شباب في مواجهة تغير المناخ.. معركة من أجل "الحياة والحرية" في أمريكا
شباب في مواجهة تغير المناخ.. معركة من أجل "الحياة والحرية" في أمريكا
في ساحةٍ صغيرة أمام مبنى الكونغرس الأمريكي، رفعت إيفا لايتهايزر لافتةً كُتب عليها: "أريد أن أعيش، لا أن أتكيف".
قد تبدو هذه العبارة صرخة عابرة في مظاهرة طلابية، لكنها تمثّل جوهر واحدة من أكثر القضايا القانونية الإنسانية جرأة في الولايات المتحدة، مجموعة من الشبان والشابات قرروا، عبر المحكمة، أن يطالبوا بحقّهم في مستقبل مناخي آمن، مستندين إلى الدستور ذاته، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء.
في ولاية مونتانا، يتحدّى هؤلاء الشباب سياسات حكومية يعتبرونها انتهاكًا صريحًا لحقّهم في الحياة والحرية والسعي وراء السعادة، وهي القيم ذاتها التي تأسست عليها الولايات المتحدة.
في مواجهة التغير المناخي
الشكوى التي ينظر فيها القضاء الأمريكي ترتكز على التعديل الخامس للدستور، والذي يمنع الحكومة الفيدرالية من حرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية دون إجراءات قانونية عادلة، لكن هنا، لا يطالب الشبان بحريات فردية معتادة، بل بشيء أبسط.. الحق في بيئة قابلة للعيش.
تقول لايتهايزر، وهي فتاة في التاسعة عشرة من عمرها، نشأت قرب منتزه يلوستون الوطني: "عشت في كنف الطبيعة، لكنني أراها تتبدّل أمام عيني، الحرائق، الفيضانات، السماء الملبدة بالدخان.. لم أعد أشعر بالأمان".
وتضيف بصوت هادئ: "أعاني من القلق، ليس فقط من المستقبل البعيد، بل من الغد القريب. ماذا لو كانت هذه الصيفية هي آخر صيف أراه بشكل طبيعي؟".
الجيل الأصغر يُقاضي السلطة
الشكوى مرفوعة ضد الحكومة الفيدرالية، وتحديدًا ضد قرارات الرئيس دونالد ترامب، الذي أعلن خلال ولايته "حالة طوارئ طاقية" لتسريع مشاريع النفط والغاز، وتقويض جهود الطاقة المتجددة.
يمثل الشباب في هذه القضية منظمة أور تشلدرن (أولادنا)، وهي مؤسسة حقوقية بيئية يقودها المحامي مات دوس سانتوس الذي يقول: "المحكمة العليا، التي دافعت سابقًا عن 'الحق في الحياة' للحد من الإجهاض، مطالبة اليوم أن تعترف بأن أطفالًا أحياء يُحرَمون فعليًا من هذا الحق بسبب التدمير البيئي".
القضية لا تتعلق فقط بالقوانين، بل بمشاهد يومية مؤلمة، يحكي عنها جوزيف لي (19 عامًا)، أحد المشاركين في الشكوى: "ولدت قرب مصفاة نفط في كاليفورنيا. عانيت الربو الحاد، وانتقلنا إلى كارولاينا الشمالية لنواجه هناك الفيضانات. في كل مكان، هناك خطر يلاحق أنفاسي".
نضال بلون شبابي
التحركات الشبابية لم تقتصر على مونتانا، فقد شهدت ولايات أخرى مثل هاواي انتصارات قانونية لصالح البيئة، أبرزها تسريع إزالة الكربون من قطاع النقل.
ويرى الخبراء أن هذه القضايا تُذكّر بمعارك تاريخية أخرى، مثل إنهاء التمييز العنصري وزواج الأعراق.
لكن باتريك بارينتو، أستاذ القانون البيئي بجامعة فيرمونت، يحذّر من المعركة القانونية الطويلة: "المسار صعب، خاصة مع وجود محكمة عليا محافظة. لكن لا يمكن للجيل القادم أن يقف مكتوف الأيدي".
ويضيف: "تمامًا كما واجهت الأجيال السابقة التفرقة والتمييز، يخوض هؤلاء الشباب معركة ضد أكبر تهديد إنساني في العصر الحديث: تغير المناخ".
الحق في الاستمتاع بالحياة
الحركة لا تخلو من الانتقادات. يعتبر بعض الأكاديميين، مثل جوناثان أدلر، أن هذه القضايا مجرد "نشاط سياسي رمزي" لا يستند إلى قوة قانونية حقيقية.. لكن الشباب لا يبدون قلقين من نظرة الخصوم.
تقول لايتهايزر بابتسامة حزينة: "ربما نحن لا نملك السلطة.. لكننا نملك الأمل. نريد فقط أن نعيش حياة كريمة، نستنشق فيها هواءً نظيفًا، ونخطط لأسرنا من دون خوف".