"نساء العرب".. سميرة الفهيدي: حقوق المرأة تتراجع ومعركة اليمن يجب حسمها سلماً أو حرباً "حوار"

"نساء العرب".. سميرة الفهيدي: حقوق المرأة تتراجع ومعركة اليمن يجب حسمها سلماً أو حرباً "حوار"
سميرة الفهيدي

وسط ظروف صعبة أفرزتها الحرب، انزوت المرأة اليمنية كالغصن الكسير، تكابد همومها بجسد متضائل أثقلته سنوات صراع أكلت أخضر عمرها ويابس سنين عطائها، بين تربية أيتام وإطعامهم العدم، وبين البحث عن قيمة علاج الأوبئة التي تنهشهم هي الأخرى، كأنها براكين الحرب.

مع كل ما يحيط بها، وجدت اليمنية نفسها في مواجهة مباشرة متفردة ومنفردة كالسيف، سواء في مخيمات النزوح أو في القرى البعيدة والمنسية من أبسط معايير الحياة الكريمة، أو حتى تلك التي تقطن المدن المكتظة بالفقر والغلاء والأوبئة القاتلة، أو تلك التي تواجه جرائم مليشيات الحوثي الملاحقة لها ولأفراد أسرتها.

من بين كومة المعاناة تلك، خرجت منتفضة الناشطة النسوية والإعلامية سميرة الفهيدي، يُرفع بقلمها صوت الحقيقة وتصيب بكلمتها عين الحق، فدافعت عن حقوق المرأة اليمنية تارة، وتارة عن حقوق الشعب بأكمله.

وسميرة الفهيدي هي إعلامية، ومستشارة مكتب رئاسة الجمهورية لشؤون المرأة، مدير الإدارة السياسية في اللجنة الوطنية للمرأة، مدير تحرير مجلة "المواصفات"، ونائب مدير تحرير صحيفة "اليمانية"، وغيرها من المناصب التي مكنتها من مناصرة المرأة خاصة وأن الانقلاب الحوثي أدى إلى فقدان كثير من النساء وظائفهن في سوق العمل، كما أدى الانهيار الاقتصادي الناجم عن الصراع الجاري إلى تدمير هيكل سوق العمل.

وتشير البيانات المتاحة إلى أن النساء العاملات تضررن عموماً جراء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي أكثر من قرنائهن من الرجال، كما تعرضت المشاريع المملوكة للنساء للإغلاق أكثر من المشاريع التابعة للرجال التي تعرضت للإغلاق، وفقًا لتقرير عن مركز صنعاء للدراسات الاقتصادية، كذلك فقد دفعت الحرب بعض اليمنيات إلى العمل البدني الشاق غير الرسمي ومنخفض الأجر بينما اضطرت نساء أخريات إلى التسول.

وتعود أصول سميرة إلى الدولة الرسمية التي حكمت اليمن 222 سنة، أسسها جدها الأكبر عمرو بن الرسول وكان رجلًا سياسيًا بارعًا، أسس دولته على العلم والثقافة ومازالت الشواهد في مدينة “تعز” والمدن اليمنية تشهد ببناء الجامعات والمدارس.

وقد أورثهم ذاك الجد قلعة تسمى “قلعة الصعيد”، أو"قلعة الأحرار" حيث أنها كانت المكان الذي انطلقت منه القومية اليمنية.

ولاسرة سميرة منزلًا آخر يعود إلى أصول تاريخية أيضًا ي تعود ملكيته إلى رئيس هيئة أركان الإمام أحمد، يحتفظون به كجزء من التاريخ.

وساهم ذلك في تعليم سميرة وغيرها من النساء على عكس ما هو سائد في قبائل اليمن.

قابلت سميرة تحديات كبيرة في تعليمها وعملها، لكنها أكسبتها قوة الشخصية لمجابهة وتجاوز العراكيل والوصول إلى ما تحلم به من أهداف عامة بتقدم اليمن وحصول المرأة على حقوقها في كل المجالات وتقلدها أعلى المناصب، وأهداف خاصة بتحقيق أحلامها العملية والشخصية.

