"هآرتس": آلاف الإسرائيليين يهربون سراً نحو قبرص عقب الضربات الإيرانية

"هآرتس": آلاف الإسرائيليين يهربون سراً نحو قبرص عقب الضربات الإيرانية
إسرائيلي يهرب عبر البحر

كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في تقرير نُشر اليوم الأربعاء، عن موجة متنامية من "رحلات الهروب السرية" التي ينفذها آلاف الإسرائيليين عبر البحر الأبيض المتوسط باتجاه قبرص، وسط تصاعد التهديدات الأمنية والضربات الإيرانية التي طالت عدة مواقع داخل إسرائيل في الأسابيع الأخيرة.

وانطلاقاً من موانئ مدنية في مدن مثل هرتزليا، حيفا، أسدود، ونتانيا، يستقل الهاربون يخوتاً صغيرة أو سفناً تجارية، في رحلات يصفها بعضهم بـ"اليائسة"، بحثاً عن الأمان، بعيداً عن أجواء التوتر الأمني والصواريخ التي باتت تطال المدن الإسرائيلية بشكل متكرر.

ورصد التقرير روايات متباينة للهاربين، حيث ادعى بعضهم أنهم رجال أعمال سيتنقلون لإنجاز أعمال تجارية ويعودون، في حين أقرّ آخرون بشكل صريح بأنهم يغادرون خوفاً من التصعيد العسكري مع إيران.

وقالت الصحيفة إن بعض الجهات الرسمية في إسرائيل، وتحديداً وزارتا النقل والسياحة، قدمت نصائح غير مباشرة للراغبين في المغادرة، خاصة حاملي الجنسيات الأجنبية، بأن يسلكوا طرقاً عبر مدينة شرم الشيخ في مصر أو المعابر الحدودية مع الأردن، تجنباً للإحراج السياسي أو التضييق القانوني.

رحلات مليئة بالمخاطر

وبينما أظهرت التحقيقات الصحفية أن بعض الهاربين لديهم خبرة ملاحية كافية تسمح لهم بالإبحار دون طاقم محترف، إلا أن آخرين لجؤوا إلى تأجير قوارب خاصة مقابل مبالغ تتراوح بين 600 و1200 دولار، حسب نوع القارب وسرعته ومستوى التأمين المتوفر فيه.

وقال أحد الهاربين للصحيفة الإسرائيلية: "الكابوس الحقيقي هو البحر نفسه: الأمواج، والغثيان، والقروش".

وروى قبطان يدعى موشيه أنه تلقى عشرات الطلبات لنقل أشخاص إلى قبرص، لكنه رفض جميعها خشية الملاحقة القانونية أو حظر نشاطه المهني.

وقال بحّار آخر بسخرية لاذعة: "سيتقيأون عليّ، ويسدون المرحاض بورق التواليت، وسأضطر لتبديله بالكامل.. هذا لا يستحق العناء".

ورغم ذلك، أوضح بعض القباطنة أن الرحلة البحرية نفسها ليست خطيرة من حيث الملاحة، لكنها قد تكون صعبة على غير المعتادين على الإبحار، خاصة في ظل اضطراب الأوضاع الجوية والتوتر النفسي المصاحب للهروب من منطقة صراع.

تفاصيل السفن وأسعارها

تنوّعت مواصفات اليخوت المستخدمة بين قوارب صغيرة لا تحتوي على غرف نوم، وأخرى تعمل بمحركات ديزل تصل إلى قبرص في غضون 8 ساعات، كما أن بعضها يعمل بشكل تجاري بدون تأمين رسمي للركاب، ما يضاعف المخاطر القانونية والعملية لتلك الرحلات.

ونقل التقرير عن أحد القباطنة، وهو مالك يخت تجاري مرخص، أن بعض مالكي القوارب يستغلون الوضع ويرفعون الأسعار بسبب ارتفاع الطلب بشكل كبير، خاصة في ظل امتناع شركات الطيران عن توفير رحلات منتظمة للخارج.

وفي مرسى لم يُفصح عن اسمه، وثّقت الصحيفة وجود شركة بحرية تطلق بين 4 إلى 5 يخوت يومياً باتجاه قبرص، فيما اصطف عدد من العائلات مع أطفالهم في انتظار دورهم للهروب من الحرب. أحدهم، كان برفقة طفل يبلغ من العمر 4 سنوات، لم يُخفِ دوافعه وقال للصحيفة: "لقد سئمنا من الصواريخ.. لا نريد أن نعيش في رعب دائم".

تصاعد التوتر الإيراني- الإسرائيلي

تأتي هذه الموجة من الهروب البحري في سياق تصعيد خطير بين إسرائيل وإيران، شهد استهداف مواقع استراتيجية داخل إسرائيل بطائرات مسيّرة وصواريخ دقيقة، وسط تراجع ثقة السكان بقدرة الحكومة على ضمان الأمن الداخلي.

وسجلت الأيام الأخيرة حالة هلع بين السكان في المدن الكبرى، وزيادة ملحوظة في معدلات السفر للخارج، سواء عبر الطيران أو البحر، خصوصاً مع دخول مطارات مركزية مثل بن غوريون في دائرة الاستهداف الإيراني.

وتسلط هذه الظاهرة الضوء على حالة التصدع في ثقة المجتمع الإسرائيلي بمؤسساته السياسية والعسكرية، إذ يرى محللون أن الهروب الجماعي لا يعكس فقط الخوف من الحرب، بل أيضاً الإحباط من إدارة الأزمة وغياب الخطط الاستراتيجية للتعامل مع سيناريوهات التصعيد الإقليمي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية