شائعات مضللة تُقوّض جهود التلقيح ضد فيروس الورم الحليمي في باكستان

شائعات مضللة تُقوّض جهود التلقيح ضد فيروس الورم الحليمي في باكستان
تطعيمات في باكستان

فشلت الحملة الوطنية الأخيرة في باكستان لتطعيم الفتيات ضد فيروس الورم الحليمي البشري في بلوغ أهدافها، بعدما استهدفت 11 مليون فتاة تتراوح أعمارهن بين 9 و14 عاماً، لكنها لم تتمكن من تطعيم سوى نحو 6 ملايين فقط. 

ويُعزى هذا الإخفاق بشكل كبير إلى انتشار الشائعات والمعلومات المضللة، التي غذّت مخاوف الأهل، ولا سيما في المجتمعات المحافظة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد.

في مدينة كراتشي، رفضت مريم بيبي، البالغة 30 عاماً، تطعيم بناتها الثلاث، قائلة إن زوجها منعها بعدما سمع أن اللقاح يسبب العقم ويُستخدم للسيطرة على السكان المسلمين. 

وفي لاهور، تساءلت همنة سليم، البالغة 42 عاماً، عن جدوى اللقاح، معتبرة أن "سرطان عنق الرحم أمر فظيع، لكن الوقاية الحقيقية تكون عبر الإخلاص الزوجي لا عبر التطعيم".

تُظهر هذه المواقف حجم الارتباك الناتج عن الشائعات التي تتهم اللقاح بالتأثير على الهرمونات أو زيادة الرغبة الجنسية، ما يُفاقم التردد المجتمعي.

عراقيل تواجه فرق التطعيم

أكدت الممرضة أمبرين زهرة أن بعض الأهالي أغلقوا الأبواب بوجه فرق التطعيم، فيما لجأ آخرون إلى الكذب بشأن أعمار بناتهم. وفي العديد من المدارس، مثل روالبندي قرب إسلام آباد، أُلغيت جلسات التطعيم بالكامل بسبب رفض الأهالي.

وقال مسؤول في وزارة الصحة –طلب عدم الكشف عن هويته– إن السلطات ستضمن توفير الجرعات لاحقاً، لكن الخسارة كانت كبيرة خلال الحملة التي استمرت أسبوعين.

تعمّقت أزمة الثقة في اللقاحات بباكستان منذ أن استُخدمت حملة تطعيم زائفة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) عام 2011 لتحديد مكان أسامة بن لادن. 

ومنذ ذلك الوقت، يُنظر إلى حملات اللقاح بعين الشك، وغالباً ما يواجه العاملون الصحيون تهديدات وهجمات، رغم أنهم خط الدفاع الأول ضد أمراض خطيرة مثل شلل الأطفال.

وفي عام 2025، أُصيب 27 طفلاً باكستانياً بالشلل، وهو رقم صادم أعاد البلاد خطوات إلى الوراء بعد أن كانت على وشك إعلان خلوها من المرض.

شائعات وخطاب سياسي

انتشرت على الإنترنت مقاطع فيديو مضللة تُظهر فتيات يتألمْن، يُزعم أنهن ضحايا للقاح، بينما تبيّن لاحقاً أن المشاهد التُقطت في احتجاج أُطلق خلاله الغاز المسيل للدموع. 

وروّج سياسيون لهذه المزاعم، من بينهم رشيد محمود سومرو، زعيم حزب ديني في كراتشي، الذي ادعى أن الحكومة "فرضت" اللقاح على الفتيات و"جعلتهن عاقرات".

وقالت رشيدة بتول، وهي مسؤولة محلية بادرت بتطعيم ابنتها لإعطاء المثل، إن الحملة في بدايتها حققت "29% من الهدف"، لكن النسبة تراجعت بشكل حاد بعد سيل الفيديوهات والشائعات.

جهود حكومية مضادة

في محاولة لكسر حاجز الخوف، دعا وزير الصحة الباكستاني سيد مصطفى كمال وسائل الإعلام لتوثيق تطعيم ابنته المراهقة، مؤكداً أن "بنات الوطن جميعاً أمانة"، وأن اللقاح آمن وفعال بشهادة منظمة الصحة العالمية، التي اعتمدته في أكثر من 150 دولة.

ويرى مراقبون أن حملة التوعية في باكستان بحاجة إلى استراتيجيات أعمق تشمل إشراك رجال الدين وقادة المجتمع، إلى جانب الاستثمار في التعليم الصحي، لوقف الشائعات التي تُهدد أرواح آلاف النساء سنوياً جراء سرطان عنق الرحم، الذي يُشخص بنحو 5000 إصابة سنوياً في البلاد، ثلثاها تنتهي بالوفاة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية