"صوت من الداخل".. منظمات حقوقية إسرائيلية تتهم حكومة بلادها بارتكاب إبادة في غزة

"صوت من الداخل".. منظمات حقوقية إسرائيلية تتهم حكومة بلادها بارتكاب إبادة في غزة
الجيش الإسرائيلي في غزة- أرشيف

في سابقة نادرة، وجهت منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان بارزتان اتهامًا صريحًا لحكومة بلادهما بارتكاب "إبادة جماعية" بحق سكان قطاع غزة، استنادًا إلى تحقيقات ميدانية وشهادات موثقة. 

يأتي ذلك في وقت يعيش فيه القطاع واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه، حيث تفكك النظام الصحي، ويتعرض المدنيون لموجات متتالية من التهجير والموت والجوع. 

ويزيد هذا الاتهام الداخلي غير المسبوق من الضغوط الدولية، ويكشف عن انقسام عميق داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن ما يجري في غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.

"إبادة جماعية" في غزة

اتهمت منظمتا "بتسيلم" و"أطباء لحقوق الإنسان" الإسرائيليتان، اليوم الاثنين، إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في القدس، حيث كشفت المنظمتان عن تقارير تحقيق ميداني توثق ما وصفوه بـ"تدمير ممنهج ومتعمّد للمجتمع الفلسطيني في غزة".

وقالت يولي نوفاك، المديرة العامة لمنظمة "بتسيلم"، إن "ما نراه هو نظام إبادة جماعية، تعمل إسرائيل من خلاله على محو الوجود الفلسطيني في غزة"، مشيرة إلى أن هذه اللحظة "مؤلمة وصعبة" للإسرائيليين الواعين لحجم الجريمة المرتكبة باسمهم.

من جهتها، أوضحت منظمة "أطباء لحقوق الإنسان" أن الهجوم الإسرائيلي شمل استهداف الطواقم الطبية والمستشفيات وتعطيل النظام الصحي بالكامل، ما أدى إلى عواقب كارثية على صحة النساء والأطفال والمرضى.

وقالت أسيل أبو راس، مديرة قسم المناطق المحتلة في المنظمة، إن "الأطباء يُقتلون أو يُعتقلون أو يتعرضون للتعذيب، في ما يبدو وكأنه هجوم منهجي على النظام الصحي"، مضيفة أن "النساء يلدن في ظروف غير إنسانية، بعيدًا عن أي رعاية طبية لائقة"، وأن "41% من الولادات لم تعد تحدث بسبب الخوف أو غياب الخدمات".

اتهامات مدعومة بأدلة

أشارت "بتسيلم" إلى أن تصريحات صدرت عن قادة سياسيين إسرائيليين تعكس "نية مبيتة لإبادة المجتمع الفلسطيني"، مشيرة إلى أن هذه السياسة ليست مجرد رد على حماس، بل تتجاوزها نحو تفكيك الحياة المدنية في غزة.

كما نوّهت المنظمتان إلى أن جميع سكان القطاع باتوا عرضة للتجويع والقتل والتهجير القسري، مشيرين إلى أن العمليات العسكرية تسير ضمن خطة واضحة المعالم لتفريغ غزة من سكانها وتحطيم بنيتها التحتية.

ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الاتهامات، واصفًا إياها بـ"المرفوضة"، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي يستهدف الإرهابيين فقط، وأن حماس هي المسؤولة عن معاناة سكان القطاع.

ومن جانبها، رحبت حركة حماس بالتقريرين، معتبرة أنهما "شهادة نادرة من داخل إسرائيل" تدين الاحتلال وتفضح ممارساته أمام المجتمع الدولي.

اندلاع حرب غزة

اندلعت الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023 عقب هجوم مفاجئ لحماس، أسفر عن مقتل 1219 إسرائيليًا، معظمهم من المدنيين، وفق أرقام رسمية إسرائيلية.

وشنت إسرائيل حربًا مدمرة على القطاع، أسفرت عن مقتل 59,921 فلسطينيًا حتى الآن، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة المدعومة من الأمم المتحدة.

وأُجبر أكثر من مليوني فلسطيني على النزوح القسري المتكرر، بينما دُمرت أجزاء واسعة من القطاع، وانهار النظام الصحي، وسط تحذيرات أممية من مجاعة جماعية وشيكة.

وفي مطلع 2024، اعتبرت محكمة العدل الدولية أن هناك "احتمالًا معقولًا" بأن تكون إسرائيل انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية.

يفتح هذا التقرير المشترك من أبرز منظمتين حقوقيتين إسرائيليتين بابًا جديدًا للنقاش القانوني والسياسي حول جرائم الحرب والإبادة في غزة، ويعزز من المطالب الدولية بفتح تحقيقات شفافة ومسؤولة، تضع حدًا للكارثة الإنسانية المستمرة وتحاسب الجناة مهما كانت مواقعهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية