170 اعتداءً في 2025.. تصاعد العنف ضد الصحفيين في الولايات المتحدة

وصفهم ترامب بـ"أعداء الشعب"

170 اعتداءً في 2025.. تصاعد العنف ضد الصحفيين في الولايات المتحدة
اعتقالات في لوس أنجلوس

شهدت الولايات المتحدة تصاعدًا كبيرًا في العنف ضد الصحفيين منذ عودة دونالد ترامب إلى منصبه، حيث أفاد تقرير لصحيفة "الغارديان" بأن عدد الاعتداءات المسجلة هذا العام يُقارب مجموع ما وقع خلال السنوات الثلاث الماضية مجتمعة.

وسجلت مؤسسة Freedom of the Press Foundation "حرية الصحافة" هذه الاعتداءات بالتفصيل، مشيرة إلى أن معظمها وقع أثناء تغطية احتجاجات على سياسات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين التي تنفذها إدارة ترامب، ما جعل الصحفيين عرضة للخطر بشكل غير مسبوق.

حذّر أستاذ جامعة سيراكيوز، لارس ويلنات، من تأثير الخطاب السياسي على واقع الصحافة، وقال: "عندما يسخر الرئيس من الصحفيين وينزع عنهم الشرعية، فإنه يرسل إشارة إلى مؤيديه بأن الصحفيين أهداف مشروعة"، مؤكدا أن هذا التحول يبرر العنف ويجعله مقبولًا في نظر بعض القوى الموالية للإدارة، خصوصًا أثناء تغطية الاحتجاجات والاضطرابات المدنية.

أوضح التقرير أن تصاعد العنف ضد الصحفيين ليس مجرد مسألة فردية، بل يعكس بيئة مؤسسية وسياسية عدائية، حيث يزيد خطاب الرئيس المعادي للإعلام من العداء تجاه الصحفيين، ويضعهم في مواجهة يومية مع مخاطر جسدية وقانونية.

رصد الاعتداءات الميدانية

سجلت المؤسسة وقوع 170 اعتداءً على الصحفيين حتى 16 ديسمبر 2025، معظمها أثناء احتجاجات مرتبطة بسياسات الهجرة التي تنفذها الإدارة، وأوضحت أن الاعتداءات شملت الهراوات، والرصاص المطاطي، وقنابل الغاز المسيل للدموع، حتى في الحالات التي كان الصحفيون مجرد مراقبين يوثقون الأحداث.

كما وثقت "الغارديان" حالات محددة، منها إصابة المصور نيك ستيرن مرتين هذا العام، الأولى في كومبتون بتاريخ 7 يونيو عندما أصابته شظية عبوة ناسفة على بعد 12 مترًا من الحاجز، والثانية عندما ضربه ضابط بهراوة رغم إبراز بطاقته الصحفية.

أضاف ستيرن: "كان ذلك غير مبرر على الإطلاق، لكني عدت لتغطية الاحتجاجات رغم صعوبة الحركة بعد إصابتي".

كما أصيبت الصحفية رافين جيري في شيكاغو أثناء تغطيتها احتجاجًا أمام مركز احتجاز برودفيو، عندما أطلق ضابط قنبلة فلفل على وجهها، رغم وجود بطاقة تعريفها الصحفية بوضوح.

ورفعت جيري، إلى جانب زملائها من وسائل الإعلام والمتظاهرين، دعوى قضائية جماعية ضد إدارة الهجرة والجمارك ووزارة الأمن الداخلي لخرق حقوقهم الدستورية في جمع الأخبار والتعبير عن الاحتجاج السلمي.

عنف في لوس أنجلوس

رصدت "مراسلون بلا حدود” موجة عنف مقلقة خلال الاحتجاجات في لوس أنجلوس منذ 6 يونيو 2025، حيث وقع 27 حادثة عنف منفصلة ضد الصحفيين، 24 منها ارتكبتها قوات إنفاذ القانون، وثلاثة من قبل متظاهرين أفراد.

أكد المدير التنفيذي للمنظمة، كلايتون ويمرز: "هذه الاعتداءات على الصحفيين أثناء تأديتهم لواجبهم الدستوري غير مقبولة، وتشكل تهديدًا مباشرًا لحرية الصحافة".

وسجلت المنظمة إصابات متعددة، منها تعرض لورين داي للرش بالغاز المسيل للدموع، وإصابة جو بوتنام برصاصة فلفل في الرأس، بينما أصيب فورد فيشر وتوبي كانهام برصاص مطاطي، فالأول في البطن والثاني في الرأس.

كما وثّقت المنظمة تعرض فريق قناة KTTV Fox 11 لهجوم من قبل متظاهرين، واقتحام شاحناتهم وتخريبها، ما يوضح أن التهديدات لم تكن من الشرطة فقط، بل شملت أطرافًا مدنية عنيفة.

أشار ويمرز إلى أن استدعاء ترامب 2000 جندي من الحرس الوطني أسهم في تصعيد العنف، وقال: "على السلطات المحلية والولائية والفيدرالية احترام الصحفيين والتمييز بينهم وبين المتظاهرين العنيفين".

الخطر على الصحفيين

من جانبها، وثقت VNY La Voce di New York "صوت واشنطن" وهي صحيفة  أمريكية إيطالية، زيادة واضحة في الاعتداءات بالتزامن مع الاحتجاجات على سياسات الهجرة لإدارة ترامب، مشيرة إلى أن معظم هذه الاعتداءات حدثت أثناء محاولة الصحفيين توثيق المظاهرات، وكان استهدافهم متعمدًا من قبل بعض ضباط الشرطة والمتظاهرين.

وأوضحت كبيرة مراسلي مؤسسة حرية الصحافة، ستيفاني شوغرز: "على الرغم من أن ترامب وصف الصحفيين بـ"أعداء الشعب"، فإنه لا يملك سيطرة مباشرة على جميع أقسام الشرطة، لكن سياساته وخطابه يعكسان عداءً واضحًا تجاه الصحافة، ويمكن اعتبارهما تبريرًا ضمنيًا للعديد من الاعتداءات".

وأكدت شوغرز أن المؤسسة أطلقت نظام تتبع الحوادث عام 2017 بعد الاحتجاجات في فيرغسون، ميزوري، لتوثيق كل اعتداء وتقديمه كدليل على أن الصحفيين يواجهون أخطارًا يومية أثناء تغطية الأحداث.

أمثلة على الانتهاكات

رصدت المصادر حالات عدة لتوضيح حجم الخطر الذي يتعرض له الصحفيون:

نيك ستيرن: أصيب بشظية عبوة ناسفة في يونيو، وتعرض لهجوم بهراوة أثناء تغطية احتجاج آخر، رغم إبرازه بطاقته الصحفية.

رافين جيري: أصيبت بقنبلة فلفل على وجهها أثناء تغطيتها مظاهرة في شيكاغو.

لورين داي: رشّها الغاز المسيل للدموع أثناء بث مباشر.

جو بوتنام: أصيب برصاصة فلفل في الرأس من قبل الشرطة.

فورد فيشر وتوبي كانهام: تعرضا لإطلاق رصاص مطاطي، الأول في البطن والثاني في الرأس.

فرق قناة KTTV Fox 11: اقتُحمت شاحنتهم وتعرضت للتخريب على أيدي متظاهرين.

وأظهرت هذه الحالات أن التهديدات ليست محصورة بالشرطة فقط، بل تشمل أيضًا متظاهرين عنيفين، مما يضع حرية الصحافة وحق الجمهور في المعرفة في خطر مباشر.

حماية الصحفيين

أشارت المصادر إلى أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكًا صارخًا للتعديل الأول للدستور الأمريكي الذي يضمن حرية الصحافة، إضافة إلى التعديل الرابع الذي يحمي الأفراد من استخدام القوة المفرطة.

أكدت المؤسسات الحقوقية أن حماية الصحفيين ليست مسؤولية أخلاقية فحسب، بل حق أساسي للجمهور في المعرفة والمساءلة، وحذرت من أن استمرار الخطاب العدائي من ترامب واستدعاء الحرس الوطني يزيدان من ثقافة الإفلات من العقاب، مما يضع الولايات المتحدة في موقف حساس في مؤشر حرية الصحافة، حيث تحتل المرتبة الـ57 من بين 180 دولة في تصنيف 2025، متراجعة 12 مركزًا خلال خمس سنوات.

وقال المصور نيك ستيرن: "رغم إصابتي وعُمري 61 سنة، أواصل تغطية الاحتجاجات.. يجب توثيق هذه الفترة التي شهدت اضطرابات كبيرة في الولايات المتحدة".

وقالت ستيفاني شوغرز: "السياسات والخطابات الرسمية تمثل تبريرًا ضمنيًا للاعتداءات، ويجب على المجتمع والسلطات حماية حرية الصحافة كحق أساسي".

وأكد كلايتون ويمرز: "الصحفيون يقومون بواجبهم الدستوري في نقل الأخبار، وأي انتهاك لحقهم هو انتهاك للمجتمع بأسره".

تهديدات مزدوجة

يبدو أن الصحفيين في الولايات المتحدة يواجهون تهديدات مزدوجة من الشرطة والمتظاهرين، بالإضافة إلى خطاب رسمي عدائي يعزز ثقافة العنف والإفلات من العقاب.. أكدت جميع التقارير أن حماية الصحفيين ليست مجرد مسألة أخلاقية، بل حقًا أساسيًا للجمهور في المعرفة والمساءلة، وأن أي إهمال من السلطات يمثل تهديدًا مباشرًا للديمقراطية الأمريكية.

وحذّرت المؤسسات الحقوقية من أن استمرار هذه الممارسات يعرض حرية الصحافة للخطر، ويؤكد أن السياسات والخطابات الرسمية تخلق بيئة تُشرع العنف ضد الإعلاميين، ما يتطلب تدخلًا قانونيًا وحقوقيًا عاجلًا لضمان سلامتهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية