آنا أوليفيرا.. السيدة التي رفضت الصمت

آنا أوليفيرا.. السيدة التي رفضت الصمت
الناشطة البرازيلية آنا باولا غوميز دي أوليفيرا

فازت الناشطة البرازيلية آنا باولا غوميز دي أوليفيرا بجائزة مارتن إينالز لعام 2025، أرفع الجوائز العالمية في مجال حقوق الإنسان، والمعروفة بأنها "نوبل المدافعين عن الكرامة الإنسانية"، لم تكن الجائزة مجرّد تقدير لجهدٍ فردي، بل اعترافاً عالمياً بصوت الأمهات في البرازيل اللائي يطالبن بالعدالة لأبنائهن الذين سقطوا ضحايا لعنف الشرطة والعنصرية البنيوية.

بدأت رحلة آنا باولا من جرحٍ عميق لا يندمل، فقبل سنوات، فقدت ابنها البالغ من العمر 19 عامًا بعدما أطلق عليه شرطي عسكري النار أثناء عودته من زيارة صديقته في حي "مانغوينيوس" بمدينة ريو دي جانيرو.

كشف الانتهاكات ومقاومتها

تحوّل هذا الألم الشخصي إلى دافعٍ لإنشاء حركة "أمهات مانغوينيوس" التي جمعت أمهات وفتيات فقدن أبناءهن بالطريقة ذاتها، لتصبح الحركة اليوم من أبرز الأصوات التي تكشف انتهاكات العنصرية المنهجية التي تطال الشباب من ذوي البشرة السوداء في البرازيل.

في بلدٍ يتجذر فيه العنف الطبقي والعرقي، استطاعت آنا باولا أن تحوّل قصص الحزن إلى فعلٍ جماعيّ، وتخاطب العالم بلغة العدالة والكرامة، مطالبةً بوقف القتل والإفلات من العقاب، وبنظامٍ أمنيّ يحمي ولا يقتل.

رمز لنضالٍ نسويّ

من خلال نشاطها المجتمعي، ربطت آنا بين المأساة الفردية والمسؤولية الجماعية، لتصبح رمزًا لأمهات البرازيل، ووجهًا لنضالٍ نسويّ أسود يقاوم التهميش والتمييز.

أعلنت لجنة جائزة مارتن إينالز عن فوز آنا باولا تقديرًا لشجاعتها الاستثنائية في الدفاع عن حقوق الإنسان في واحدة من أكثر البيئات خطورة على الناشطين. 

وأشارت اللجنة إلى أن عملها يمثل "نداءً إنسانيًا ضد العنف العنصري الذي يهدد مستقبل أجيال كاملة في البرازيل".

الجائزة التي تشرف عليها منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان، تُمنح سنويًا لمدافعين يخاطرون بحياتهم من أجل العدالة، وقد وُصفت آنا بأنها "الأم التي حوّلت الألم إلى حركة عالمية".

ضرورة إنسانية

بالنسبة إلى آنا، لم يكن النضال خيارًا سياسيًا بل ضرورةً إنسانية، حيث تقول في أحد تصريحاتها: "عندما تولدين سوداء وتعيشين في فافيلا بالبرازيل، تكونين هدفًا لنظامٍ عنصريّ لا يرى فينا سوى خطرٍ محتمل، لكننا سنواصل المقاومة، لأن حياة أبنائنا تستحق العدالة".

من خلال كلمتها ورسالتها، تدعو آنا إلى إصلاحٍ شامل في السياسات الأمنية بالبرازيل، وإلى تضامنٍ عالميّ حقيقيّ مع ضحايا التمييز والعنف الممنهج.

قصة آنا باولا غوميز دي أوليفيرا ليست فقط عن أمٍ فقدت ابنها، بل عن امرأةٍ اختارت أن تفتح الباب لآلاف الأمهات ليتحدثن بفوزها بجائزة مارتن إينالز، أصبح اسمها عنوانًا للأمل والعدالة، ورمزًا للمقاومة الهادئة التي تصنع التغيير من قلب الألم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية