أزمة بيئية متفاقمة.. تلوث الهواء يؤخر العمل ويغلق المدارس في إيران

أزمة بيئية متفاقمة.. تلوث الهواء يؤخر العمل ويغلق المدارس في إيران
تلوث الهواء في إيران - أرشيف

أعلنت السلطات الإيرانية عن تحويل الدراسة في الفترة الصباحية إلى النظام "عن بُعد" في ست مدن من محافظة خوزستان جنوبي البلاد، كما قررت تأخير بدء العمل في الدوائر الحكومية والجامعات ساعتين ونصف الساعة، وذلك نتيجة ارتفاع مستويات تلوث الهواء إلى معدلات غير صحية.

وأفادت شبكة “إيران إنترناشيونال”، اليوم الاثنين، استنادًا إلى بيان لجنة تلوث هواء محافظة خوزستان، أن المدن المشمولة بالقرار هي: دشت آزادغان، شوشتر، حميدية، أهواز، باوي، وكارون.

وأوضح بيان لجنة تلوث الهواء، أن "ارتفاع التلوث الصناعي والزراعي، إضافة إلى حرائق اندلعت في القسم العراقي من هور العظيم (هور الحويزة)"، أدّى إلى انتشار الدخان الكثيف في أجواء النصف الغربي من المحافظة، ما استدعى اتخاذ هذه الإجراءات الوقائية.

مدارس عن بُعد

وأكدت اللجنة أن الدوام في الجامعات والدوائر الحكومية سيبدأ عند الساعة التاسعة والنصف صباحًا، في حين ستستمر الأجهزة الصحية والإغاثية والخدمية بعملها بشكل طبيعي، مشيرة إلى أن آلية عمل البنوك ستُعلن لاحقًا بناءً على قرار مجلس تنسيق البنوك في المحافظة.

وطلبت اللجنة من سكان المدن الست تجنّب الخروج غير الضروري إلى الهواء الطلق، حرصًا على صحتهم، والالتزام بالإرشادات الصحية والبيئية المعلنة.

وأظهرت بيانات رصد جودة الهواء الصادرة يوم الجمعة الماضي، أن مدينة الحويزة سجّلت مؤشراً بلغ 158 نقطة، وهو معدل يصنَّف بأنه "غير صحي لجميع الفئات"، لتصبح بذلك أكثر مدن خوزستان تلوثاً في الوقت الراهن.

وكان مقر إدارة الأزمات في المحافظة قد أعلن في 20 أكتوبر الجاري، أن المدارس في الحويزة ستعمل عن بُعد في الفترة الصباحية، في حين تعتمد الدوائر الحكومية نظام العمل الإلكتروني؛ بسبب ارتفاع الملوثات والدخان الناتج عن اشتعال ذاتي في الجزء العراقي من هور العظيم، أحد أهم الأهوار المشتركة بين البلدين.

أزمة بيئية تتجاوز خوزستان

لم تقتصر أزمة التلوث على خوزستان وحدها، إذ امتدت إلى العاصمة طهران ومدن أخرى في شمال وغرب البلاد، فقد أعلنت شركة مراقبة جودة هواء طهران أن العاصمة شهدت منذ مطلع العام الحالي 115 يومًا من الهواء المقبول، و85 يومًا من الهواء الملوث للفئات الحساسة، و8 أيام من الهواء الملوث لجميع السكان، في حين لم تُسجل سوى 6 أيام فقط من الهواء النقي.

وفي تبريز، أُعلنت حالة "هواء غير صحي للفئات الحساسة" في 13 أكتوبر، ودعا رئيس إدارة البيئة في المدينة ناصر منو شهري المسنين والأطفال والمرضى إلى البقاء في المنازل لتجنب التعرّض للملوثات.

وفي الوقت الذي تُغلق فيه المدارس والجامعات والبنوك في حالات التلوث الشديد، تواصل المصانع والشركات العاملة في المناطق الصناعية نشاطها المعتاد. وقد أثار ذلك انتقادات واسعة في وسائل الإعلام الإيرانية التي تساءلت عن سبب استثناء عمال القطاع الخاص من "عطلات التلوث".

وذكرت وكالة إيلنا في تقرير سابق أن "عدم منح العمال إجازات أو تعويضات مالية عن العمل في ظروف ملوثة يُعد استغلالًا واضحًا، ويتنافى مع حقوقهم القانونية"، مؤكدةً أن هذا السلوك يستدعي المساءلة أمام الجهات القضائية وهيئات حلّ النزاعات العمالية.

أزمة تلوث تتفاقم 

تواجه إيران منذ أعوام أزمة بيئية متفاقمة، إذ تسجل مستويات التلوث في العديد من المدن الكبرى معدلات خطيرة، نتيجة النمو الصناعي العشوائي، واحتراق الوقود منخفض الجودة، وازدياد حركة السيارات، فضلًا عن العواصف الغبارية القادمة من العراق ودول الجوار.

وتُعد محافظة خوزستان من أكثر المناطق تضررًا، كونها تضم منشآت نفطية وصناعية ضخمة، بالإضافة إلى الأهوار المشتركة مع العراق التي تشهد حرائق موسمية متكررة تؤدي إلى تصاعد كميات هائلة من الدخان والغبار.

ورغم خطورة الوضع، لم تقدّم السلطات الإيرانية بعد خطة وطنية شاملة لمعالجة أزمة التلوث، وتطالب منظمات البيئة داخل البلاد بتشديد الرقابة على المصانع، وتحسين نوعية الوقود، وتطوير النقل العام، وإعادة إحياء الأهوار لحماية النظم البيئية التي تشكّل خط الدفاع الأول ضد الغبار والدخان.

ويحذّر خبراء البيئة من أن استمرار تجاهل الأزمة سيجعلها "أخطر تهديد صحي وبيئي يواجه إيران خلال العقد القادم"، في ظل ازدياد أمراض الجهاز التنفسي وارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية