فليتشر: النظام الإغاثي ينهار وأكثر من 300 مليون شخص بحاجة للمساعدة
فليتشر: النظام الإغاثي ينهار وأكثر من 300 مليون شخص بحاجة للمساعدة
قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، إن الحركة الإنسانية العالمية تواجه أخطر اختبار لها منذ تأسيس النظام القائم على القواعد، معتبرًا أن ما يحدث “ليس مجرد أزمة تمويل، بل أزمة معنويات وشرعية أيضًا”، لافتاً إلى أن أكثر من 300 مليون شخص ما زالوا بحاجة إلى الحماية والمساعدة.
دعوة عاجلة لتجديد التضامن
وتحدث فليتشر في الجلسة الافتتاحية للشق الإنساني من أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي المنعقد في جنيف يوم الأربعاء، قائلاً: "تجديد التضامن العالمي من أجل الإنسانية لم يعد شعارًا، بل ضرورة ملحّة أكثر من أي وقت مضى" وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وأضاف فليتشر أن "القطاع الإنساني يواجه نقصًا حادًا في التمويل، وإرهاقًا غير مسبوق، ويتعرض لهجمات مستمرة"، مشيرًا إلى أن ما يجري يشكّل دعوة عاجلة إلى تحرّك فعلي "للحد من المعاناة، وإنقاذ الأرواح، وتقديم دعم ملموس لا شعارات فارغة".
الشرق الأوسط على حافة الانفجار
رصد فليتشر في كلمته تطورات إنسانية مقلقة في مناطق مختلفة من العالم، مؤكدًا أن "الشرق الأوسط يتأرجح على شفا حرب أوسع نطاقًا، فيما سكان غزة يتضورون جوعًا بينما الغذاء المقدم لهم يتعفن على المعابر".
وتحدّث عن الوضع الكارثي في السودان قائلاً: "النساء في السودان يتعرضن لعنف مروّع.. أجسادهن تحوّلت إلى ساحات معارك، يعانين بصمت وسط غياب المساءلة والتجاهل الدولي"، قبل أن يطرح تساؤلًا إنسانيًا لافتًا: “هل نحن هنا من أجلهن؟”.
أزمة تمويل وتراجع عالمي في الاستجابة
لفت فليتشر إلى المفارقة الصادمة بين تفاقم الحاجات الإنسانية وتراجع التمويل، قائلاً: "نطلب أموالًا أقل لإنقاذ عدد أقل من الأرواح، لكن هذا لا يعني أن الآخرين اختفوا.. أكثر من 300 مليون شخص ما زالوا بحاجة إلى حمايتنا ومساعدتنا".
نحو نموذج إنساني جديد
أكد وكيل الأمين العام أن الوقت قد حان لتجاوز الإصلاحات الجزئية، وقال: "لن نكتفي بترقيع النموذج القديم، بل سنبني نموذجًا جديدًا، أكثر محلية ومرونة ومراعاة للبيئة".
وأشار إلى التزام واضح من اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات بوضع النساء والفتيات في مركز الاستجابة الإنسانية، مضيفًا: "لن نحميهن فقط، بل سنجعل لهن القيادة الحقيقية داخل هذا التحوّل".
لحظة مفصلية في تاريخ الإنسانية
وفي مستهل حلقة النقاش، أكد السفير بوب راي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن العالم يمرّ بلحظة عصيبة، في ظل تحديات متصاعدة من فقر وصراعات ونزوح وتغيّر مناخي.
ودعا إلى تجاوز النظرة الضيقة التي تفصل بين الدعم الإنساني والتنموي، قائلاً: "علينا كسر تلك الصوامع وإلغاء الأساليب التي تستبعد جهود الآخرين، لنجمعها في منظومة واحدة أكثر فاعلية".
وأكد ضرورة بناء شراكات جديدة بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وتوفير آليات تمويل مبتكرة تتيح للدول النامية النجاة من دوامة الديون المتفاقمة، مشيرًا إلى أن "التغيير ليس سهلًا لأنه يتطلب التخلي عن أشياء نعتز بها، لكننا مطالبون بالسؤال: ما السبيل الأفضل لخدمة الإنسانية؟".
يأتي هذا التحذير من قلب النظام الأممي في وقت يشهد العالم فيه تصاعدًا غير مسبوق في الأزمات الإنسانية، بدءًا من غزة والسودان، مرورًا باليمن وأفغانستان، ووصولًا إلى مناطق الكوارث المناخية، ورغم ارتفاع عدد المتضررين إلى مستويات تاريخية، فإن الاستجابة الدولية تتراجع بشكل ملحوظ في التمويل والدعم السياسي، ما دفع الأمم المتحدة إلى التفكير بنموذج جديد كليًا في العمل الإنساني يعتمد على المحليّة والشراكة العادلة.