مأساة في باكستان.. موسم أمطار استثنائي يحصد مئات الأرواح
مأساة في باكستان.. موسم أمطار استثنائي يحصد مئات الأرواح
خلال يومين فقط، تحوّل شمال باكستان إلى مسرح للمأساة، بعدما أغرقت أمطار موسمية غزيرة القرى والوديان، وحولت الطرق إلى أنهار موحلة، ودفنت المنازل تحت الأنقاض.
وارتفعت حصيلة الضحايا إلى 225 قتيلًا في 48 ساعة، ليتجاوز العدد الإجمالي منذ بدء الموسم الماطر في أواخر يونيو 538 قتيلًا، بينهم مئة طفل تقريبًا، إضافة إلى مئات الجرحى وآلاف النازحين.
وكانت ولاية خيبر بختونخوا الجبلية، المحاذية لأفغانستان، الأكثر تضررًا؛ إذ فقدت 211 من أبنائها خلال يومين.
في قرى الولاية، تعمل فرق الإنقاذ وسط تضاريس وعرة وانزلاقات تربة، فيما تعوق السيول وانقطاع الطرق وصول سيارات الإسعاف، ما يضطر المسعفين إلى قطع المسافات سيرًا على الأقدام، حاملين معداتهم فوق ظهورهم.
كشمير.. مأساة بلا حدود
لم تفرّق الأمطار بين الجغرافيا والسياسة؛ ففي الشطر الباكستاني من كشمير، قُتل تسعة أشخاص، في حين شهد الشطر الهندي كارثة كبرى مع سقوط أكثر من 60 ضحية وفقدان 80 شخصًا في قرية واحدة.
عمليات البحث ما تزال جارية وسط أوحال كثيفة، في حين ينتظر الأهالي أي خبر عن المفقودين.
يوسف خان، أحد الناجين، فقد زوجته وابنته بعد أن انهار سقف منزله الطيني في لحظة مباغتة، يقول: "لم يكن أمامنا وقت للهروب.. استيقظنا على صوت الجدار ينهار، وفجأة وجدت نفسي في الشارع تحت المطر وحيدًا مع طفلَيّ".
رحيم الله، مسعف محلي، أصيب أثناء محاولة إنقاذ أسرة حاصرها السيل، لكنه عاد إلى العمل بعد تلقي العلاج: "لا يمكننا التوقف.. كل دقيقة قد تنقذ حياة".
مناخ أكثر قسوة
تقول السلطات إن الأمطار هذا العام كانت أشد من المعتاد بنسبة 40%، وهو ما يعكس تصاعد آثار التغير المناخي على باكستان، إحدى أكثر دول العالم عرضة لهذه الظواهر.
وتشير التوقعات إلى أن الأمطار ستشتد خلال الأسبوعين القادمين، ما يزيد من مخاوف ارتفاع عدد الضحايا وتفاقم النزوح.
ودُمّرت مئات المنازل أو أصبحت غير صالحة للسكن، وغمرت المياه حقول زراعية واسعة، ما يهدد الأمن الغذائي المحلي، وانهارت طرق وجسور، وعزلت قرى بأكملها.
نداء إنساني عاجل
طالبت منظمات الإغاثة المحلية والدولية بتوفير مراكز إيواء عاجلة ومياه نظيفة، ومساعدات غذائية وطبية للناجين، ودعم نفسي للأطفال الذين فقدوا ذويهم، ومعدات إنقاذ ملائمة للتضاريس الجبلية.
وفي باكستان، لم يعد موسم الأمطار حدثًا طبيعيًا؛ بل أصبح اختبارًا قاسيًا للبشر والبنية التحتية، وسط واقع مناخي يتغير بسرعة مخيفة.
وبينما تتواصل السماء في هطولها الغزير، تبقى حياة مئات الآلاف معلقة على سرعة وصول المساعدات، قبل أن يغرق ما تبقى من الأمل في الطين والماء.