الأفريكانيون وترامب.. انقسام بين امتنان للجوء ورفض لـ"جريمة التمييز العنصري"

الأفريكانيون وترامب.. انقسام بين امتنان للجوء ورفض لـ"جريمة التمييز العنصري"
مواطنون من جنوب إفريقيا رافضون للسياسة الأمريكية

أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنح وضع اللاجئ لبعض الأفريكانيين البيض من جنوب إفريقيا جدلاً واسعاً، بين من عدّوه إنقاذًا طال انتظاره، وآخرين رفضوه بوصفه خطوة سياسية مبنية على تصور خاطئ لواقع ما بعد الفصل العنصري.

ووفق تحليل نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، السبت، وقع الرئيس ترامب في فبراير الماضي أمرًا تنفيذيًا يقضي بخفض المساعدات لجنوب إفريقيا وإنشاء برنامج لجوء خاص بالأفريكانيين، البالغ عددهم نحو 2.5 مليون شخص، جاء في القرار أن هؤلاء يتعرضون لـ"تمييز عنصري جائر"، في تلميح إلى ما يُوصف بـ"إبادة جماعية بيضاء"، وهي رواية يرفضها العديد من الجنوبيين الأفارقة.

اتهامات بالتمييز المعاكس

ينحدر الأفريكانيون من مزيج من المستعمرين الهولنديين والفرنسيين الهوغونوتيين الذين أسسوا نظام الفصل العنصري رسميًا عام 1948، واستمر حتى 1994، ولا تزال جنوب إفريقيا تعاني فجوات اقتصادية هائلة، حيث يمتلك البيض ثروات تفوق السود بنحو 20 ضعفًا، بحسب دراسة نُشرت في Review of Political Economy.

ورغم التقدم السياسي، يرى بعض الأفريكانيين المحافظين أن ثقافتهم ولغتهم تتعرض للتهميش، خاصة بعد تمرير قوانين تؤثر في تدريس اللغة الأفريكانية في المدارس.

وانقسم الأفريكانيون أنفسهم إزاء الخطوة الأمريكية، فالبعض رأى في عرض ترامب فرصة للهروب من التوترات المتصاعدة، فيما وصف آخرون ذلك بأنه تشويه للواقع وبحث عن دور الضحية بعد ثلاثة عقود من نهاية النظام العنصري.

وقال المحامي إميل مايبورغ، الذي نشأ في ظل الفصل العنصري، إنه رغم شعوره بالاستبعاد من مجتمعه المحافظ، إلا أن الثقافة الأفريكانية ما زالت حية ولا تواجه خطر الاندثار.

أما الطالبة زهريا فان نيكيرك، البالغة من العمر 22 عامًا، فقالت إن اللغة والثقافة لا تحتاجان إلى حماية خاصة مادامتا تمارسان داخل العائلات والمجتمع، معتبرة الخطاب الدرامي حول "التهديد الثقافي" مبالغًا فيه.

دعوات للحوار والاندماج

في مواجهة ما اعتبره "رواية مضللة"، أطلق القس شالك فان هيردن مبادرة "بيتريندرز" لتشجيع اللقاءات بين البيض والسود في البلدات، تهدف المبادرة إلى بناء جسور الثقة والتفاهم بين مكونات المجتمع، بدلًا من تبني السرديات الانعزالية.

وقال فان هيردن: "لسنا الضحايا الأكبر في هذه القصة.. نحن محظوظون وممتنون، ويجب أن نتمسك بجنوب إفريقيا بدلًا من الرحيل عنها".

وانتقد كثيرون مشهد ترحيل الأفريكانيين البيض إلى الولايات المتحدة في حين تُغلق أبوابها في وجه لاجئي الحروب، معتبرين الأمر تناقضًا صارخًا في سياسات اللجوء الأمريكية.

بعد أكثر من 30 عامًا على نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، لا تزال القضايا المرتبطة بالعرق والهوية والانتماء حاضرة بقوة في الخطاب العام، خاصة في ظل التفاوت الاقتصادي العميق، أما على الصعيد الدولي، فقد أثارت قرارات ترامب المتكررة بخصوص "اللاجئين البيض" جدلًا واسعًا، كونها تتناقض مع رفضه استقبال لاجئين من مناطق النزاعات في الشرق الأوسط وإفريقيا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية