المعارض التركي إمام أوغلو يمثل أمام القضاء بتهمة "ترهيب القضاء"
المعارض التركي إمام أوغلو يمثل أمام القضاء بتهمة "ترهيب القضاء"
مَثُل رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو، الاثنين، أمام محكمة تابعة لسجن سيليفري في إسطنبول، بعد توجيه اتهامات جديدة له بمحاولة "ترهيب المدّعي العام" و"القدح والذم"، في تطور قضائي يعمّق من الأزمة السياسية والحقوقية التي تعصف بتركيا منذ توقيفه في مارس الماضي.
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن إمام أوغلو اقتيد إلى قاعة المحكمة تحت حراسة أمنية مشددة، وسط تصفيق ومؤازرة من أنصاره، في مشهد أعاد إلى الأذهان محاكمات سياسية سابقة لرموز المعارضة في البلاد.
ويواجه إمام أوغلو، الذي يشغل منصب رئيس بلدية إسطنبول منذ عام 2019 وأُعيد انتخابه بفارق واسع في انتخابات مارس 2024، تهماً إضافية تتعلق بـ"محاولة التأثير على السلطة القضائية"، وذلك بعد أن وجّه في يناير الماضي انتقادات علنية للمدّعي العام لإسطنبول، أكين غورليك، مشككًا في نزاهته واستقلاليته.
وتقول النيابة إن تصريحات إمام أوغلو ترقى إلى "القدح والذم" وتشكل محاولة لترهيب القضاء، فيما يرى مراقبون أن القضية تندرج في إطار "تصعيد سياسي موجه" ضد أبرز منافسي الرئيس رجب طيب أردوغان المحتملين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويُتهم المدعي العام أكين غورليك، الذي شغل في السابق منصب نائب وزير العدل، منذ أشهر بتوظيف سلطته القضائية لملاحقة شخصيات المعارضة، خصوصًا في بلدية إسطنبول التي تُعد مركز ثقل سياسي واقتصادي بارز.
السجن والمنع من الترشح
وبحسب مصادر قضائية، فإن العقوبات المحتملة التي يواجهها إمام أوغلو في هذه القضية قد تصل إلى سبع سنوات وتسعة أشهر، إلى جانب حرمانه من الحقوق السياسية، ما يعني منعه من الترشح لأي مناصب منتخبة، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية.
ويمثّل هذا المنع –إن تم– ضربة قاسية لحزب الشعب الجمهوري، الذي يعتبر إمام أوغلو من أبرز وجوهه الصاعدة، خاصة بعد الأداء الانتخابي اللافت الذي حققه في استحقاقات 2019 و2024.
وكانت السلطات التركية قد أوقفت إمام أوغلو فجر 19 مارس في منزله، في عملية وصفتها المعارضة بـ"الاستفزازية"، وذلك على خلفية اتهامات سابقة تتعلق بالفساد والإرهاب، وهي التهم التي نفاها مرارًا ووصفها بأنها "مفبركة لأغراض سياسية".
ومنذ توقيفه، يخضع إمام أوغلو للاحتجاز الاحتياطي في سجن سيليفري، حيث يتعرض للاستجواب في قضايا متزامنة، ما أثار انتقادات واسعة في الداخل والخارج، واعتُبر مؤشراً على تراجع سيادة القانون في تركيا.
وتسبب اعتقاله في اندلاع موجة احتجاجات حاشدة اجتاحت شوارع إسطنبول وعدد من المدن الكبرى، في أكبر حراك شعبي منذ تظاهرات غيزي بارك عام 2013، حيث ندد آلاف المواطنين بما وصفوه بـ"العدالة المسيسة" وطالبوا بإطلاق سراحه فوراً.
مخاوف دولية وقلق أوروبي
وعلى الصعيد الدولي، أعرب الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوقية بارزة –بينها هيومن رايتس ووتش ومجلس أوروبا– عن قلقهم إزاء ما وصفوه بـ"الاستهداف الممنهج للمعارضة التركية"، محذرين من "إفراغ العملية الانتخابية من معناها الديمقراطي".
ودعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنقرة مراراً لاحترام مبادئ المحاكمة العادلة، والإفراج عن السجناء السياسيين، معتبرة أن "الاستقلال القضائي في تركيا مهدد بفعل تغوّل السلطة التنفيذية".
ويأتي تصعيد القضايا القضائية ضد إمام أوغلو في وقت بدأت فيه التحضيرات المبكرة للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028، والتي يُنظر إليه فيها كأبرز منافس محتمل للرئيس أردوغان، خاصة بعد خسارة حزب العدالة والتنمية معاقل انتخابية مهمة في الانتخابات البلدية الأخيرة.