تقرير برلماني فرنسي ينتقد رئيس الوزراء على خلفية العنف في المدارس
تقرير برلماني فرنسي ينتقد رئيس الوزراء على خلفية العنف في المدارس
وجهت لجنة تحقيق برلمانية فرنسية الأربعاء انتقادات حادة إلى رئيس الوزراء فرنسوا بايرو على خلفية ما وصفته بـ"تقصير الدولة" في مواجهة العنف الممنهج في المؤسسات التعليمية، مؤكدة أن "انعدام التدابير" خلال تولي بايرو وزارة التعليم الوطني أسهم في استمرار الانتهاكات لسنوات.
التقرير الذي قدمته اللجنة بعد ثلاثة أشهر من التحقيق تخللتها جلسات استماع مكثفة، أبرزها جلسة مطوّلة مع رئيس الوزراء نفسه في 14 مايو الماضي، دعا إلى الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية إزاء هذه الانتهاكات، وطرح 50 توصية تشمل إصلاحات تشريعية وإدارية، وفق فرانس برس.
وقالت رئيسة اللجنة البرلمانية، فتيحة كلوة حاشي، إن اللجنة كشفت عن "فظائع تُرتكب بحق أطفال في كل أنحاء فرنسا"، مشددة على أن العنف في الوسط التعليمي "ظاهرة ممنهجة يتم التستّر عليها باسم الامتياز التربوي"، خاصة في المدارس الكاثوليكية.
ومن أبرز التوصيات التي وردت في التقرير: إنشاء صندوق تعويضات خاص للضحايا، وإدراج حظر العقاب الجسدي والمعاملة المُهينة في قانون التعليم، ورفع السرية عن الاعترافات الدينية في حال تعلقت بأعمال عنف ضد قُصّر دون سن الخامسة عشرة، وتعزيز الرقابة داخل المدارس الخاصة والعامة.
رئيس الوزراء في دائرة المساءلة
ويمسّ التقرير رئيس الوزراء شخصيًا، مشيرًا إلى علاقته المباشرة بإحدى المؤسسات التعليمية المتورطة وهي مدرسة نوتردام دو بيتارام، الواقعة بالقرب من مدينة بو التي يشغل بايرو رئاسة بلديتها. وقد كانت المدرسة محل أكثر من 200 شكوى من تلاميذ سابقين، اتهموا إدارتها ومعلميها بممارسة عنف جسدي وجنسي على مدى عقود.
كما ذكر التقرير أن بايرو، خلال توليه منصب وزير التعليم بين عامي 1993 و1997، كان على علم بالشكاوى لكنه لم يتخذ أي إجراءات حاسمة، و هذا "الانعدام في التدابير"، حسب ما ورد في التقرير، أدى إلى "استمرار الأفعال لسنوات لاحقة".
وخلال استجوابه، نفى بايرو أي علم مباشر بالانتهاكات، وأكد أنه لم يتدخل لعرقلة مسار العدالة في التسعينات، ورفض ما وصفه بـ"التشهير السياسي".
مدارس كاثوليكية تحت المجهر
لفت التقرير إلى أن مؤسسات التعليم الكاثوليكية تُعد الأكثر عرضة لظاهرة العنف المدرسي، مشيرًا إلى أن نمط التعليم فيها يتميّز بـ"الصرامة والانضباط المفرط"، إلى جانب "قانون الصمت" الذي يمنع الضحايا من التبليغ أو الحصول على الدعم.
وحذّر البرلمانيان بول فانييه (فرنسا الأبيّة) وفيوليت سبيلبو (النهضة)، المقرران المكلّفان بإعداد التقرير، من تفشي هذه الظاهرة داخل "كل أنواع المؤسسات التعليمية في فرنسا"، معتبرين أن التقاعس المؤسسي يمثل "خيانة لثقة المجتمع والدستور على حد سواء".
تأتي هذه التحقيقات البرلمانية في وقت تشهد فيه فرنسا تزايدًا مقلقًا في تقارير العنف داخل الأوساط التعليمية، سواء في المدارس العامة أو الخاصة، ما يثير جدلاً واسعًا حول فعالية الرقابة المؤسساتية والتشريعات المتعلقة بحماية القُصّر.
شكاوى من سوء المعاملة
منذ تسعينيات القرن الماضي، توالت شكاوى من سوء المعاملة في مدارس دينية، أبرزها مدرسة نوتردام دو بيتارام الكاثوليكية التي ينتمي إليها رئيس الوزراء الحالي فرنسوا بايرو من حيث النطاق المحلي والأسري، حيث درست فيها زوجته وتعلّم أبناؤه.
بايرو نفسه شغل منصب وزير التربية الوطنية بين عامي 1993 و1997، وهي فترة تؤكد اللجنة البرلمانية أنه كان خلالها على علم بشكاوى طلاب سابقين تعرضوا لانتهاكات جسدية ونفسية داخل المدرسة، لكن دون اتخاذ خطوات ملموسة لحماية الضحايا أو فتح تحقيقات إدارية أو قضائية شاملة.
وفي ظل احتدام الجدل السياسي والحقوقي في البلاد بشأن حماية الأطفال داخل المؤسسات التربوية، يُنظر إلى هذا التقرير على أنه محاولة لإعادة مساءلة الدولة عن إخفاقاتها في الرقابة، وإعادة النظر في حدود الحصانة السياسية أمام قضايا حقوق الإنسان في المجال التعليمي.