عائلة نازحة من جنين تعيش في غرف طلابية ضيقة: "لا عيد.. ولا وطن"
عائلة نازحة من جنين تعيش في غرف طلابية ضيقة: "لا عيد.. ولا وطن"
في استوديوهات مخصصة أصلاً لطلبة الجامعة العربية الأمريكية قرب مدينة جنين، تعيش نحو 800 عائلة فلسطينية نازحة ظروفاً قاسية، بعدما هجّرتها آلة الحرب الإسرائيلية من مخيم جنين شمال الضفة الغربية، ضمن عملية عسكرية متواصلة منذ يناير الماضي.
هؤلاء النازحون، وبينهم نساء مسنّات وأطفال، يتشاركون غرفاً صغيرة لا تتعدى بضعة أمتار مربعة، تضم مطبخاً وحماماً، بعد أن كانوا يعيشون في بيوتهم التي دُمرت أو حُولت إلى ثكنات عسكرية للجيش الإسرائيلي، وفق وكالة أنباء الأناضول.
من مخيم اللاجئين إلى نزوح جديد
الحاجة صفية حسن (76 عاماً)، وهي من اللاجئين من بلدة أم الزيات المهجّرة عام 1948، روت بدموعها الموقف الذي جمعها مع أولادها الستة في بيت مكوّن من ثلاث طبقات داخل المخيم، قبل أن يُجبروا جميعاً على الخروج منه تحت نيران الجيش الإسرائيلي، تقول: "تفرق الجمع، تعب خمسين سنة ضاع، المنزل هُدم بالكامل.. واليوم بتنا نحلم بالعودة للمخيم، بعد أن كنا نحلم بالعودة لقريتنا الأصلية".
وتتابع بحرقة: "لو سمحوا لي أعود الآن للمخيم، أعود، هذه الغرفة صغيرة لا تتسع لنا.. المخيم هو المكان، هو الوطن".
غياب أجواء العيد
مع اقتراب عيد الأضحى، تحوّلت مشاعر الفلسطينيين النازحين إلى حزن وحنين، بدل أن تكون فرحاً كما اعتادوا في بيوتهم.
عائشة علاقمة، وهي مسنّة تسكن غرفة مجاورة مع ابنتها، قالت: "تشتت شملنا، كل ولد في مكان، والبيت الذي كنا نعيش فيه احترق ولم يبقَ منه شيء".
وأضافت: "العيد يأتي ولا أحد موجود، لا أولاد ولا أحفاد.. كيف يأتي العيد والعائلة ممزقة؟".
تختم الحاجة علاقمة بقولها: "رغم كل شيء، لا نستغني عن المخيم، سنعود، ولو إلى خيمة فوق الركام".
أما الطفل عماد عواد (10 سنوات)، فقال: "لا يوجد هنا شيء. كنا نلعب في المخيم. الآن لا نلعب ولا نخرج، فقط نخاف".
منزل تحوّل إلى ثكنة إسرائيلية
أحمد فايد (37 عاماً)، يروي هو الآخر قصة الألم اليومي في النزوح، قائلاً إنه يعيش اليوم في غرفة واحدة مع زوجته وبناته الثلاث، بعدما خسر منزله الذي تبلغ مساحته 130 متراً مربعاً.
يقول: "الجيش الإسرائيلي حوّل بيتي إلى ثكنة عسكرية، لا أستطيع الاقتراب منه، وهم يسكنون فيه الآن، تخيل أن منزلك بيد عدوك!".
ويضيف: "فرحة العيد غائبة، لا يوجد عيد، نحن مشتتون والناس في حال يرثى لها".
نزوح جماعي ومستقبل غامض
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على محافظتي جنين وطولكرم في 21 يناير، تستمر عمليات القصف، الاعتقال، تحويل المنازل إلى نقاط عسكرية، وتهجير السكان، وتشير السلطة الفلسطينية إلى أن هذا التصعيد يأتي ضمن خطة ممنهجة من حكومة بنيامين نتنياهو لضم الضفة الغربية وإنهاء أي أمل بحل الدولتين.
وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى غزة، حيث تدور حرب إبادة خلّفت أكثر من 179 ألف شهيد وجريح، تشتعل الضفة كذلك، فقد استشهد نحو 972 فلسطينياً في الضفة وجرح آلاف آخرون، وفق إحصاءات فلسطينية رسمية.