التحقيق الرابع خلال أسبوعين.. إدارة ترامب تستهدف أول رئيس أسود لجامعة جورج ماسون
التحقيق الرابع خلال أسبوعين.. إدارة ترامب تستهدف أول رئيس أسود لجامعة جورج ماسون
واصلت إدارة ترامب توسيع تحقيقاتها داخل مؤسسات التعليم العالي في ولاية فرجينيا، بإطلاقها التحقيق الرابع في غضون أسبوعين مع جامعة جورج ماسون، كبرى الجامعات الحكومية في الولاية، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، الثلاثاء.
يتركّز التحقيق الأخير الذي أطلقته وزارة العدل الأمريكية على سياسات الجامعة المتعلقة بالتنوع والمساواة والشمول، حيث أُبلغت الجامعة يوم الاثنين رسميًا بفتح تحقيق في احتمال وجود تمييز على أساس العرق أو الأصل القومي ضمن سياسات القبول ومنح الامتيازات الطلابية، بحسب ما ورد في رسالة رسمية من الوزارة.
يأتي ذلك بعد تحقيق مماثل أطلق قبل أيام بشأن ممارسات التوظيف والترقيات داخل المؤسسة نفسها.
التحقيق الرابع خلال أسبوعين
أوضحت "واشنطن بوست" أن هذه التحقيقات الأربعة تأتي في سياق حملة أوسع من إدارة ترامب تستهدف ما يُعرف بسياسات "التنوع والعدالة والدمج"، وتثير، بحسب مراقبين في جامعة فرجينيا، مخاوف بشأن محاولات لإقالة رئيس جامعة جورج ماسون، غريغوري واشنطن، الذي يعد أول شخص أسود يتولى هذا المنصب في تاريخ الجامعة.
دافع واشنطن في أكثر من مناسبة علنية عن سياسات الجامعة، رافضًا الادعاءات التي تشير إلى وجود تمييز أو محاباة في برامجها، وأكد في بيان سابق أن "جهود التنوع مصممة لتوسيع الفرص وبناء التميز الشامل، وليس لاستبعاد أي فئة أو منح أخرى مزايا بشكل غير قانوني".
وبحسب الرسالة الرسمية الصادرة عن وزارة العدل، فإن الوزارة ترى أن "الفصل العنصري فيما يتعلق بالوصول إلى البرامج أو المرافق أو أي جانب من جوانب الحياة الطلابية أمر غير قانوني"، وأضافت أن "اللامبالاة المتعمدة من قِبل إدارة الجامعة تجاه بيئة تعليمية معادية عنصريًا تُعد أيضًا مخالفة قانونية".
وأشارت الرسالة ذاتها إلى أن التحقيق سيتطرق كذلك إلى كيفية استجابة الجامعة لشكاوى تتعلق بمزاعم عن معاداة السامية في الحرم الجامعي، دون أن تشير صراحة إلى وقائع محددة أو شكاوى موثقة في هذا الشأن، ولم تُصدر وزارة العدل أي تعليق إضافي حول مجريات التحقيق أو أسبابه.
ردود الفعل المؤسسية
وفي مواجهة هذا التصعيد الفيدرالي، أصدر مجلس زوار جامعة جورج ماسون -الهيئة الإدارية المسؤولة- بيانًا أكد فيه "الاستعداد الكامل للتعاون مع التحقيقات"، مشددًا على "الالتزام بضمان امتثال الجامعة للقوانين الفيدرالية الخاصة بمكافحة التمييز، واستمرار أدائها لمهمتها الأكاديمية بصفتها أكبر جامعة عامة في ولاية فرجينيا".
يُذكر أن جامعة جورج ماسون تضم أكثر من 40 ألف طالب، وكانت تُعرف في السابق مؤسسةً صغيرة قبل أن تنمو بسرعة خلال العقدين الأخيرين.
وتشتهر كلية القانون التابعة لها، "أنطونين سكاليا"، بتوجهاتها المحافظة، وارتباط بعض أعضائها الحاليين والسابقين بمؤسسة هيريتيج، التي تقف وراء "مشروع 2025" المرتبط بسياسات اليمين الأمريكي.
خلفيات سياسية وقانونية
ووفقًا لـواشنطن بوست، استعان مكتب المدعي العام لولاية فرجينيا، جيسون إس. مياريس، بمكتب محاماة شارك في تأسيسه المدعي العام السابق في إدارة ترامب، ويليام ب. بار، من أجل تمثيل الكليات العامة في التحقيقات الجارية، وتُعد هذه الخطوة مؤشراً على مدى تقارب التوجهات السياسية بين المكتب القضائي للولاية والإدارة الفيدرالية.
في هذا السياق، عبّر النائب الديمقراطي روبرت "بوبي" سكوت، العضو البارز في لجنة التعليم والقوى العاملة بمجلس النواب، عن قلقه إزاء تطورات المشهد.
وقال في تصريح صحفي: "هذه هي المرة الثانية في أقل من شهر التي تسعى فيها إدارة ترامب إلى تقويض استقلال مؤسسات التعليم العالي في فرجينيا"، واصفًا التحقيقات بأنها "مقلقة".
تشابه مع تجربة جامعة فرجينيا
تأتي تحقيقات جورج ماسون في أعقاب تحقيقات مماثلة استهدفت جامعة فرجينيا، حيث تلقى مسؤولوها سبع رسائل من وزارة العدل خلال الأشهر الماضية، تضمنت اتهامات بالتمييز العنصري وانتهاكات في برامج التنوع والشمول، وقد أدّت تلك التحقيقات في النهاية إلى استقالة رئيس الجامعة، جيمس إي. رايان، وفق ما ذكرته "واشنطن بوست".
وفي رسالة مؤرخة في 16 يوليو، قال غريغوري واشنطن إن مجلس إدارة الجامعة اختار "الاستعانة بمصادر خارجية للتعامل مع الوكالات الفيدرالية"، من خلال توكيل شركة المحاماة "توريدون"، وهي شركة تضم شركاء بارزين مثل ويليام بار والمستشار القانوني السابق لترامب، بات سيبولوني، ووزير الخارجية الأسبق مايكل بومبيو مستشاراً قانونياً.
وأضاف واشنطن أن هذا الترتيب القانوني يمنع موظفي الجامعة من التواصل المباشر مع وزارة العدل بخصوص طبيعة الشكاوى، مؤكدًا أن الجامعة "لطالما التزمت بالمساواة أمام القانون منذ تأسيسها"، وأنه يرفض الادعاءات الموجهة ضد سياسات الجامعة.
وأشار أيضًا إلى أن التحقيقات بدأت انطلاقًا من "منشورات رقمية قديمة" واجتماع عُقد عام 2020 عقب مقتل جورج فلويد، حيث كانت الجامعة -بحسب قوله- بصدد مراجعة ذاتية ضمن سياق وطني يدعو لمحاسبة مؤسسات الدولة على ممارسات التمييز التاريخية.
دعم من مشرعين يهود
وفي تطور لافت، وجه سبعة مشرعين ديمقراطيين من ولاية فرجينيا، ينتمون إلى المجتمع اليهودي، رسالة إلى رئيس مجلس إدارة الجامعة، تشارلز ستيمسون، أعربوا فيها عن تضامنهم مع واشنطن.
وأشادوا بـ"الجهود المخلصة التي يبذلها لمكافحة معاداة السامية وغيرها من أشكال التعصب"، مضيفين أنهم "يشعرون بالخجل من مشاهدة هذا الهجوم المُضلّل على جامعة جورج ماسون".
وتتوالى التحقيقات الفيدرالية التي تقودها وزارة العدل في الجامعات العامة بفرجينيا، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن تكون هذه التحركات جزءًا من حملة منظمة لإعادة صياغة سياسات التعليم العالي وفق رؤية سياسية محافظة، مما يضع استقلال الجامعات، ومبادئ التنوع والعدالة، تحت ضغط غير مسبوق.