"جسور بوست" في سلسلتها "نساء العرب"، حاورت سميرة الفهيدي ودورها البارز في كل ما يخص المرأة والحرب الدائرة وما خلفته من أزمة إنسانية، هي الأسوأ في العالم، عمقت معاناة "حواء اليمن".

بصفتك إعلامية مؤثرة وناشطة حقوقية يستمع إلى صوتها، ما هي العوامل التي شكلت تلك الشخصية، رغم ما كان يُعرف به اليمن من تمسكه بعادات قبلية من شأنها تهميش المرأة؟

هناك عوامل ذاتية وعوامل أسرية وأخرى مجتمعية، إيمان الإنسان بقدراته وطموحة عوامل لنجاحه، كما أن تربيته وسط أسرة مثقفة مناضلة تؤمن بالفكر العروبي ساهم في صنع شخصيتي، كما أن الحراك السياسي والحقوقي والمدني لما بعد قيام الجمهورية اليمنية والانخراط فيه جعل مني هذه الشخصية التي تسألين عنها.

كيف تقيّمين وضع المرأة اليمنية ودورها في الصراع الدائر بين الشرعية وبين مليشيات الحوثيين الإرهابية؟

تراجع وضع المرأة منذ الانقلاب على الدولة، واستمرار الحرب الأهلية منذ 21 سبتمبر 2014م وحتى اليوم في كثير من المجالات ومع ذلك ما زال نضال المرأة اليمنية مستمرا، في كافة المجالات من ربة البيت إلى المناضلة في جبهات العمل الحكومي والخاص والمدني، ثم إنه لا مقارنه بين وضع المرأة التي تعيش في مناطق الشرعية في كنف دولة تضمن لها حقوقا وحريات، بينما المرأة التي تعيش في المناطق التي تسيطر عليها الحوثي مسلوبة الحقوق والحريات ومنتهكة.

ماذا عن الرجل اليمني هل يتقبل وجودها كعنصر مشارك وفاعل في هذا الصراع؟

الرجل اليمني رجل شرقي، من يتقبل وجود المرأة كعنصر مشارك وفاعل ليس في الصراع، ولكن في البناء والإعمار والنضال المدني لانتزاع الحقوق واستعادة الدولة المنهوبة من قبل المليشيات، وآخر لا يسمح لها بأي مشاركة سوى أن تكون ربة بيت.

قد ينظر البعض إلى زواج القاصرات على أنه فجيعة، لكن إذا ما تعمقنا فيما تعانيه المرأة اليمنية لوجدنا أنها تناضل على جبهات عدة.. أيمكنك الحديث عن أكبر ما تقابله اليمنية من تحديات؟

 التحديات التي تقابلها المرأة اليمنية كبيرة وظاهرة زواج القاصرات إحدى أهم هذه المشاكل التي تواجه المرأة والأسرة معًا، فالمرأة اليمنية ما زالت تناضل من أجل الحصول على حقها في التعليم والصحة والتمكين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أبرزها المشاركة في صنع القرار.

تنوعت أشكال انتهاكات مليشيات الحوثي ضد الإعلاميين بين خطف وقتل وتشريد، بينما يظهر مؤشر حرية الصحافة الذي تصدره “مراسلون بلا حدود” -والذي يُقيِّم ظروف ممارسة المهنة في 180 دولة- اليمن في المركز 169.. كيف تعملون في مثل هذه الظروف شديدة الصعوبة على الرجال قبل النساء، بل وكيف تتفادون استهداف تلك المليشيات لكم؟

 من الطبيعي أن ينحدر مؤشر حرية الصحافة في اليمن إلى الأسوأ، كنتيجة طبيعية للانقلاب والحرب وما تمارسه المليشيات من اعتقال وتعذيب وقتل للصحفيين، وعندما نتكلم عن الصحفيين اليمنيين فإننا نعني النوعين: الرجال والنساء، وإن كان وضع الصحفيات أكثر سوءا في ميدان العمل ومن الصعوبة تفادي استهداف تلك المليشيات إلا بالنزوح من مناطقها إلى مناطق خارج سيطرتها، فهناك كثير من الزميلات تعرضن للانتهاكات في ظل الصراع الدائر باليمن ومن كل الأطراف.

كيف يمكن لحكومة اليمن الاهتمام بقضية هامة كالتغيرات المناخية وسط ما تخوضه من صراع مع مليشيات الحوثي ومن خلفها إيران؟

على الحكومة اليمنية بدعم دول التحالف العربي خصوصا السعودية والإمارات، أن تهتم بالمتغيرات المناخية خصوصا في مناطقها الساحلية التي يعاني سكانها حرارة المناخ وانعدام الكهرباء وانتشار الأوبئة التي تفتك بهم، كما يجب أن تتم حسم المعركة مع المليشيات الحوثية المدعومة من إيران سلما أو حربا ومن ثم التفرغ للبناء وإعادة الأعمار.

جميع الإحصائيات تقول إن اليمن يزداد فقرًا ويهجر تلاميذه مقاعد الدراسة، بل تتوقع الدراسات ارتفاع أعداد القتلى إلى ما يزيد على مليون.. برأيك كيف يمكن إنقاذ الوضع؟

  لا يمكن إنقاذ الوضع في اليمن إلا بتوفر الإرادة الإقليمية والدولية لمساعدة اليمن، واستعادة دولته من براثن مليشاوية إيرانية الصنع والأداة سلما أو حربا وبأسرع ما يمكن، وإلا فإن الحرائق الإيرانية ستتسع متجاوزة اليمن إلى الإقليم والعالم.

وسط ما يمر به اليمن، بدت بارقة أمل تتمثل في تعيين مجلس رئاسي جديد، ضم كوادر فاعلة ومؤثرة في مشهد الأحداث.. تقييمك لتلك الخطوة، وهل يمكن التعويل عليها في خلق يمن جديد سعيد مثلما كان؟

تشكيل المجلس الرئاسي، الجامع لكل المكونات المناهضة لجماعة الحوثي كعصابة مليشاوية انقلبت على الدولة وسيطرت على مؤسساتها، كان بادرة أمل وفرصة قد تكون الأخيرة لحل خلافات مكونات الشرعية، والعمل على استعادة الدولة والجمهورية والحرية والكرامة، وبناء دولة وطنية ديمقراطية مدنية ضامنة يسودها القانون وأساسها الشراكة والمشاركة بين كل أبناء اليمن، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح وقد استبشر بها اليمنيون والجميع يعول عليها خصوصًا أنها انطلقت من نقطة توافقية.

كيف يعيش ويتعايش من يقع تحت طائلة الحوثيين من الشعب اليمني؟

الشعب اليمني الذي يعيش في مناطق الحوثي، لا يمكن وصفه بالمتعايش مع هذه المليشيات فهناك رفض شعبي رغم جبروت تلك المليشيات على كافة المستويات، والخلاص سيكون على أيديهم قريبا بانتفاضة شعبية عارمة إذا لم تستجب مليشيا الحوثي لدعوات السلام والسلم الاجتماعي والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، من أجل الوصول إلى السلطة أو المشاركة بها. 

برأيك لماذا يتغاضى المجتمع الدولي عن جرائم الحوثيين داخل اليمن؟

يتغاضى المجتمع الدولي عن الجرائم الحوثية داخل اليمن، لأن هذه الجماعة الحوثية وجدت من أجل تنفيذ أجندات بعض صناع القرار في هذا المجتمع الدولي، ولأن ناشطي الحوثي يشتغلون في أروقة المجتمع الدولي كمظلومين!

منذ أيام أعلنت الأمم المتحدة أن الحوثيين وافقوا على تخليص صفوفهم من "الأطفال المجندين"، الذين قاتلوا بالآلاف طيلة 7 سنوات من الحرب.. برأيك هل يصدقون في وعودهم ويفرجون عن الأطفال؟

 سنوات الحرب السابقة أثبتت أن الحوثين لا يصدقون في وعودهم، ومع ذلك على المجلس الرئاسي والتحالف العربي خصوصًا، في ظل الضغوطات الدولية أن يمنحوه فرصة، حتى تستنفد حججه، أثبت الحوثيون أنهم لا يريدون سلاما ولأن السلام يعني تسليم الدولة للقيادة الشرعية فهم يستمرون بالحرب، وعليه فإنهم سوف يستمرون في تجنيد الأطفال لسهولة التأثير عليهم وتجييشهم ليكونوا وقود المعارك.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية