من كابول إلى الأمم المتحدة.. نيلا إبراهيمي فتاة أفغانية كسرت جدار الصمت من أجل حق التعليم

من كابول إلى الأمم المتحدة.. نيلا إبراهيمي فتاة أفغانية كسرت جدار الصمت من أجل حق التعليم
نيلا إبراهيمي

في أفغانستان ذلك البلدٍ الذي ما زالت فيه أحلام الفتيات تُحاصر خلف الجدران، خرج صوت نيلا إبراهيمي ليخترق الصمت، ويصل إلى أعلى منصة في العالم. فتاة أفغانية في السابعة عشرة من عمرها، حوّلت القيود إلى حافز، والخوف إلى طاقة، لتصبح واحدة من 17 قائدًا شابًا اختارتهم الأمم المتحدة لعام 2025 للعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفق شبكة "أفغانستان إنترناشيونال".

من كابول إلى الأمم المتحدة

نيلا، التي لم تولد في بيئة تُشجع على الحلم، وجدت في التعليم نافذتها إلى العالم، عاشت طفولتها وسط اضطرابات وصراعات حرمت كثيرات من حق التعلم، لكنها آمنت أن المعرفة أقوى من الخوف، وأن الكلمة يمكن أن تهزم القيود.

رحلتها بدأت بمبادرة بسيطة أطلقتها عبر الإنترنت لتشجيع الفتيات على القراءة والكتابة، ثم تحولت هذه المبادرة لاحقًا إلى منظمة تحمل اسم "قصتها"، وهي منصة تُعنى بسرد قصص النساء والفتيات في المجتمعات المهمشة، وتمكينهن عبر التعليم والتعبير الإبداعي.

اعتراف عالمي برسالة إنسانية

في العام الماضي، فازت نيلا بجائزة السلام الدولية للأطفال تقديرًا لجهودها في الدفاع عن حق الفتيات في التعليم، متفوقة على 165 مرشحًا من 47 دولة. واليوم، تعود إلى الأضواء من جديد بعد اختيارها ضمن قائمة قادة الشباب بالأمم المتحدة لعام 2025، وهي مبادرة تُكرّم القادة الشباب الأكثر تأثيرًا في مجتمعاتهم حول العالم.

تقول نيلا في منشور لها على منصة إنستغرام:"سأتعاون مع الأمم المتحدة لإيصال صوت الفتيات الأفغانيات إلى العالم، ولأثبت أن أحلامهن لا يمكن أن تُمنع، حتى لو أُغلقت المدارس في وجوههن".

الفتاة التي حملت أصوات الصامتات

في رسالتها، لا تتحدث نيلا عن نفسها فقط، بل عن جيل كامل من الفتيات اللاتي حُرمن من التعليم بعد قرارات حرمت الطالبات من دخول الجامعات والمدارس في أفغانستان.

تستخدم نيلا "السرد القصصي" كأداة مقاومة سلمية، تجمع قصص الفتيات وترويها للعالم، مؤمنة بأن مشاركة القصة هي أول خطوة نحو التغيير، وتقول: "قصتي ليست استثناءً، بل انعكاساً لقصص آلاف الفتيات في أفغانستان وغيرها اللواتي ينتظرن فرصة ليقلن نحن هنا".

شابة من الجيل الذي لا يعرف المستحيل

اختيار نيلا ضمن قائمة الأمم المتحدة لعام 2025 جاء من بين أكثر من 33 ألف طلب ترشيح من أكثر من 150 دولة، ما يعكس مدى تأثيرها في الدفاع عن حق الفتيات في التعليم وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.

تقول الأمم المتحدة إن القادة الشباب الذين تم اختيارهم تتراوح أعمارهم بين 16 و33 عامًا، وهم مؤسسون ونشطاء وصنّاع سلام ورواد أعمال، يشاركون في مشاريع تنموية وإنسانية في مجالات البيئة، التعليم، المساواة، والسلام.

من المحلية إلى العالمية

خلال العامين المقبلين، ستعمل نيلا بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة وشركائها لتعزيز الوعي بأهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف الرابع (التعليم الجيد)، والخامس (المساواة بين الجنسين).

تؤمن بأن الشباب قادرون على قيادة التغيير، وأن العمل الجماعي يمكن أن يخلق واقعًا أكثر عدلاً وإنسانية.

 "أريد أن أقول للعالم إن الفتاة الأفغانية ليست ضحية، بل صانعة أمل، عندما تُمنع من دخول المدرسة، تجد طريقًا آخر للتعلّم، وحين تُغلق الأبواب، تفتح نافذة في قلبها للضوء".

رسالة نيلا إلى العالم

تحلم نيلا بيومٍ لا يُضطر فيه أي طفل أو فتاة إلى القتال من أجل حقهم في التعليم، تحلم بمجتمع يرى في المرأة شريكة لا تابعة، وفي الطفلة قائدة محتملة لا عبئًا.

تقول في إحدى كلماتها: "التعليم ليس امتيازًا، بل حقاً أساسياً، حين تتعلم الفتيات، يتغيّر مستقبل الأمم بأكملها".

ورغم التحديات السياسية والاجتماعية في بلدها، تواصل نيلا نشاطها من داخل وخارج أفغانستان، مدعومة بشبكة من المتطوعين الشباب الذين يؤمنون برسالتها، بالنسبة لها، هذا الاختيار الأممي ليس تتويجًا شخصيًا، بل تكريمًا لكل فتاة حاربت من أجل أن تكتب حرفًا، أو تحلم بمستقبل أفضل.

الشباب وأهداف التنمية المستدامة

أطلقت الأمم المتحدة في عام 2015 خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وهي إطار عالمي يضم 17 هدفًا تهدف إلى القضاء على الفقر، وتحقيق المساواة، وضمان التعليم الجيد، وتعزيز السلام، وحماية الكوكب.

ومنذ عام 2016، تخصص الأمم المتحدة برنامج "قادة الشباب" لتكريم الشباب من مختلف أنحاء العالم الذين يساهمون بجهود ملموسة في تحقيق هذه الأهداف، باعتبارهم القوة المحركة للتغيير الإيجابي.

تؤكد المنظمة أن إشراك الشباب في القضايا التنموية والبيئية والإنسانية ليس خيارًا بل ضرورة، لأنهم يمثلون أكثر من نصف سكان العالم، ولأن رؤيتهم المبدعة قادرة على تجاوز الحلول التقليدية وصياغة مستقبل أكثر استدامة وعدلاً.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية