الحكومة المغربية تتعهد بفتح المجال أمام الشباب وتوسيع الإنفاق على الصحة والتعليم
الحكومة المغربية تتعهد بفتح المجال أمام الشباب وتوسيع الإنفاق على الصحة والتعليم
أعلنت الحكومة المغربية، الأحد، التزامها بسلسلة من التدابير الجديدة لتشجيع الشباب على الانخراط في الحياة السياسية والمساهمة في مسار الإصلاحات الاجتماعية، وذلك في ظل موجة احتجاجات شبابية متواصلة تشهدها المملكة منذ أواخر سبتمبر.
وذكر بيان صادر عن الديوان الملكي، أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن المجلس الوزاري صادق على مشاريع قوانين جديدة تستهدف تحديث الحياة العامة وتعزيز المشاركة المدنية.
وأوضح البيان أن أحد مشاريع القوانين ينص على مراجعة شروط الترشح الانتخابي للشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، وتبسيط إجراءات التزكية الحزبية والمستقلة، مع تخصيص دعم مالي يغطي ما يصل إلى 75 في المئة من مصاريف الحملات الانتخابية لتشجيع الشباب المغربي على خوض غمار المنافسة السياسية.
وأشار إلى مشروع قانون تنظيمي جديد للأحزاب السياسية يهدف إلى تطوير الإطار القانوني المنظم لعملها، وتعزيز مشاركة النساء والشباب في تأسيسها، وتحسين سياستها المالية والإدارية.
توجيهات ملكية للمساواة والتنمية
أكد البيان أن هذه الإصلاحات تأتي في سياق توجيهات الملك محمد السادس الواردة في خطاب العرش الأخير، والذي شدد فيه على ضرورة تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، مؤكداً أنه "لا مكان اليوم ولا غداً لمغرب يسير بسرعتين"، ودعا الملك الحكومة إلى المصادقة على هذه المشاريع قبل نهاية عام 2025 في إطار ما وصفه بـ"جيل جديد من برامج التنمية".
يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد احتجاجات تنظمها حركة "جيل زد 212" منذ 27 سبتمبر، وهي حركة شبابية تضم أكثر من مئتي ألف عضو عبر منصة رقمية، وتدعو إلى إصلاحات في التعليم والصحة ومحاربة الفساد، وقد شهدت مدن مغربية عدة تظاهرات شارك فيها عشرات إلى مئات من الشبان المطالبين بإصلاحات جذرية.
الإنفاق على الصحة والتعليم
أوضح البيان أن الحكومة ستولي أولوية لقطاعي الصحة والتعليم في مشروع قانون المالية لعام 2026، حيث سيصل الغلاف المالي المخصص لهما إلى نحو 140 مليار درهم، أي ما يعادل 12.9 مليار يورو، كما ستتم إتاحة أكثر من 27 ألف منصب مالي جديد في القطاعين العام والخاص.
وتشمل الخطة افتتاح مركزين استشفائيين جامعيين في مدينتي أغادير والعيون، وإطلاق برنامج لتأهيل 90 مستشفى عبر مختلف مناطق البلاد، إلى جانب تسريع إصلاح المنظومة التعليمية وتعميم التعليم الأولي وتحسين جودة التعلم ودعم التمدرس في المناطق الهشة.
معالجة الفوارق الاجتماعية
تعهدت الحكومة بإعطاء الأولوية للمناطق الجبلية والواحات والمراكز القروية الصاعدة، مع التركيز على التنمية المستدامة للسواحل الوطنية وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية التي تعاني منها فئات واسعة، خصوصاً الشباب والنساء الأكثر تأثراً بالبطالة وضعف الخدمات.
يشهد المغرب منذ سنوات جهوداً مستمرة لتقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين طبقاته ومناطقه، رغم تسجيل تحسن في مؤشرات الفقر التي انخفضت من 11.9 في المئة عام 2014 إلى 6.8 في المئة عام 2024 وفق بيانات رسمية، وتظل البطالة بين الشباب من أبرز التحديات، إذ تشير تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من ثلث الشباب المغربي لا يشارك في سوق العمل أو التعليم.
ويرى مراقبون أن الخطوات الجديدة تمثل محاولة جادة من الحكومة لتجديد الثقة مع فئة الشباب التي باتت تعبر عن مطالبها عبر فضاءات رقمية أكثر من القنوات التقليدية، في وقت تشهد فيه الساحة السياسية حاجة ملحة إلى دماء جديدة قادرة على مواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.