حرمان وتهميش.. غضب في المجتمع البلوشي من تعامل السلطات الإيرانية

حرمان وتهميش.. غضب في المجتمع البلوشي من تعامل السلطات الإيرانية
بلوشستان - أرشيف

أثار تعيين مسؤولين أمنيين في شبكة راسك الصحية، رغم سجلهم السلبي، موجة من الغضب والقلق في إقليم بلوشستان جنوب شرقي إيران، بعدما تحولت إدارة الخدمات الحيوية إلى قرارات ذات طابع أمني لا تراعي احتياجات السكان ولا أولوياتهم الإنسانية. 

ورأى نشطاء محليون أن هذا النهج يعكس سياسة ممنهجة من قبل السلطات الإيرانية تقوم على الحرمان والتهميش، وتزيد معاناة المجتمع البلوشي المحروم أساساً من أبسط مقومات الرعاية الصحية، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم السبت.

وأكدت حملة نشطاء بلوش، أن مدينة راسك التي يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة، ما زالت تعاني حرماناً شديداً من المرافق الطبية الأساسية. 

وأظهر مستشفى راسك الإقليمي أرقاماً مقلقة كونه الأقل على مستوى البلاد من حيث عدد الأسرّة مقارنة بعدد السكان، فضلاً عن النقص الحاد في الأطباء المتخصصين والمعدات الطبية

ونتيجة لذلك، يُضطر المرضى في كثير من الحالات إلى السفر لمسافات طويلة نحو مدن أخرى من أجل تلقي أبسط العلاجات.

تدخلات تزيد الأزمة

فاقمت الأزمة سوء الإدارة والقرارات السياسية ذات الطابع الأمني، وتشير مصادر محلية إلى أن السلطات أعادت تعيين شخصية مرتبطة بالحرس الثوري سبق أن أُقيلت بسبب قلة الكفاءة واتهامات بالفساد وإساءة معاملة الكوادر الطبية، ليعود مجدداً إلى رئاسة الشبكة الصحية في راسك. 

وارتبط اسمه سابقاً بعمليات فصل وتهديد للموظفين المحليين، إضافة إلى مخالفات إدارية ورفع دعاوى قضائية ضد عاملين في القطاع. 

وأثار هذا التعيين استياءً واسعاً بين الأهالي والكوادر الصحية الذين اعتبروا أن القرار جاء استجابة لضغوط أمنية أكثر من كونه اختياراً مهنياً.

حرمان يمتد لعقود

لم يكن ما جرى في راسك حالة معزولة، بل يعكس سياسة طويلة الأمد تتبناها الجمهورية الإسلامية تجاه القوميات المختلفة داخل البلاد. 

ومنذ الثورة الإيرانية عام 1979، اتبعت السلطات نهجاً مركزياً يركز التنمية في العاصمة والمناطق المركزية، مقابل تهميش الأطراف مثل كردستان وبلوشستان وخوزستان والصحراء التركمانية. 

وتُعدّ بلوشستان الأكثر تضرراً، حيث تسجل أعلى نسب البطالة وأدنى المؤشرات التنموية، في حين جرى إقصاؤها بشكل متعمد من مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية.

أمننة القضايا الاجتماعية

بدلاً من معالجة المطالب التنموية والاجتماعية، لجأت السلطات إلى "أمننة" المشكلات: أي إدخال الأجهزة الأمنية والعسكرية، مثل الحرس الثوري والباسيج، في تفاصيل إدارة الشؤون المحلية، حتى في قطاعات غير أمنية مثل الصحة والتعليم. 

ويعكس تعيين مديرين مرتبطين بهذه الأجهزة في مؤسسات خدمية حساسة، مثل شبكات الصحة في راسك أو كردستان، سياسة واضحة تقوم على السيطرة والرقابة بدلاً من تقديم الخدمة.

وحذّر مراقبون من أن استمرار هذه السياسات لن يقتصر أثره في تردي الخدمات الصحية، بل سيؤدي إلى نتائج أكثر خطورة، مثل هجرة الكفاءات المحلية قسراً بسبب التضييق، وتعميق الفقر، وزيادة السخط الشعبي بما يعزز الفجوة بين المجتمع والدولة. 

وأشاروا إلى أن الوضع في بلوشستان يشكّل مثالاً صارخاً على التمييز الهيكلي الذي يهدد النسيج الاجتماعي ويكرس مشاعر التهميش بين القوميات الإيرانية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية