"الغارديان": بعد خمسة أشهر فقط وعود ترامب بالسلام تتهاوى أمام تصاعد الحروب
من غزة إلى إيران وأوكرانيا
أدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليمين الدستورية في يناير الماضي، متعهداً بأن يكون "صانع سلام وموحداً"، وأن تُستخدم القوة الأمريكية لـ"إيقاف الحروب" و"جلب روح جديدة من الوحدة إلى عالم غاضب".
لكن بعد مرور خمسة أشهر فقط، شهدت رئاسته الثانية تراجعاً حاداً عن تلك الطموحات، وسط تصاعد النزاعات واندلاع مواجهات جديدة، أبرزها بين إسرائيل وإيران.
تعهد بالتهدئة.. فاندلعت المواجهة
وقعت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية على منشآت في إيران، بعد ساعات فقط من مطالبة ترامب لحكومة تل أبيب بعدم توسيع المواجهة.
وفيما حاول وزير الخارجية ماركو روبيو التقليل من مسؤولية واشنطن، واصفاً الهجوم بأنه "أحادي الجانب"، عاد ترامب سريعاً ليؤكد معرفته المسبقة بالضربة، وهدد بأن الضربات القادمة ستكون "أكثر وحشية".
غزة تحت الحصار والدمار
انهار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي ساهمت إدارة ترامب في التوسط له، خلال أسابيع فقط.
واستأنفت إسرائيل قصفها المكثف على القطاع، وفرضت حصاراً كاملاً على دخول المساعدات الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر.
ووفق تقارير دولية، تجاوز عدد القتلى في غزة 55 ألفاً، معظمهم من المدنيين.
أوكرانيا تشتعل مجدداً
رغم تعهد ترامب بإنهاء الحرب الأوكرانية "في يومه الأول"، واصلت القوات الروسية هجومها الصيفي، وتقدمت نحو منطقة دنيبروبيتروفسك للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، في إشارة إلى تجاهل موسكو مبادرات السلام التي يطرحها البيت الأبيض.
إخفاق دبلوماسي في آسيا
أثار إعلان ترامب عن "توسطه" في اتفاق لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان غضب نيودلهي، التي نفت علمها أو مشاركتها في أي تفاوض مباشر، معتبرةً تصريحاته محاولة لإحراز نقاط إعلامية لا أكثر.
تساؤلات حول أولويات واشنطن
اعترف وزير الدفاع بيت هيجسيث أمام الكونغرس بأن البنتاغون وضع خططاً طارئة للاستيلاء العسكري على مناطق مثل غرينلاند وبنما، وهو ما أثار تساؤلات حول علاقة هذه التحركات بمفهوم "صناعة السلام" الذي يروّج له ترامب.
مقاربة مشوشة للسلام
رجّح محللون أن تكون الضربات الإسرائيلية لإيران قد تمت بضوء أخضر أمريكي محدود، ضمن استراتيجية تصعيدية تهدف للضغط على طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات النووية.
لكن خبراء، من بينهم أندرو بورين، حذروا من أن هذا النهج قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التصعيد في "حرب باردة هجينة" تُخاض في الميدان وفي الفضاء السيبراني.
إيران بين التفاوض والتصعيد
تعتمد استراتيجية الضغط العسكري على استجابة إيران. فإما أن تعود إلى طاولة المفاوضات، أو أن ترفض الحوار وتسرّع خطواتها نحو امتلاك السلاح النووي.
وفي ظل قصف منشآتها ومقتل قادة بارزين، لا يبدو أن طهران تميل إلى خيار التهدئة.
يُعرف دونالد ترامب بتقديم وعود خارجية كبيرة تستند إلى شعار "أميركا أولاً"، مع وعود بتقليل التدخلات الخارجية، خلال ولايته الأولى، لم يدخل في حروب جديدة، لكنه اقترب من الصدام مع إيران.
أما في ولايته الثانية، ورغم خطابه التصالحي، فقد انخرطت إدارته في أزمات متصاعدة في مناطق متعددة، ما يكشف التحدي بين الشعارات الانتخابية وواقع الجغرافيا السياسية المتقلبة.