محاكمة استمرت 10 دقائق.. حكم إعدام على مسنّة يثير الجدل في إيران
محاكمة استمرت 10 دقائق.. حكم إعدام على مسنّة يثير الجدل في إيران
أصدرت محكمة الثورة في مدينة رشت شمالي إيران حكمًا بالإعدام على السجينة السياسية زهرا شهباز طبري البالغة من العمر 67 عامًا، بعد إدانتها بتهمة "التعاون مع جماعات معارضة للنظام"، في خطوة أثارت موجة غضب واسعة بين الأوساط الحقوقية والمدنية داخل إيران وخارجها.
أعلنت منظمة "هرانا" المعنية بحقوق الإنسان في إيران، في بيان لها، الأحد، أنّ الحكم صدر رغم "محدودية الأدلة وانعدام مصداقيتها".
وأوضحت المنظمة أنّ قاضي الفرع الأول لمحكمة الثورة في رشت، أحمد درويش كفتار، أصدر حكم الإعدام خلال جلسة محاكمة افتراضية عبر تقنية الفيديو، في غياب محامٍ مستقل للدفاع عن المتهمة.
وذكرت منظمة "هنغاو" الحقوقية أنّ التهمة الموجهة إلى شهباز طبري تتعلق بـ"التعاون مع منظمة مجاهدي خلق"، وهي تهمة طالما استخدمتها السلطات الإيرانية ضد معارضين سياسيين ونشطاء مدنيين.
وتُعدّ هذه المنظمة من أبرز حركات المعارضة الإيرانية في المنفى، وتتهمها طهران بمحاولة تقويض النظام منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ناشطون يحذرون من القمع
وقّع نحو 800 ناشط مدني وثقافي وسياسي بيانًا مشتركًا، يوم الجمعة الماضي، حذّروا فيه من أنّ النظام الإيراني يحوّل عقوبة الإعدام إلى "أداة للسيطرة السياسية".
واعتبر الحقوقيون الموقعون على البيان، أن الإعدام لم يعد وسيلة لتحقيق العدالة بل "امتداد للعنف المنهجي واعتراف بالعجز عن الإصلاح الاجتماعي".
ويأتي هذا البيان في وقت تواجه فيه إيران انتقادات دولية متصاعدة بسبب ارتفاع معدلات تنفيذ أحكام الإعدام، خاصة بعد الاحتجاجات التي اندلعت عقب مقتل الشابة مهسا أميني عام 2022، والتي دفعت السلطات إلى شن حملة اعتقالات واسعة ضد المتظاهرين والناشطين والصحفيين.
محاكمة لم تتجاوز 10 دقائق
وصفت عائلة زهرا شهباز طبري جلسة محاكمتها بأنها "صورية وغير قانونية"، وأوضح نجلها في مقابلة مع منظمة "هرانا" أنّ إجراءات المحاكمة استغرقت "أقل من عشر دقائق"، مشيرًا إلى أنّ والدته "لم تتمكن من توكيل محامٍ مستقل"، وأن المحامي المعيّن من قِبل القضاء "أقرّ بالحكم دون أي دفاع حقيقي".
وأكد نجلها أنّ القاضي أعلن الحكم بابتسامة، في حين بدا المحامي متواطئًا في المسرحية القضائية، مضيفًا أنّ والدته "لم يكن لها أي ارتباط بأي تنظيم سياسي أو معارض، وكل التهم مفبركة بالكامل".
ونقلت المنظمة الحقوقية عن أقارب السجينة أنّ الأدلة التي استندت إليها المحكمة "محدودة وعديمة المصداقية"، إذ لم تتضمن سوى قطعة قماش مكتوب عليها شعار "المرأة، الحياة، الحرية"، وتسجيل صوتي غير منشور.
وأكدت العائلة ألا وجود لأي نشاط تنظيمي أو عسكري يبرر هذه التهمة.
وأوضح نجلها أنّ الأجهزة الأمنية "حاولت إلصاق تهم إضافية مثل حيازة السلاح"، واصفًا الأمر بـ"العبثي" نظرًا إلى سن والدته وسيرتها المهنية والأكاديمية البعيدة عن أي عمل سياسي.
مسيرة أكاديمية ومهنية
تحمل شهباز طبري شهادة الماجستير في هندسة الطاقة المستدامة من جامعة بوروس السويدية، وهي مهندسة كهرباء وخريجة جامعة أصفهان الصناعية وعضو في منظمة النظام الهندسي الإيرانية.
سبق أن اعتُقلت سابقًا بسبب منشورات سلمية على وسائل التواصل الاجتماعي، واحتُجزت ثلاثة أشهر قبل الإفراج عنها مع فرض سوار إلكتروني للمراقبة.
وفي 17 أبريل الماضي، داهمت قوات الأمن منزلها في مدينة رشت، واعتقلتها وصادرت حاسوبها وهاتفها وعددًا من متعلقاتها الشخصية، لتنقلها إلى سجن لاكان حيث تم احتجازها منذ ذلك الحين في ظروف توصف بأنها "قاسية وغير إنسانية".
مهلة قصيرة للطعن
أكدت منظمة "هرانا" أنّ زهرا شهباز طبري تملك سبعة أيام فقط لتقديم استئناف ضد الحكم الصادر بحقها، وهو ما يثير قلق المنظمات الحقوقية من احتمال تنفيذ الإعدام قبل النظر في الطعن.
ويُذكر أنّ السلطات الإيرانية نفّذت في يوليو الماضي حكم الإعدام بحق السجينين السياسيين مهدي حسني وبهروز إحساني إسلاملو بالتهمة نفسها، في سياق حملة متصاعدة ضد المعارضين.
وتواصل المنظمات الحقوقية الدولية، ومنها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، توجيه نداءات عاجلة لإيران لوقف تنفيذ أحكام الإعدام ضد السجناء السياسيين، واعتبار هذه الأحكام انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
ويرى مراقبون أنّ النظام الإيراني يستخدم القضاء ذراعاً أمنية لترهيب المجتمع وكبح أي حراك شعبي محتمل، خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وتزايد الغضب الشعبي.











