يهدد مصداقية أوروبا.. تحذيرات من صمت الاتحاد تجاه انتهاكات إسرائيل في غزة
يهدد مصداقية أوروبا.. تحذيرات من صمت الاتحاد تجاه انتهاكات إسرائيل في غزة
قالت ليزا موسيول، رئيسة شؤون الاتحاد الأوروبي في "مجموعة الأزمات الدولية"، إن مصداقية الاتحاد الأوروبي مهددة بشكل جدي إذا لم يتخذ خطوات لمواجهة الانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.
وفي مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول نشرت الثلاثاء، أوضحت موسيول أن تقارير مسرّبة من داخل الاتحاد توثق وقوع انتهاكات جسيمة، مضيفة: "إذا لم يتخذ الاتحاد أي خطوة استنادًا إلى هذه الانتهاكات، فستُمسّ مصداقيته بشكل كبير أمام كل هذه الأدلة".
اتفاق الشراكة تحت المجهر
يُجري الاتحاد الأوروبي حاليًا مراجعة شاملة لاتفاقية الشراكة الموقعة مع إسرائيل، استنادًا إلى البند الثاني منها الذي يربط استمرارية الاتفاق باحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وكان وزراء خارجية الاتحاد قرروا في 20 مايو الماضي، بناءً على مقترح هولندي، إعادة تقييم الاتفاق، فيما تقوم دائرة العمل الخارجي الأوروبي بتحليل مدى التزام إسرائيل ببنود الاتفاقية.
وتؤكد موسيول أن فقرة حقوق الإنسان في الاتفاق تمثل أداة ضغط مهمة، محذرة من أن تجاهلها سيفرغها من مضمونها.
توتر إقليمي
ورغم المؤشرات السابقة التي رجّحت تعليق بعض بنود الاتفاق، قالت موسيول إن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران غيّر المعادلة.
"قبل تصاعد التوتر، كان من المرجح تعليق أجزاء من الاتفاقية، أما الآن فقد انخفضت احتمالية ذلك"، قالت موسيول، مضيفة أن بعض الدول الأعضاء قد تعارض علنًا أي خطوة في هذا الاتجاه.
ومنذ 13 يونيو، تنفذ إسرائيل هجمات عسكرية مكثفة على منشآت وقواعد إيرانية، بينما ترد طهران بقصف صاروخي بطائرات مسيرة، في تصعيد خطير أدى إلى سقوط مئات الضحايا.
دعوات للضغط على إسرائيل
شددت موسيول على أن الاتحاد الأوروبي يمتلك نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا كبيرًا، لكنه لم يظهر حتى الآن الإرادة السياسية لاستخدامه في الضغط على إسرائيل لوقف العدوان وفتح ممرات إنسانية.
وقالت: "علينا أن نضغط بشكل جاد من أجل وقف إطلاق النار في غزة... الاتحاد الأوروبي يملك أوراقًا مهمة يجب أن يُفعّلها".
ودعت إلى استخدام الاتفاقيات التجارية والمالية كوسائل ضغط، مشيرة إلى أن دولًا مثل بريطانيا وأستراليا وكندا فرضت بالفعل عقوبات على وزراء إسرائيليين بسبب تحريضهم على العنف.
ازدواجية المعايير
وحذّرت موسيول من أن تجاهل الجرائم الإسرائيلية سيُعمّق تهمة "ازدواجية المعايير" التي تواجهها أوروبا، لا سيما في ظل تشددها إزاء روسيا مقارنةً بصمتها تجاه إسرائيل.
وقالت: "الوضع في إسرائيل يختلف بطبيعة الحال، لكن رغم ذلك لم يستخدم الاتحاد حتى جزءًا بسيطًا من أوراق الضغط التي يمتلكها".
وأشارت موسيول إلى أن فرض عقوبات أوروبية على وزراء إسرائيليين متطرفين، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، سيكون خطوة رمزية قوية، وتأكيدًا على أن سياسة الاستيطان والتحريض ليست ممارسات فردية بل سياسة ممنهجة.
يُذكر أن بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والنرويج فرضت عقوبات فعلية على الوزيرين، تضمنت تجميد أصول ومنع دخول، في حين لا يزال الاتحاد الأوروبي يتردد في اتخاذ خطوة مماثلة.
العدوان على غزة
منذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل عدوانًا واسع النطاق على قطاع غزة، خلف أكثر من 187 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين، وسط دعم أمريكي غير مشروط.
وتؤكد الأمم المتحدة أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتُقوّض أي فرصة لحل الدولتين، فيما لم تُجدِ الدعوات الدولية المتكررة لوقف العدوان أو تقديم المساعدات.
تصريحات موسيول تعكس حالة الرفض للانتهاكات داخل المؤسسات الأوروبية، حيث تواجه بروكسل اختبارًا حقيقيًا لقيمها المُعلنة، إما أن تتحرك فعليًا لمساءلة إسرائيل وفق التزاماتها القانونية، أو تخاطر بفقدان ما تبقى من مصداقيتها الدولية.