كتلة تفاوضية جديدة للمناخ من قلب تركمانستان لحماية الدول الأشد هشاشة
كتلة تفاوضية جديدة للمناخ من قلب تركمانستان لحماية الدول الأشد هشاشة
اتفقت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالدول النامية غير الساحلية على تشكيل كتلة تفاوضية جديدة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، بهدف تمثيل مصالحها والدفاع عن احتياجاتها الفريدة.
الإعلان جاء الخميس من مدينة أوازا في تركمانستان، حيث ينعقد المؤتمر في محاولة لإيصال صوت هذه الدول الهشة إلى طاولات القرار الدولي وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
تهدف الكتلة إلى تعزيز حضور هذه الدول في مفاوضات المناخ العالمية، حيث غالبا ما يتم تهميشها، رغم أنها تواجه آثارا غير متناسبة مع مساهمتها في أزمة المناخ.
تأثيرات غير متكافئة
تمثل الدول النامية غير الساحلية نحو اثني عشر في المئة من مساحة اليابسة حول العالم، ومع ذلك سجلت ما يقرب من عشرين في المئة من حالات الجفاف والانهيارات الأرضية في العقد الأخير. هذه الدول التي تفتقر إلى الوصول المباشر للبحر، تعتمد على جيرانها للعبور، وهو ما يزيد من هشاشتها ويضعها أمام تحديات مضاعفة عند وقوع الكوارث.
وبينما سبق أن تناولت خطط الأمم المتحدة احتياجات هذه الدول، فإن برنامج عمل أوازا يتميز بتركيزه لأول مرة على التكيف مع الكوارث المناخية بوصفه محورا أساسيا.
مخاطر متداخلة وقدرات محدودة
ناتاليا ألونزو كانو، رئيسة المكتب الإقليمي لأوروبا وآسيا الوسطى في مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، أوضحت في تصريحاتها أن غالبية الدول غير الساحلية تقع في مناطق جافة أو جبلية أو زلزالية، ما يجعلها عرضة لمخاطر متشابكة، وأكدت أن هذه الدول تتكبد خسائر اقتصادية تقدر بثلاثة أضعاف المتوسط العالمي، في حين تتجاوز معدلات الوفيات لديها خلال الكوارث المعدلات العالمية بشكل ملحوظ.
تعاني هذه الدول أيضا من ضعف في القدرات المالية، واعتماد اقتصادي على صادرات غير متنوعة، فضلا عن ضعف في مؤسسات الحوكمة. وتشير التقديرات إلى أن ثلث هذه الدول كانت تعاني من نزاعات أو حالة عدم استقرار في عام ألفين وأربعة وعشرين.
يسعى برنامج العمل الجديد لعشر سنوات إلى دعم الدول النامية غير الساحلية في مسارات التكيف المناخي، والتنمية المستدامة، والحد من المخاطر، وتؤكد ألونزو كانو أن نظم الإنذار المبكر عنصر حاسم في إنقاذ الأرواح وسبل العيش، مشددة على أهمية التخطيط طويل الأجل في ظل تفاقم آثار التغير المناخي.
النوع الاجتماعي في قلب النقاشات
كان للنساء والفتيات حضور بارز في أعمال المؤتمر المنعقد في تركمانستان، حيث افتتحت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، رباب فاطمة، منتدى القيادات النسائية، وأكدت أن التنمية المستدامة لن تتحقق دون مشاركة كاملة للنساء. أشارت إلى تحسن تمثيل النساء في البرلمانات، حيث يشغلن الآن ثلث المقاعد في هذه الدول، مقارنة بنسبة أقل من ثمانية في المئة قبل ربع قرن.
لكن التحديات لا تزال عميقة، إذ تعيش واحدة من كل أربع نساء في هذه الدول في فقر مدقع، ويعاني نصفهن من انعدام الأمن الغذائي. كما أن ثمانين في المئة من النساء يعملن في القطاع غير الرسمي، أي دون عقود أو حماية، وهو رقم يفوق المتوسط العالمي بكثير.
الفتيات أيضا في وضع هش، حيث تتزوج واحدة من كل ثلاث مبكرا، ولا تكمل التعليم الثانوي سوى فتاة واحدة من كل ثلاث، كما لا يتجاوز الوصول إلى الإنترنت نسبة ستة وثلاثين في المئة بين النساء في هذه الدول.
دعوات لتحسين الوصول الرقمي والتعليم
الممثلة السامية رباب فاطمة شددت على ضرورة صياغة سياسات تراعي النوع الاجتماعي، وتراعي أيضا الفئات الريفية والنساء العاملات في المشروعات الصغيرة، وتدعم التحول إلى العمل الرسمي، كما دعت إلى تحسين فرص الوصول إلى الإنترنت والتعليم، ووصفت هذه الإجراءات بأنها ضرورية لتمكين النساء والفتيات في هذه المجتمعات.
من جانبه، أشار الدكتور كوزماس لاكيسين زافازافا، مدير مكتب تنمية الاتصالات في الاتحاد الدولي للاتصالات، إلى أن هناك فجوة رقمية كبيرة تعاني منها هذه الدول، وأكد أن الاتحاد يعمل على تطوير برامج متخصصة لتمكين الفتيات والنساء، ليس فقط من الوصول إلى الإنترنت، بل لاكتساب مهارات في البرمجة والتكنولوجيا، من أجل تشجيعهن على دخول مجالات العلوم والهندسة والتقنية.
الانتقال من التعهدات إلى التنفيذ
ومع اقتراب انتهاء أعمال مؤتمر أوازا، يستعد المشاركون لتجديد التزامهم السياسي بتنفيذ برنامج العمل الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ألفين وأربعة وعشرين، وأكدت فاطمة في ختام حديثها أن اللحظة حاسمة، وقالت إن المنتدى يمكن أن يمثل نقطة تحول إذا ما انتقل من مرحلة الأقوال إلى الأفعال.
تُصنف الدول النامية غير الساحلية، وعددها اثنان وثلاثون، ضمن الفئات الأكثر هشاشة من حيث الموقع الجغرافي والفرص الاقتصادية، وهي محاطة بدول أخرى، ولا تمتلك منفذا إلى البحار المفتوحة، ما يعيق انسياب التجارة والاستجابة للكوارث، كما أنها عرضة بشكل أكبر لآثار التغير المناخي، وتواجه صعوبات في الوصول إلى الأسواق العالمية أو جذب الاستثمارات، ومن هذا المنطلق، جاء مؤتمر أوازا كمحاولة لتسليط الضوء على تحدياتها الخاصة، ووضع حلول متخصصة تتناسب مع خصوصية هذه الدول.