قوارب الهجرة تعبر المانش مجدداً وسط تصاعد القلق الأمني في فرنسا

قوارب الهجرة تعبر المانش مجدداً وسط تصاعد القلق الأمني في فرنسا
قارب هجرة غير شرعية- أرشيف

شهدت السواحل الفرنسية، الأربعاء، موجة متزايدة من محاولات عبور بحر المانش نحو بريطانيا، تزامناً مع انطلاق القمة الفرنسية البريطانية التي خُصص جزء من أعمالها لمكافحة الهجرة غير النظامية.

رصدت السلطات المحلية في منطقة غرافلين ودنكيرك، شمال فرنسا، ارتفاعاً لافتاً في عدد قوارب المهاجرين الصغيرة التي تتوجه نحو السواحل البريطانية، ما وضع رؤساء بلديات المدن الساحلية في مواجهة مباشرة مع تداعيات هذه الظاهرة المعقدة، وسط مخاوف من تكرار المآسي التي أودت بحياة العشرات خلال السنوات الماضية، بحسب ما ذكرت شبكة "مهاجر نيوز".

وأكدت "مهاجر نيوز" أن السلطات الفرنسية تواجه ضغوطاً متصاعدة من نظيرتها البريطانية لاتخاذ إجراءات أكثر حزماً، وسط قلق محلي من التأثيرات الأمنية والاجتماعية لتفاقم الوضع.

نقطة عبور للمهاجرين

سجلت المنطقة الواقعة بين مدينتي كاليه ودنكيرك، والتي لم تعرف هذه الظاهرة قبل عام 2022، تحوّلاً كبيراً منذ ذلك الحين، حيث تحولت إلى نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الذين يختبئون في الغابات والكثبان الرملية ليلاً قبل التوجه إلى البحر. 

وفي ما يبلغ طول المسافة الفاصلة بين الساحل الفرنسي والمملكة المتحدة حوالي 30 كيلومتراً فقط، فقد نجح أكثر من 20 ألف مهاجر في عبور المانش منذ بداية 2025، بزيادة 48% على العام الماضي، و75% على 2023.

وسجّلت دوريات الأمن في بلدية غرافلين نشاطاً مكثفاً للمهاجرين، إذ أشار آلان بونيفاس، نائب رئيس البلدية لشؤون الأمن، إلى وجود آثار واضحة للمخيمات المؤقتة والحرائق الليلية في الغابات المحيطة.

محاولات عبور يومياً

وأوضح بونيفاس أن الأيام المشمسة تشهد بين أربع إلى خمس محاولات عبور يومياً، تتكرر خصوصاً في المسافة الممتدة بين دانكيرك وغرافلين. 

ويشير السكان إلى ازدياد التوتر في البلدة التي تضم 11 ألف نسمة، خاصة بعد ملاحظات عن حرائق اندلعت في حدائقهم، وأصوات طلقات نارية مرتبطة بتصفية حسابات بين شبكات التهريب.

وأعرب رئيس بلدية غرافلين عن قلقه من تأثير الأوضاع الأمنية على الاقتصاد المحلي، مؤكداً أن المدينة تستقطب استثمارات وشركات كثيرة بفضل وجود أكبر محطة لتوليد الكهرباء في أوروبا الغربية.

حذر المسؤولون المحليون من أن حالة عدم الاستقرار قد تعرقل المشاريع الاقتصادية في المنطقة، التي تمثل رافعة اقتصادية في إقليم با دو كاليه. 

ومع تزايد الضغوط السياسية البريطانية، طالبت لندن باريس بتوسيع صلاحيات الشرطة والجيش الفرنسيين ليشمل نطاق تدخلهم حتى عمق 300 متر داخل المياه.

محاولة ثقب أحد القوارب

وثّقت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تقرير مصور مؤخراً محاولة الشرطة الفرنسية ثقب أحد القوارب المطاطية في عرض البحر، وهي سابقة أثارت جدلاً واسعاً داخل فرنسا.

وأعلنت السلطات الفرنسية للمرة الأولى دفاعها العلني عن هذا الأسلوب الوقائي لمنع القوارب من الإبحار، غير أن منظمات إنسانية وضباطاً في الشرطة أعربوا عن تخوفهم من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة معدلات الوفيات، فقد لقي 15 مهاجراً مصرعهم على السواحل البريطانية منذ بداية العام فقط.

وأوضح مارك موسيول، مندوب وحدة شرطة الحدود في با دو كاليه، أن التحديات اللوجستية تعوق مهام قوات الأمن، مشيراً إلى أن وزن المعدات التي يحملها عناصر الشرطة يصل إلى عشرة كيلوغرامات.

وأكد موسيول أن المهام البحرية تتطلب جهداً بدنياً كبيراً، لا سيما حين يضطر أفراد الشرطة لدخول المياه لإيقاف قوارب المهاجرين. في المقابل، دعا بونيفاس، نائب الأمن في غرافلين، إلى إنشاء منطقة خالية من المخيمات على الساحل لمنع تحول الغابات والمناطق الرملية إلى نقاط انطلاق منتظمة للمهاجرين.

مخيمات وملاجئ عشوائية

انتشرت مخيمات وملاجئ عشوائية على طول الساحل الشمالي لفرنسا، حيث يواجه المهاجرون ظروفاً معيشية متردية في ظل تزايد الضغط الأمني، بحسب إفادات منظمات الإغاثة.

في كاليه، يقيم أكثر من 200 مهاجر في مخزن مهجور من المقرر إخلاؤه في سبتمبر المقبل، تصطف عشرات العائلات أمام شاحنة جمعية "سلام" يومياً للحصول على الغذاء، حيث يتم توزيع الموز والماء والخبز. 

وتقول يولين، متطوعة في الجمعية، إن المهاجرين "يحملون معهم الطعام ليختبئوا في الكثبان الرملية أياماً قبل التوجه للبحر".

التفكير في البقاء

أفاد مهاجرون مثل إينوك، الشاب الإريتري البالغ من العمر 27 عاماً، بأن محاولات العبور المتكررة تستنزفهم مادياً ونفسياً، ما يدفع بعضهم إلى التفكير في البقاء داخل فرنسا.

وقال إينوك إنه فشل أربع مرات في عبور القناة رغم دفعه 1400 يورو للمهربين، مضيفاً: "لم يعد لدي مال، ربما أطلب اللجوء في فرنسا"، لكن مئات آخرين لا ينوون التراجع، بل يستعدون لاستغلال تحسن الأحوال الجوية المتوقع نهاية الأسبوع لمعاودة المحاولة، وسط توقعات أمنية بتصاعد العبور في الأيام المقبلة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية