"نيويورك تايمز".. القضاء الأمريكي يُبطل تخفيضات ترامب لمنح أبحاث الأقليات

"نيويورك تايمز".. القضاء الأمريكي يُبطل تخفيضات ترامب لمنح أبحاث الأقليات
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أرشيف

أصدر القاضي الفيدرالي ويليام ج. يونغ، من المحكمة الجزئية الأمريكية لمقاطعة ماساتشوستس، حكمًا يقضي بعدم قانونية تخفيضات إدارة الرئيس دونالد ترامب للمنح المقدمة من المعاهد الوطنية للصحة، والموجهة إلى أبحاث تُعنى بصحة النساء، والمجتمعات السوداء، وأفراد مجتمع الميم.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الاثنين، وصف القاضي تلك التخفيضات بأنها شكل من أشكال التمييز العنصري والجنسي الصريح، مؤكدًا أن مسوغات الإدارة تستند إلى دوافع أيديولوجية منحازة وليست علمية.

وشدّد القاضي، الذي عُيّن في عهد رونالد ريغان ويتمتع بخبرة تفوق 40 عامًا، على أن سياسات الحكومة في هذا الملف تشكّل "انحرافًا خطِرًا عن القيم الأمريكية"، وأمر بإعادة جزء كبير من التمويل المقطوع إلى حين الفصل في الاستئناف.

تطهير أيديولوجي

وصف ممثل الجمعية الأمريكية للصحة العامة، المحامي كينيث بارينو، تلك التخفيضات بأنها جزء من "جهد متسرّع لتطهير علمي قائم على الأيديولوجيا"، في إشارة إلى استهداف إدارة ترامب للأبحاث المتعلقة بالعرق والهوية الجنسية، واعتبارها "مواضيع محظورة".

بدأت حملة التخفيضات في مارس، حيث ألغت الإدارة عددًا من المنح البحثية الممولة من المعاهد الوطنية للصحة، والتي تركّز على قضايا مثل المساواة الصحية، التفاوت العرقي، وصحة الأمهات في مجتمعات الأقليات، أحيانًا بناءً على استخدام مصطلحات معينة في عناوين المشاريع.

وشهدت جامعات رائدة مثل هارفارد وكولومبيا تبخر مئات الملايين من الدولارات نتيجة هذه التخفيضات، ما زاد من حالة القلق في الأوساط العلمية، خصوصًا في ظل سياسة تقشف غير معلنة من الحكومة تجاه التمويل الموجه لأبحاث الأقليات.

وفي مايو، وقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا ربط فيه التخفيضات بـ"أزمة في إمكانية إعادة إنتاج النتائج" العلمية، ما أثار انتقادات واسعة باعتبار ذلك غطاءً لسياسات أيديولوجية تسعى إلى إعادة تشكيل دور الحكومة في دعم الأبحاث.

التمويل المخصص للاستجابة للأوبئة

وخفضت إدارة ترامب التمويل المخصص للاستجابة للأوبئة والأمراض المزمنة، مبرّرة ذلك بانتهاء حالة الطوارئ المتعلقة بجائحة كوفيد-19، كما اقترحت الإدارة في مشروع موازنتها الأخير تخفيضات حادة في ميزانية وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، خصوصًا المعاهد الوطنية للصحة.

استجوب القاضي يونغ خلال جلسة الاستماع محامي وزارة العدل توماس بورتس، مطالبًا بتوضيح الأساس الذي استندت إليه الإدارة في حرمان أبحاث معينة من التمويل رغم موافقة الكونغرس عليها.

ردّ بورتس بأن الأمر يعود لتقدير مدير المعاهد الوطنية للصحة حينها، جاي باتاتشاريا، الذي اعتبر بعض الأبحاث "عديمة القيمة العلمية" لأنها تتناول الهوية الجنسية.

وانتقد القاضي يونغ غياب الشفافية في قرارات الحكومة، معتمدًا على بيانات مستقاة من مشروع أكاديمي مستقل يدعى "جرانت ووتش"، جرى من خلاله رصد حجم التخفيضات وآثارها.

وأشاد القاضي بجهود الأكاديميين الذين كشفوا الأبعاد السياسية للقرارات، وقال: "إنهم جسّدوا الشجاعة العلمية في زمن تكميم الأفواه".

تحالفات مناهضة للقرار

قدّم تحالف من الولايات الديمقراطية، بالإضافة إلى ائتلاف من الباحثين والنقابات، دعاوى قضائية للطعن في التخفيضات التي استهدفت الأبحاث ذات الصلة بالتنوع والمساواة.

عدّ هؤلاء الإدارة قوّضت التقدّم العلمي، واتخذت موقفًا معاديًا لمبادئ الحياد العلمي من خلال استخدام التمويل أداةً لمعاقبة المؤسسات غير الموالية.

وخلال الجلسات، استعرض القاضي يونغ محطات التمييز العنصري في التاريخ الأمريكي، وناقش مزاعم إدارة ترامب بأن مبادرات التنوع والمساواة والدمج (D.E.I) تُعد "تمييزًا عكسيًا".

لكنّه شدد على أن "وجود سياسة حكومية تُنهي العمل الإيجابي لا يمنح ترخيصًا بالتمييز ضد فئات بعينها"، مؤكدًا أن الضرر الحقيقي لحق بالفئات الهشّة.

وقال القاضي: "أفهم أن العمل الإيجابي لم يكن دائمًا مثاليًا، لكن ما حصل ليس سوى انتكاسة أخلاقية"، وتابع متسائلًا: "كيف وصلنا إلى هذا الانحدار؟ ألا نخجل؟".

واختتم القاضي يونغ الجلسة بالإعلان عن نيته إصدار رأي قضائي مفصل لاحقًا، يُوضح فيه الأسس القانونية والوقائع التي استند إليها في قراره بإبطال قرارات الإدارة السابقة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية