عندما يصبح اللجوء وطناً.. بريطانيا تندد بملاحقة نشطاء هونغ كونغ على أراضيها
عندما يصبح اللجوء وطناً.. بريطانيا تندد بملاحقة نشطاء هونغ كونغ على أراضيها
تلقي سماء لندن بظلال من القلق على مئات الآلاف من أبناء هونغ كونغ الذين وجدوا في المملكة المتحدة ملاذًا آمنًا من قبضة قانون الأمن القومي الصيني، ففي خطوة صادمة، أعلنت سلطات هونغ كونغ مؤخرًا عن مكافآت مالية ضخمة لمن يساعد في اعتقال 19 ناشطًا مؤيدًا للديمقراطية، معظمهم يقيمون الآن على الأراضي البريطانية، هذا الإعلان، الذي يتراوح بين 25 ألفًا و125 ألف دولار أمريكي للشخص الواحد، ليس مجرد قائمة مطلوبين؛ إنه رسالة تهديد عابرة للحدود، تُحاول خنق الأصوات المعارضة أينما وجدت.
رد الفعل البريطاني كان سريعًا وحاسمًا. فقد أصدر وزير الخارجية، ديفيد لامي، ووزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، بيانًا مشتركًا أدانا فيه بشدة ما وصفاه بـ "القمع العابر للحدود"، كلماتهما لم تكن مجرد إدانة دبلوماسية؛ بل كانت تأكيدًا على أن بريطانيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استهداف مواطني هونغ كونغ الذين لجأوا إليها.
مخاوف من التراجع عن الالتزامات
لقد فتحت بريطانيا أبوابها لنحو 150 ألف مواطن من هونغ كونغ منذ عام 2021، مقدمة لهم نظام تأشيرات خاصًا كملجأ من التضييقات المتزايدة في وطنهم الأم، لكن هذا الملاذ، الذي بُني على وعود الحماية والأمان، يواجه اليوم تحديات جديدة.
تكمن المخاوف الأعمق في مقترح حكومي بريطاني لإصلاح قوانين تسليم المطلوبين، يخشى كثيرون من أن هذا المقترح، الذي قد يبدو تقنيًا، قد يمهد الطريق لاستئناف عمليات التسليم إلى هونغ كونغ، والتي تم تعليقها منذ فرض قانون الأمن القومي المثير للجدل عام 2020، إذا حدث ذلك، فستكون هذه ضربة قاصمة لثقة الهاربين من القمع، وتحويل الأمل في وطن جديد إلى كابوس الترحيل إلى حيث ينتظرهم الاضطهاد.
ورغم هذه التحديات، جدد الوزيران البريطانيان التزامهما القوي تجاه أبناء هونغ كونغ، وأكدا في بيانهما: "هذه الحكومة ستواصل الوقوف إلى جانب شعب هونغ كونغ، بمن فيهم أولئك الذين اتخذوا المملكة المتحدة موطنًا لهم، نحن نأخذ حماية حقوقهم وحرياتهم وسلامتهم على محمل الجد." هذه الكلمات تحمل في طياتها وعدًا سياسيًا وأخلاقيًا، بأن بريطانيا ستظل ملاذًا لمن يبحثون عن الحرية، وأنها لن تسمح بأن تمتد أيادي القمع إلى أراضيها.
إن هذه الأزمة ليست مجرد خلاف دبلوماسي، بل هي قصة إنسانية عميقة عن اللاجئين الذين يبحثون عن الأمان، وعن الدول التي تتحمل مسؤولية حماية من لجأوا إليها، إنها تضع مبادئ السيادة وحقوق الإنسان على المحك في عالم تتلاشى فيه الحدود الرقمية والسياسية بسرعة.
قانون الأمن القومي
قانون الأمن القومي في هونغ كونغ هو تشريع فرضه البرلمان الصيني على هونغ كونغ في 30 يونيو 2020، متجاوزًا التشريع المحلي للمدينة، ويهدف هذا القانون رسميًا إلى منع ومعاقبة أربعة أنواع من الجرائم: الانفصال، التخريب، الأنشطة الإرهابية، والتواطؤ مع قوى أجنبية أو خارجية.
وجاء فرض هذا القانون في أعقاب احتجاجات ضخمة ومستمرة مؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ خلال عامي 2019 و2020، والتي كانت تطالب بمزيد من الحريات الديمقراطية ومواجهة النفوذ المتزايد لبكين.
وأثار القانون انتقادات دولية واسعة من قبل الحكومات الغربية والمنظمات الحقوقية، التي اعتبرته انتهاكًا لاتفاقية "دولة واحدة ونظامان" التي تضمن استقلالية هونغ كونغ وحرياتها الأساسية حتى عام 2047. من أبرز تداعياته: قمع حرية التعبير وتضييق الخناق على المجتمع المدني