"هيومن رايتس" تدعو للتعجيل باعتماد قانون النوع الاجتماعي في جنوب السودان
"هيومن رايتس" تدعو للتعجيل باعتماد قانون النوع الاجتماعي في جنوب السودان
حثّت منظمة "هيومن رايتس ووتش" سلطات جنوب السودان على الإسراع في اعتماد مشروع قانون النوع الاجتماعي، مؤكدةً أن تعجيل إقراره بات ضرورة لحماية النساء والفتيات من التصاعد المقلق في الانتهاكات المرتكبة بحقهن.
شددت المنظمة في بيان نشره موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء، على أن التأخير في اعتماد القانون يُسهم في ترسيخ الإفلات من العقاب، ويُعرّض الضحايا للمزيد من العنف، في وقت تشهد فيه البلاد تكرارًا خطيرًا لحوادث الاختطاف والاغتصاب والهجمات على المدارس.
أبلغت مصادر محلية في ولاية جونقلي عن حادثة اختطاف أربع طالبات يوم 25 يونيو، أثناء توجههن إلى أداء امتحانات المرحلة الثانوية في منطقة بوتشالا الشمالية، وأوضحت التقارير أن مسلحين مجهولين نفذوا عملية الاختطاف دون أن تتمكن قوات الأمن أو السلطات من إعادتهم حتى الآن، رغم الجهود التي نظمها السكان المحليون.
وكشفت الشرطة في العاصمة جوبا، بتاريخ 19 يونيو، عن توقيف سبعة مشتبه بهم على خلفية اغتصاب جماعي لفتاة تبلغ من العمر 16 عامًا، وسط موجة غضب شعبي إثر تداول مقطع فيديو يوثّق الهجوم على الإنترنت.
ودعا وزير شؤون المرأة في الحكومة إلى فتح تحقيق شامل ومحاسبة الجناة، في حين طالب ناشطون بتسريع إصلاح التشريعات المعنية بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، وتنظيموا منتديات عامة لتشجيع الناجيات على كسر الصمت.
ردود فعل واسعة
ورغم ما أثارته هذه الجريمة من ردود فعل واسعة، أكدت "هيومن رايتس ووتش" أن حالات المحاسبة القضائية نادرة، ما يُضعف ثقة الضحايا في النظام القانوني، ويُساهم في استمرار هذه الانتهاكات بلا رادع فعلي.
من جانبها، أفادت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام بأن مجموعة من الشبان المسلحين حاصروا مدرسة داخلية للبنات في منطقة ماريال لو، بولاية واراب، في مايو الماضي.
أشارت البعثة إلى أن الحصار استمر لساعات، واضطر المعلمون إلى إغلاق البوابات لحماية ما لا يقل عن 100 طالبة داخل المبنى، حتى تدخل جنود حفظ السلام وتفاوضوا على إنهاء التهديد.
وصفت "هيومن رايتس ووتش" الحادثة بأنها مثال خطير على هشاشة بيئة التعليم في جنوب السودان، محذّرة من أن استمرار الهجمات على المدارس يُقوّض حق الفتيات في التعليم، ويُكرّس دائرة من التهميش والتعرض للعنف.
الصراعات تغذي الانتهاكات
أرجعت المنظمة الحقوقية تفاقم الأوضاع إلى التداخل بين العوامل الثقافية والنزاعات المسلحة في البلاد، حيث تُستخدم أجساد النساء والفتيات كساحات معارك، سواء من خلال العنف الجنسي أو تحويلهن إلى وسائل تفاوض بين القبائل بسبب تقاليد مهر العروس.
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش" أن انتشار الأسلحة بشكل عشوائي، وضعف مؤسسات إنفاذ القانون، يُعزّزان من تفاقم هذه الأوضاع، ويُحوّلان الفتيات إلى ضحايا مستمرات لأفعال لا تجد أي رادع قانوني أو اجتماعي فعّال.
رحبت المنظمة بتحركات مجتمعية لحماية الفتيات، معتبرة أن هذه المبادرات تُنبئ بإمكانية التغيير، لكنها شددت في المقابل على أن الحماية المستدامة تتطلب التزامًا فعليًا من الدولة، عبر تبني قوانين قوية وتفعيل المؤسسات المسؤولة عن إنفاذها.
التزامات دولية
لفتت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن جنوب السودان يُعد طرفًا في عدد من الاتفاقيات الدولية، أبرزها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقية حقوق الطفل، بالإضافة إلى توقيعه على "إعلان المدارس الآمنة"، إلا أن هذه الالتزامات لم تنعكس حتى الآن في بيئة تشريعية كافية أو منظومة حماية متكاملة.
أشارت المنظمة إلى أن وزارتي شؤون المرأة والطفل والرعاية الاجتماعية ووزارة العدل طرحتا مشروع قانون لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، يهدف إلى تجريم الزواج القسري وزواج الأطفال، ويوفر للناجيات دعمًا نفسيًا واجتماعيًا مجانيًا.
وطالبت "هيومن رايتس ووتش" البرلمان بمنح مشروع القانون أولوية تشريعية قصوى، معتبرة أن إقراره سيكون خطوة ضرورية نحو سد الفجوة القانونية في حماية النساء والفتيات.
ودعت المنظمة الحقوقية إلى تقوية مؤسسات سيادة القانون في البلاد، وضمان إجراء تحقيقات فعالة، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات بلا استثناء.
وطالبت أيضًا بتأمين المدارس من خلال تعزيز الوجود الأمني، وتنظيم حوارات توعوية موجهة للشباب، والبدء في تنفيذ برامج نزع سلاح تراعى فيها معايير حقوق الإنسان.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن قدرة الفتيات على الذهاب إلى المدرسة والتعلم دون خوف يجب أن تكون من أولويات الدولة، مشددة على أن الحكومة تتحمل مسؤولية قانونية وأخلاقية لضمان هذا الحق، خاصة في ضوء الالتزامات الدولية التي تعهدت بها.