فيتنام تلغي سياسة تحديد النسل لمواجهة انخفاض معدلات المواليد

فيتنام تلغي سياسة تحديد النسل لمواجهة انخفاض معدلات المواليد
فيتنام تلغي سياسة تحديد النسل

أعلنت وسائل إعلام رسمية في فيتنام، اليوم الأربعاء، عن إلغاء سياسة تنظيم الأسرة التي كانت تقضي بعدم إنجاب أكثر من طفلين لكل أسرة، وذلك في محاولة لمواجهة التراجع المتسارع في معدلات الخصوبة الذي يهدد مستقبل التوازن السكاني في البلاد.

وأكدت وكالة أنباء فيتنام الرسمية أن القرار الجديد يمنح الأزواج الفيتناميين حرية كاملة في تحديد عدد الأطفال الذين يرغبون بإنجابهم، معتبرة أن القرار لم يعد خاضعاً لقيود الدولة، بل بات "حقاً شخصياً لكل رجل وامرأة"، في تحول جذري عن النهج الذي اتبعته الحكومة على مدار عقود.

وكشفت وزارة الصحة الفيتنامية أن البلاد تشهد منذ 3 سنوات متتالية تراجعاً تاريخياً في معدلات المواليد، إذ بلغ معدل الخصوبة الإجمالي 1.91 طفل لكل امرأة عام 2024، وهو أقل من معدل الإحلال السكاني الذي يُقدر بـ2.1 طفل لكل امرأة. 

وبيّنت البيانات الرسمية أن هذا الانخفاض كان تدريجياً، حيث بلغ 2.11 في عام 2021، و2.01 في 2022، ثم 1.96 في 2023، ما يثير مخاوف من دخول البلاد في مرحلة شيخوخة سكانية شبيهة بما تشهده بلدان شرق آسيا الأخرى ككوريا الجنوبية واليابان.

سياسات سابقة وتقلبات ديمغرافية

واتبعت فيتنام سياسة تنظيم الأسرة الصارمة منذ التسعينيات، بهدف الحد من النمو السكاني السريع بعد الحرب، مستلهمةً في ذلك تجربة الصين المجاورة، لكنها حافظت على سقف أكثر مرونة بلغ طفلين لكل أسرة بدل سياسة "الطفل الواحد". 

إلا أن هذا التوجه بات اليوم عبئاً ديمغرافياً في ظل التحول الاقتصادي والتمدن المتزايد، ما دفع الحكومة لإعادة تقييم سياساتها السكانية.

وتعاني البلاد من تغيرات اجتماعية عميقة أثرت في معدلات الإنجاب، منها ارتفاع تكاليف المعيشة، وتوسع الطبقة المتعلمة، وتأخر سن الزواج، وتراجع الرغبة في إنجاب عدد كبير من الأطفال، ولا سيما في المدن الكبرى مثل هانوي وهو تشي منه. 

وتشير الدراسات إلى أن النساء الفيتناميات يعانين من ضغوط اجتماعية ومهنية تعوق التوازن بين الحياة الأسرية والعمل، ما ينعكس سلباً على معدلات الإنجاب.

قلق من الشيخوخة 

وتخشى السلطات من أن يؤدي استمرار الانخفاض في عدد المواليد إلى تقلص القوة العاملة خلال العقود القادمة، ما قد يؤثر سلباً في النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. وبدأت البلاد بالفعل تشهد مظاهر الشيخوخة السكانية، ما يفرض تحديات جديدة على أنظمة الصحة والضمان الاجتماعي.

وتعهدت الحكومة بإطلاق حملات توعية صحية وسكانية لدعم الأزواج وتشجيعهم على إنجاب مزيد من الأطفال، مع الإشارة إلى أن القرار الجديد يأتي ضمن خطة بعيدة المدى تهدف إلى الحفاظ على التوازن الديمغرافي، وضمان استمرارية التنمية البشرية في البلاد.

وتنضم فيتنام بذلك إلى عدد من الدول الآسيوية التي بدأت تتراجع عن سياسات تحديد النسل، في محاولة لتدارك الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتقلص السكان، على غرار سنغافورة وكوريا الجنوبية، وسط سباق إقليمي للحفاظ على ديناميكية السكان والشباب في مواجهة شيخوخة المجتمع.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية