تعكس توجهاً أوروبياً وتثير جدلاً حقوقياً.. خطة هولندية لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى أوغندا

تعكس توجهاً أوروبياً وتثير جدلاً حقوقياً.. خطة هولندية لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى أوغندا

أعلنت الحكومة الهولندية مؤخرًا أنها تدرس خطة لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى أوغندا، ما يعكس توجهًا أوروبيًا جديدًا للتعامل مع أزمة الهجرة عبر نقل الأعباء إلى خارج حدود الاتحاد الأوروبي، ويهدف هذا التوجه إلى إنشاء "مراكز العودة" في دول خارجية لاستيعاب طالبي اللجوء المرفوضين بشكل مؤقت، قبل إعادتهم إلى دولهم الأصلية، وهو ما أثار جدلاً حقوقياً بشأن حقوق طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين.

تساؤلات حول حقوق الإنسان

أوضحت تقارير حقوقية أن هذا النوع من السياسات يثير تساؤلات حول مدى توافقه مع القوانين الدولية، خاصة أن دولاً مثل أوغندا قد لا تكون مؤهلة لاستقبال المزيد من اللاجئين، إذ إن المخيمات في أوغندا تعاني من نقص في الغذاء والماء، بالإضافة إلى تحديات أمنية خطيرة، ما يضع المهاجرين في بيئة غير آمنة.

سجل أوغندا الحقوقي

بالإضافة إلى التحديات اللوجستية، تبرز مشكلة حقوق الإنسان في أوغندا، حيث تفرض قوانين صارمة تجرم المثلية الجنسية، ما يعرض بعض المهاجرين إلى خطر الاضطهاد، وهذا يتعارض مع مبدأ "عدم الإعادة القسرية" المنصوص عليه في الاتفاقيات الدولية التي تحظر ترحيل الأشخاص إلى دول قد يتعرضون فيها للخطر.

مقارنة بخطة بريطانيا ورواندا

تأتي هذه الخطة بعد أن قامت بريطانيا بتوقيع اتفاقية مشابهة مع رواندا في عام 2022، إلا أنها واجهت انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية الدولية. ويخشى أن تتكرر نفس الانتقادات ضد هولندا إذا مضت قدمًا في ترحيل المهاجرين إلى أوغندا.

تشير التقديرات إلى أن تنفيذ هذه السياسة سيكلف الاتحاد الأوروبي نحو 6 مليارات يورو سنويًا، مما يجعلها عبئًا ماليًا كبيرًا دون ضمان فعالية في الحد من الهجرة غير الشرعية. 

بالإضافة إلى ذلك، لا تقدم هذه السياسات حلولًا جذرية لأسباب الهجرة مثل الفقر، والحروب، والتغير المناخي.

حلول أكثر شمولية

يرى مراقبون أن الحلول يجب أن تركز على تعزيز التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي في الدول المصدرة للهجرة، بالإضافة إلى معالجة التحديات البيئية التي تؤدي إلى نزوح السكان، وأنه ينبغي على أوروبا أن تتبنى نهجًا شاملاً يتعامل مع أزمة الهجرة بطريقة عادلة وإنسانية، بعيدًا عن السياسات الشعبوية.

خبير حقوقي ينتقد السياسات الأوروبية

اعتبر البرلماني البحريني السابق وخبير حقوق الإنسان، علي بن الزوايده، أن خطة ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى أوغندا تمثل توجهًا مقلقًا في السياسات الأوروبية، حيث تتغلب الاعتبارات السياسية والاقتصادية على المبادئ الإنسانية، وأكد أن هذه السياسات تنتهك مبادئ الحماية الدولية، بما في ذلك مبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يحظر إعادة الأشخاص إلى أماكن قد يتعرضون فيها لخطر الاضطهاد أو التعذيب.

أوغندا ليست ملاذًا آمنًا

وأضاف الزوايده في تصريحاته لـ"جسور بوست" أن تقارير حقوق الإنسان توثق ضعف أنظمة الحماية في أوغندا، مع سياسات قمعية ضد الفئات المهمشة مثل مجتمع الميم، وأن هذه البيئة تجعل ترحيل المهاجرين إلى هناك انتهاكًا للقوانين الدولية، خصوصًا مع ظروف المعيشة القاسية في مخيمات اللاجئين التي تعاني من نقص في الغذاء والماء، ما يجعلها غير ملائمة لاستقبال مزيد من المهاجرين.

نقل المسؤولية إلى دول أخرى

وأوضح الزوايده أن الاتحاد الأوروبي يحاول تحميل دول مثل أوغندا أعباءً إضافية، وهو ما يعارض مبدأ التضامن الدولي، حيث تستضيف أوغندا بالفعل أكثر من 1.5 مليون لاجئ، وتواجه تحديات كبيرة في تلبية احتياجاتهم الأساسية، وبالتالي، فإن ترحيل المهاجرين إلى هناك يعد تخليًا عن المسؤولية الأوروبية.

خبير قانوني يحذر من الانتهاكات

وفي السياق نفسه، أوضح خبير القانون الدولي، علي السعداوي، في تصريحاته لـ"جسور بوست" أن السياسات الأوروبية الجديدة المتعلقة بترحيل طالبي اللجوء تثير قلقًا قانونيًا، إذ قد تخالف مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقية جنيف لعام 1951، كما أكد أن أوغندا تعاني من نقص في الموارد، ما يجعلها بيئة غير آمنة للمهاجرين.

معضلة أخلاقية وقانونية

وأكد السعداوي أن هذه السياسات تتعارض مع الالتزامات الأخلاقية للدول الأوروبية، التي يجب أن تضمن سلامة وكرامة طالبي اللجوء، منوها بأن تصدير الأزمة إلى إفريقيا لن يحل المشكلة، بل يزيد من تعقيدها، واختتم داعيا إلى البحث عن حلول مستدامة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة، مثل الحروب، والفقر، والتغير المناخي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية