بين الترحيب الفلسطيني والغضب الإسرائيلي.. العالم يتجه إلى "حل الدولتين"

بين الترحيب الفلسطيني والغضب الإسرائيلي.. العالم يتجه إلى "حل الدولتين"
احتفالات في بريطانيا بعد الاعتراف الرسمي بفلسطين

أعلنت بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، الأحد، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة وُصفت بالتاريخية كونها تمثل تحولاً لافتاً في مواقف دول غربية ارتبطت تقليدياً بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، وجاء الإعلان عشية انطلاق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث تهيمن الحرب في غزة ومستقبل حل الدولتين على جدول الأعمال.

إسرائيل ردت بغضب شديد على الخطوة، إذ أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في رسالة مصورة لقادة الدول الأربع أنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية غرب نهر الأردن"، معتبرا أن الاعتراف يشكل "مكافأة للإرهاب"، وأكد مضاعفة الاستيطان في الضفة الغربية ومواصلة المسار الرافض لأي دولة فلسطينية.

بدوره، دعا وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير إلى فرض "السيادة الكاملة على الضفة الغربية وتفكيك السلطة الفلسطينية".

في موازاة ذلك، تتحضر فرنسا إلى جانب عشر دول أخرى للإعلان عن اعتراف مماثل خلال قمة خاصة تستضيفها، الاثنين، مع السعودية في مقر الأمم المتحدة، ويعد هذا المسار تتويجاً لجهود دبلوماسية قادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الأشهر الماضية، بهدف إعادة إحياء حل الدولتين، بشرط إبعاد حركة حماس عن المعادلة.

ترحيب فلسطيني وعربي

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وصف الاعتراف بأنه "خطوة مهمة وضرورية لتحقيق السلام العادل"، في حين عدّته حركة حماس "انتصاراً للحق الفلسطيني"، في المقابل، وضعت الولايات المتحدة الخطوة في إطار "استعراضي"، مؤكدة أن تركيزها منصب على ما وصفته بـ"الدبلوماسية الجادة".

كما رحَّبت رابطةُ العالم الإسلامي بإعلان حكومات المملكة المتحدة وكندا وأستراليا الاعترافَ -رسميًّا- بدولة فلسطين.

وفي بيانٍ للأمانة العامة للرابطة، أوردته وكالة الأنباء السعودية، ثمّن الأمين العام، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، هذا الإعلان التاريخي من الحكومات الثلاث، مؤكدًا أنه يُترجم الإيمانَ بمبادئ العدالة وقيمها الفاعلة على ضوء الحقّ التاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هذا الاعتراف جاء في سياقه المهم؛ انسجامًا مع جهود تحقيق “حل الدولتين”.

كما رحب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، في بيان بإعلان كل من بريطانيا وكندا وأستراليا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، واصفاً تلك المواقف بـ"الشجاعة".

وأكد أن "هذه الخطوة تمثل تطورًا تاريخيًا مهمًا نحو تحقيق العدالة والشرعية الدولية، وتجسيدًا لحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

ودعا البديوي، "الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، إلى أن تحذو حذو هذه الدول، وتعمل على تسريع الخطوات العملية لدعم حل الدولتين، بوصفه الخيار الوحيد الكفيل بإنهاء الصراع وإرساء الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط".

مواقف القادة الغربيين

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قال إن الهدف من الاعتراف هو "إحياء الأمل بالسلام من خلال حل الدولتين"، أما نظيره الكندي مارك كارني فأكد أن بلاده "تسعى لشراكة دولية تحقق وعد مستقبل سلمي لدولتي فلسطين وإسرائيل".

 رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي شدد بدوره على أن "حل الدولتين كان وسيظل السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم"، وفي وقت لاحق، أعلن وزير الخارجية البرتغالي باولو رانغيل أن الاعتراف يأتي تنفيذا لسياسة ثابتة تهدف إلى "تعزيز التعايش والعلاقات السلمية بين الشعبين".

إعلان هذه الدول الغربية الأربع الاعتراف بفلسطين يمثل نقطة تحول في السياسة الدولية، إذ سبق أن اعترفت نحو 145 دولة من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية التي أعلنتها منظمة التحرير عام 1988، وتأتي هذه التطورات في ظل حرب مدمرة في قطاع غزة، بدأت بهجوم لحركة حماس في السابع من أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل، معظمهم مدنيون.

وبلغ عدد الضحايا في غزة أكثر من 65 ألف شهيد معظمهم من المدنيين، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع التي تصفها الأمم المتحدة بالموثوقة، كما تترافق الخطوة مع ضغوط دولية متزايدة على إسرائيل، التي تواجه اتهامات بارتكاب "إبادة جماعية" من لجنة تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة. 

ويهدف الاعتراف بدولة فلسطين إلى تعزيز مكانتها القانونية والسياسية، ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، لكنه يثير تساؤلات حول فعاليته في ظل استمرار الاحتلال والنزاعات الحدودية، فهل يمكن أن يشكل الاعتراف نقطة انطلاق لمفاوضات جادة، أم أنه سيظل رمزياً دون تغيير حقيقي على الأرض؟



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية