فرنسا تُشدد قيود التدخين.. حظر شامل بالشواطئ والمتنزهات ومحيط المدارس
فرنسا تُشدد قيود التدخين.. حظر شامل بالشواطئ والمتنزهات ومحيط المدارس
بدأت فرنسا تنفيذ قرار حكومي جديد يقضي بحظر التدخين في عدد من الأماكن العامة الحساسة، وعلى رأسها الشواطئ والمتنزهات، إضافة إلى مناطق انتظار الحافلات والمواقع المجاورة للمرافق التي يتردد عليها الأطفال، مثل المدارس وحمامات السباحة والمكتبات، وذلك في إطار خطة وطنية طموحة تستهدف خلق "جيل خالٍ من التبغ" بحلول عام 2032.
وجاء دخول القرار حيّز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية يوم السبت، متقدمًا بيوم كامل عن الموعد المعلن سابقًا، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تعكس جدية السلطات في مواجهة ظاهرة التدخين، خاصة مع قرب العطلة المدرسية الصيفية، وارتفاع أعداد الأطفال في الأماكن العامة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الاثنين.
فرضت السلطات غرامات مالية بحق المخالفين، تبدأ من 135 يورو وقد تصل إلى 700 يورو في بعض الحالات. كما ألزمت البلديات بتركيب لافتات توعوية تحدد المناطق المحظورة بوضوح، مع تطبيق رقابة مشددة من قبل الشرطة البلدية وفرق التفتيش الصحية.
وتحدد التعليمات الجديدة نطاق الحظر بمسافة لا تقل عن 10 أمتار من محيط المدارس والمكتبات والمسابح العامة، وهي المساحات التي تُعد محورية في تواجد الأطفال والشباب.
نحو جيل بلا تدخين
شدّدت وزيرة الصحة والعائلة الفرنسية كاترين فوتران على أن "التبغ يجب أن يختفي من الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال"، معتبرة أن القرار الجديد يمثل "خطوة مفصلية نحو هدف البلاد في الوصول إلى جيل خالٍ من التبغ بحلول 2032".
وأكدت الوزيرة أن هذه السياسة الوقائية لا تستهدف المدخنين بقدر ما تسعى إلى حماية الفئات الأكثر ضعفًا، خاصة الأطفال الذين يتعرضون للتدخين السلبي في الفضاءات العامة.
وانتقدت جمعيات مناهضة للتدخين ما وصفته بـ"القصور في التغطية القانونية للحظر"، معربة عن استيائها من استثناء التراسات المفتوحة في المقاهي والمطاعم، وكذلك السجائر الإلكترونية من الإجراءات الجديدة، رغم ما تمثله من مصادر جذب كبير للمراهقين.
ووصف رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة التدخين (CNCT)، الطبيب إيف مارتينيه، القرار بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية"، مؤكدًا أن التراسات لا تزال بيئة مكشوفة لتعرض الأطفال للدخان، داعيًا إلى معالجة هذه الثغرة في أسرع وقت ممكن.
تخوفات من تبعات اقتصادية
في المقابل، عبّر رئيس اتحاد مهن وصناعات الفنادق في منطقة باريس، فرانك ديلفو، عن اعتراضه على توسيع نطاق الحظر، مؤكدًا أن "نقل التدخين من التراسات إلى أماكن أخرى لا يعالج أصل المشكلة"، محذرًا من انعكاسات اقتصادية محتملة قد تطول القطاع السياحي والمطاعم والمقاهي في حال توسعت الإجراءات أكثر.
وأوضحت هيئة الصحة العامة الفرنسية أن التدخين السلبي يتسبب في وفاة ما بين 3,000 و5,000 شخص سنويًا، فيما يؤدي التدخين المباشر إلى وفاة نحو 75 ألف شخص سنويًا، ما يجعله من أبرز أسباب الوفاة التي يمكن الوقاية منها في البلاد.
ورغم ذلك، تشير بيانات هيئة مراقبة الإدمان OFDT إلى تراجع في معدلات التدخين بين البالغين، إذ أظهرت إحصاءات عام 2023 أن أقل من ربع الفرنسيين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و75 عامًا يدخنون بانتظام، مقارنة بنسبة 30% في عام 2016.
وكشفت نتائج استطلاع رأي حديث أن 62% من المواطنين الفرنسيين يؤيدون فرض حظر على التدخين في الأماكن العامة، خاصة تلك التي يرتادها الأطفال والعائلات، ما يعكس تغيرًا تدريجيًا في الثقافة العامة تجاه التدخين، وتزايد الوعي بخطورته الصحية والمجتمعية.