للمثلية، ما شجع على شن هجمات ضد الأفراد والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق مجتمع الميم، في ظل غياب شبه تام للمحاسبة القانونية أو الحماية الرسمية.
واستند التقرير إلى مقابلات مع 59 شخصًا، بينهم نشطاء حقوقيون وصحفيون وبرلمانيون وأفراد من عائلات الضحايا، وأورد شهادات توثق لاعتقالات تعسفية، واحتجازات تمت دون توجيه تهم رسمية، بالإضافة إلى استدراج أفراد من مجتمع الميم عبر تطبيقات المواعدة، وممارسات ابتزاز من قبل عناصر في أجهزة الأمن مقابل إطلاق سراحهم.
وأفادت المنظمة بأن السلطات الأوغندية داهمت وأغلقت عددًا من المنظمات غير الحكومية التي تقدم خدمات قانونية ونفسية للمثليين، وأشاعت مناخًا يسمح بالإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضدهم.
وفي السياق ذاته، أورد منتدى التوعية بحقوق الإنسان وتعزيزها (HRAPF) أنه تعامل خلال 14 شهرًا فقط مع أكثر من 667 قضية تتعلق بانتهاكات ضد نحو 850 شخصًا من مجتمع الميم في أوغندا، تراوحت بين الإخلاء القسري والضرب والاعتقال.
دعوات لوقف القمع
وفي تعليقها على التقرير، قالت الناشطة الأوغندية في مجال حقوق المثليين، كلير بياروجابا، إن التكلفة الإنسانية لهذا القانون القاسي باهظة للغاية، وإن التقرير يقدم دليلًا إضافيًا على نتائج خطاب الكراهية المدعوم رسميًا، وأضافت: "نحن نطالب بالحماية، لا التجريم، نريد أن نعيش في أوغندا كمواطنين منتجين دون تهديد بالعنف أو الاضطهاد".
من جهته، شدد أوريم نيكو، الباحث البارز في هيومن رايتس ووتش، على أن السلطات الأوغندية مطالبة بإنهاء هذه الحملة القمعية فورًا، ودعا الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها والالتزام بما يضمن احترام الكرامة الإنسانية وسيادة القانون.
وفي مايو 2023، صادق الرئيس موسيفيني على قانون يفرض عقوبات مشددة تصل إلى الإعدام فيما تُعرف بـ"المثلية الجنسية المشددة"، وقد أثار التشريع حينها موجة من الإدانة الدولية، ووصفه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، بأنه "مروع وتمييزي"، إلا أن المحكمة الدستورية الأوغندية أيدت القانون في أبريل 2024، رافضة الطعن المقدم ضده، ما عزز المخاوف الحقوقية من استمرار دوامة القمع والتمييز.
سجل حقوقي مقلق
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار حكم الرئيس موسيفيني، الذي يقود البلاد منذ نحو أربعة عقود، ويواجه انتقادات متكررة من منظمات حقوق الإنسان الدولية بسبب تراجع الحريات العامة، وتضييق الخناق على الأصوات المعارضة، واستهداف الأقليات، خاصة مجتمع الميم.
وبينما تستمر السلطات الأوغندية في الدفاع عن القانون باعتباره "لحماية القيم الأخلاقية"، ترى منظمات دولية أنه يشكل خرقًا واضحًا للمواثيق الدولية التي التزمت بها أوغندا، ومن شأنه أن يزيد من تدهور الوضع الحقوقي في البلاد.