لتكبيل "المهربين".. بريطانيا تعاقب 25 شخصية وكياناً يسهلون الهجرة غير النظامية
لتكبيل "المهربين".. بريطانيا تعاقب 25 شخصية وكياناً يسهلون الهجرة غير النظامية
فرضت الحكومة البريطانية، اليوم الأربعاء، حزمة غير مسبوقة من العقوبات على 25 فردًا ومنظمة يُشتبه في انخراطهم في شبكات تهريب المهاجرين، في خطوة قالت إنها تهدف إلى "تجفيف منابع الجريمة المنظمة" التي تقف خلف الرحلات المحفوفة بالمخاطر عبر قناة المانش، والتي حصدت أرواح مئات المهاجرين في السنوات الأخيرة.
كشفت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان رسمي، أن قائمة العقوبات تشمل قادة شبكات متمركزة في منطقة البلقان وشمال إفريقيا، إضافة إلى أربع جماعات إجرامية منظمة، وشركة صينية تصنع القوارب المطاطية المستخدمة في تهريب البشر، فضلًا عن أفراد في الشرق الأوسط متورطين في تمويل هذه الرحلات عبر نظام الحوالات غير الرسمي.
وتأتي هذه الإجراءات في إطار نظام عقوبات جديد استحدثته المملكة المتحدة خصيصًا لمحاربة الهجرة غير النظامية، ويتضمن حظر دخول الأراضي البريطانية وتجميد الأصول المالية للأشخاص والكيانات المستهدفين.
من كردستان إلى المانش
اتهمت الحكومة البريطانية شخصيات بارزة بالضلوع في هذه الأنشطة، بينهم الألباني بليدار لالا، الذي وصفته بأنه "العقل المدبر لشبكة تنقل المهاجرين من بلجيكا إلى بريطانيا"، وكذلك ألن باسيل، مترجم شرطة سابق في صربيا، قاد شبكة تهريب كبيرة يُعتقد أنها سهّلت دخول مئات المهاجرين إلى أوروبا.
وشملت القائمة محمد تتواني، الموصوف بـ"زعيم مخيم مهاجرين في هورغوس"، والذي اتُّهم باستخدام العنف للسيطرة على طرق التهريب، في حين وُجهت اتهامات لمحمد خضير بيرو، أحد أبرز العاملين في نظام "الحوالة" غير الرسمي، بتلقي أموال من المهاجرين العراقيين لتأمين رحلتهم إلى أوروبا عبر تركيا.
ولم تغب الأبعاد الاقتصادية عن المشهد، إذ أدرجت بريطانيا شركة ويهاي يامار الصينية على القائمة، بعد اتهامها بتصنيع قوارب مطاطية تُستخدم بشكل متكرر في عمليات عبور المانش، وهي القوارب التي كثيرًا ما تُرصد في صور درامية لمهاجرين على شفا الغرق.
رقم قياسي للمهاجرين
أثار الإعلان الرسمي موجة واسعة من النقاشات، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء كير ستارمر ضغوطًا متزايدة بعد تسجيل رقم قياسي في عدد المهاجرين الواصلين عبر البحر، إذ تجاوزت الأعداد هذا العام حتى الآن 23,500 مهاجر، وفق أرقام وزارة الداخلية.
وقال وزير الخارجية ديفيد لامي، في بيان صحفي: "من أوروبا إلى آسيا، نخوض معركة مفتوحة ضد من يستغلون آمال الناس في حياة أفضل، ونستهدفهم أينما وُجدوا".
وفي المقابل، يرى مدافعون عن حقوق الإنسان أن التركيز على العقوبات لا يعالج الأسباب الجذرية للهجرة، مثل النزاعات والفقر والاضطهاد السياسي في بلدان المصدر، وهو ما يدفع آلاف الأشخاص سنويًا لخوض غمار رحلة محفوفة بالموت على أمل الوصول إلى الضفة الأخرى.
أزمة إنسانية تطل من البحر
يعيش المهاجرون العالقون في المخيمات غير الرسمية، سواء في صربيا أو شمال فرنسا، ظروفًا مزرية، وسط تصاعد التوترات الاجتماعية والسياسية في بريطانيا، حيث وقعت في الأسابيع الماضية اشتباكات أمام فندق يؤوي طالبي لجوء في منطقة إيبينغ شمال شرق لندن، ما يسلّط الضوء على حجم الانقسام حول هذه القضية.
وتحذر منظمات الإغاثة الدولية من أن الإجراءات العقابية لا تكفي ما لم تُرفق بخطط طويلة الأمد لمعالجة أسباب الهجرة، وتأمين ممرات آمنة وقانونية لطالبي اللجوء، خصوصًا من الفئات المستضعفة مثل النساء والأطفال.
وازدهرت شبكات تهريب البشر بشكل كبير في العقدين الأخيرين، مدفوعة بالنزاعات في الشرق الأوسط، وانهيار البنى الاقتصادية في بعض دول إفريقيا وآسيا، واعتماد المهاجرين على وسطاء غير قانونيين بعد فشلهم في الحصول على تأشيرات شرعية.
وتُعد قناة المانش واحدة من أخطر طرق الهجرة غير النظامية في أوروبا، حيث توثق السلطات البريطانية عمليات عبور يومية لقوارب صغيرة ومتهالكة، تنطلق غالبًا من شواطئ فرنسا، ويصاحبها تدخل مستمر من خفر السواحل.