سنوات من القمع والحرمان.. نساء أفغانستان يصرخن في وجه الظلم
سنوات من القمع والحرمان.. نساء أفغانستان يصرخن في وجه الظلم
أطلقت حركة "صوت المرأة الأفغانية" نداءً إنسانياً يعبّر عن معاناة نساء أفغانستان تحت حكم طالبان، بعد أربع سنوات من القيود المتصاعدة والتمييز الممنهج الذي طال جميع جوانب حياتهن، من حرمان التعليم والعمل إلى العنف المنزلي والزواج القسري، وسط غياب أي دعم قانوني أو مؤسساتي يحمي حقوقهن الأساسية.
طالبت الحركة، في بيان نُشر على صفحتها الرسمية في فيسبوك، اليوم الثلاثاء، بوقف عاجل للعنف البنيوي الذي تتعرض له النساء في أفغانستان، محذّرة من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى "انهيار كامل لمكانة المرأة في المجتمع الأفغاني"، بعد أن تحوّل التمييز إلى "نظام اجتماعي وقانوني" يُقصي النساء من المجال العام ويحبسهن خلف الجدران.
وأشارت ناشطات في تظاهرة احتجاجية نُظمت سراً في أحد أحياء العاصمة كابول، إلا أن النساء الأفغانيات لا يُحرمن فقط من الدراسة والعمل وحرية التنقل، بل يُواجهن اليوم أشكالاً متزايدة من العنف داخل منازلهن، في ظل غياب آليات الحماية القانونية وغياب صوت العدالة.
مؤسسات الحماية تنهار
أعرب البيان عن قلق متزايد من انهيار مؤسسات دعم النساء، وأوضح أن النساء لم يتلقين -خلال السنوات الأربع الماضية- أي نوع من الخدمات الصحية أو القانونية أو النفسية المخصصة لضحايا العنف، بعد إغلاق معظم المراكز الحقوقية والمنظمات المدنية النسوية، وملاحقة العاملات فيها من قبل سلطات طالبان.
وأكدت حركة "صوت المرأة الأفغانية"، على أن "غياب الدعم المؤسسي لا يفاقم معاناة النساء فحسب، بل يتركهن فريسة صامتة للعنف، دون ملاذ أو نصير".
ودعت الحركة إلى إعادة تفعيل مؤسسات المجتمع المدني النسوية التي أُغلقت قسراً منذ 2021، وتمكينها من الوصول إلى النساء المحتاجات في المدن والقرى.
أرقام صادمة عن العنف
تزامنت هذه الدعوات مع صدور تقارير حديثة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة تشير إلى أن معدلات العنف ضد النساء في أفغانستان بلغت ثلاثة أضعاف المعدل العالمي، في ظل تفشي ظواهر مثل الزواج القسري، والعزل القسري داخل المنازل، والضرب والتجويع وسائلَ "تأديب" معترف بها في المجتمعات التقليدية التي أعادتها طالبان إلى الواجهة.
وتحذر التقارير من تفشي الاضطرابات النفسية بين النساء والفتيات، وارتفاع حالات الانتحار بين المراهقات، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من العزلة وغياب التغطية الإعلامية أو المراقبة الحقوقية الدولية.
دعت الحركة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف التدهور المتسارع في وضع المرأة الأفغانية، مشددة على أن "التقاعس في وجه ما يحدث في أفغانستان هو تواطؤ مع الاستبداد"، ومطالبة بفرض ضغوط سياسية حقيقية على طالبان لإجبارها على احترام الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق المرأة تحديداً.
وشددت النساء المشاركات في التظاهرات على ضرورة تحويل التضامن الدولي إلى إجراءات عملية، داعيات إلى فرض عقوبات على القيادات التي تُصادق على هذه السياسات القمعية، وتقديم الدعم المباشر للمبادرات النسائية السرية التي لا تزال تحاول الصمود في الداخل.
"الصمت خيانة"
اختتمت الحركة بيانها برسالة قوية: "الصمت أمام الظلم تواطؤ معه"، مطالبة كل الناشطين في الداخل والخارج بعدم السكوت، والعمل على توثيق الانتهاكات وفضحها أمام الرأي العام العالمي، لعل ذلك يُحدث فرقاً في حياة ملايين النساء الأفغانيات المحرومات من أبسط حقوقهن.
ويأتي هذا التصعيد الحقوقي في وقت تُعد فيه أفغانستان من أكثر دول العالم قمعاً للمرأة، حيث لا تزال طالبان تفرض قيوداً صارمة على الزي النسائي، وتمنع الفتيات فوق سن 12 من الذهاب إلى المدارس، وتغلق أبواب الجامعات والمعاهد بوجههن، ما يجعل الطريق إلى الحرية بالنسبة للنساء في هذا البلد أكثر وعورة من أي وقت مضى.